فى الوقت الذى يزعم نظام العسكر المتطرف إلى محاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة التى تفتت نسيج المجتمع، يُتضح ان معظم الدعوات التى تؤجج الفتن وتنشر الفحشاء بالشارع المصرى تخرج من داخل عبائة النظام نفسه. فقد طالبت نائبة مسيحية في مجلس النواب بحرق كتب "تُدرس في الأزهر" بدعوى أنها تنشر الإرهاب والتطرف، في وقت جدَّد فيه المفتي السابق لمصر والموالى للنظام الدكتور علي جمعة، دعوته إلى طاعة الحاكم الظالم، وعدم الخروج عليه، في إشارة ضمنية إلى قائد نظام العسكر عبد الفتاح السيسي. وتأتي دعوة النائبة بعد أيام على مصرع قرابة ثلاثين مسيحيا، وإصابة آخرين، في هجوم على زائري أحد الأديرة بمحافظة المنيا، يوم الجمعة الماضي، أعلن "تنظيم الدولة" مسؤوليته عنه، بينما تأتي دعوة "جمعة" في سياق حملة غير مباشرة لدعم السيسي استعدادا لخوضه الانتخابات الرئاسية المزمعة في العام المقبل 2018. وفي مفاجأة لا تتسق مع حُرمة شهر رمضان، طالبت النائبة المسيحية في مجلس النواب عن قائمة "حب مصر" الموالية للسيسي، منى منير، بحرق جميع الكتب التي تضم أفكارا متطرفة، ومحرضة على العنف، وتضم فتاوى مضللة، وتُدرَّس لطلاب الأزهر، على أن يتم ذلك أمام مبنى البرلمان، على حد قولها. وفي كلمتها بالجلسة العامة للمجلس، لمناقشة الحادث الأخير بالمنيا، أضافت منى منير: "إحنا بنمثل عن الشعب، وبنضحك على نفسنا، لازم نعرف أن 90% من أصحاب الأفكار المتطرفة بالمنيا متخرجين من المعاهد الأزهرية". وأثار ما طالبت به النائبة، غضبا كبيرا، في الأوساط النيابية والإعلامية والأزهرية، لا سيما أنها سبق أن اقترحت تعديل المناهج، وإلغاء قصة "وا إسلاماه"، المقررة على طلاب الثانوية، ووصفتها بأنها تحض على الإرهاب. وهي أيضا صاحبة اقتراح إخلاء العريش ورفح مؤقتا من المدنيين، وكذلك هي صاحبة تصريحات انتشار الشذوذ بمصر، التي أثارت جدلا واسعا في الشارع المصري. وفي مداخلة هاتفية مع برنامج "العاشرة مساء" عبر فضائية "دريم"، دافعت "منى منير" عن دعوتها ولم تتراجع، وقالت إن بعض الكتب التي يتم تدريسها في الأزهر تحرض على العنف والكراهية بشكل كبير، وبالتالي يجب حرقها بعد مصادرتها، معقبة: "مش باتكلم عن العقيدة، ما ليش دعوة بيها". وأضافت أن هناك الكثير من الكتب التي تُحرض على العنف تدرس في المرحلة الثانوية الأزهرية، ولا يجب تدريسها إلا لمتخصصين لمعرفة السياق التاريخي لمثل هذه الأحكام، مشيرة إلى أن كتب ابن تيمية التي تدرس في الأزهر يجب أن تمنع لأنها تحض على العنف والكراهية، ولا تعكس صحيح الدين، بحسب مزاعمها. لكن أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الدكتور عبد المنعم فؤاد، استنكر طلب النائبة حرق كتب الأزهر، واصفا منطقها بأنه "كلام مرسل، وفاضي، ودليل على جهل"، متسائلا: "هل تستطيع حرق تراث شكسبير، وغيره؟". وأضاف: "درستُ في الأزهر، ولم أر هذه الكتب التي تتحدث عنها النائبة، وبالتالي هذه مصيبة، وعليها أن تتعلم قبل أن تتكلم"، مطالبا بإحالتها للجنة القيم في المجلس. وأشار إلى أنها لا تملك الدليل على طلبها بحرق الكتب التي يتم تدريسها في الأزهر، كما أنه في الوقت الذي يدعو فيه شيخ الأزهر، لإصدار قانون لمنع الكراهية؛ تخرج النائبة، وتدعو لحرق كتب الأزهر بحجة أنها تدعو للعنف. في المقابل، عجزت النائبة عن الإتيان بدليل على صحة زعمها مكتفية بالقول إن هناك كتابا يدعى (ابن شجاع) يُدرس في الأزهر، ويحض على العنف. لكن الأستاذ الأزهري ردَّ قائلا: "عندي كتاب (الإقناع) لكن ما فيش حاجة اسمها (ابن شجاع)، وهذا الكلام دليل على الجهل بما يوجد في الأزهر". وأضاف: "النائبة لا تملك دليلا ولا ورقة واحدة.. عيب يا سيادة النائبة، وعليكِ أن تبحثي، وتتعلمي قبل أن تتكلمي".