اشتد الصراع بين مؤسسة الأهرام، ورئيس مجلس إدارتها المستقيل مؤخرًا، الدكتور أحمد السيد النجار، وقررت المؤسسة فى بيان صادر عنها اليوم الثلاثاء، أنها سوف تتخذ كامل الاجراءات ضد تصريحات "النجار" الأخيرة، والتى أدلى بها بفضائية دريم، والتى تحدث فيها عن تجارة المخدرات داخل المؤسسة، على الرغم من توضيحه لتلك المسألة التى قال فيها أن من ثبت تعاطيه إلخ تم تحويله إلى التحقيق. وكان "النجار" قد كشف فى لقاء متلفز، عدد من الأسرار التى تعلقت باستقالته من مؤسسة الأهرام، مشيرًا إلى أن الاستقاله قد تقدم بها العام الماضى، بعد كشف قضية جزيرتى تيران وصنافير، على حد قوله. وعزا النجار منع مقاله الذي كان يؤكد مصريتهما من النشر في الجريدة، في ذلك الوقت، إلى تدخل "أجهزة الدولة"، وذلك في إشارة إلى جهاز المخابرات العامة التابع لإشراف رئاسة النظام، واصفا السيسي بأنه كان "مرشح الدولة" في الانتخابات الرئاسية عام 2014. وفي حواره قال النجار: "قدَّمت استقالتي سابقا في 13أبريل عام 2016 لرئيس المجلس الأعلى للصحافة وقتها، جلال عارف، وكان سبب تقديمي لها اختلاف موقفي مع موقف النظام السياسي في ما يتعلق بقضية تيران وصنافير". واعتبر النجار "تيران وصنافير" قضية جوهرية.. أرض وطن"، مشيرا إلى أن استقالته (التي رُفضت وقتها) جاء نصها كالتالي: "رفعا عن الحرج عن النظام السياسي، وعن المجلس الأعلى للصحافة، وحماية لمؤسسة الأهرام من أي نوع من أنواع التربص أو الترصد أو التحيز ضدها؛ نتيجة مواقفي السياسية.. فأنا أتحمل هذه المواقف، وأتقدم بالاستقالة". وأضاف النجار، الذي ينتمي إلى التيار الفكري الماركسي، أنه هو الذي فجَّر القضية قبل الإعلان عن الاتفاقية بشأنها (اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بتاريخ 9 أبريل 2016)، وذلك عبر تدوينة بحسابه على موقع "فيسبوك"، بعنوان "سلاما لحدود مصر من تيران وصنافير إلى السلوم". وأضاف أنه بعدها بيومين تم إعلان الاتفاقية، فكتب تدوينة أخرى بعنوان "تيران وصنافير وفقه تأسيس الأوطان"، أوضح فيها لماذا الجزيرتان مصريتان قلبا وقالبا، وتاريخا قديما ووسيطا وحديثا؟"، على حد وصفه. وكشف أنه تعرض لمنع نشر مقاله في جريدته "الأهرام"، فقام بنشره على حسابه بموقع "فيسبوك"، مؤكدا أن المقالة حققت معدل نشر "قدر الأهرام والأخبار والجمهورية مع بعض"، بحسب وصفه. وبينما أشار إلى أن رئيس التحرير الحالي (محمد عبد الهادي علام) لم يكن ليجرؤ على منع نشر مقالته تلك، إلا أنه اتهم ما اعتبره "أجهزة الدولة" (يقصد المخابرات التابعة للإشراف المباشر من السيسي) بأنها هي المسؤولة عن منع مقاله، قائلا: "الموضوع أجهزة الدولة". ووصف نجار المقال (الممنوع) بأنه لم يكن عندا في أحد، مضيفا أن الموضوع انتصار للحقيقة وللعلم ولمصلحة الوطن. وكشف عن "شخص يتاجر في المخدرات لصالح زملائه في الأهرام، ويأتي بأقراص ومخدرات"، وآخر اختلس أموالا منها، رافضا التصريح باسميهما. وأكد أن "عمليات الفصل والمنع اللي أخدتها كان لابد منها، يعني لما يبقى في حد بيتاجر في المخدرات جوه المؤسسة، وفيه نماذج كثيرة على فكرة في كل مؤسسات الصحافة في مصر بتتاجر في المخدرات جواها، عشان كده كنت بتعامل بحسم في المواضيع اللي زي دي، وكمان لما يبقى فيه حد سارق، واستولى على أموال خاصة بالمؤسسة، صحيح أسرته تصالحت ودفعت اللي أخده بس لازم يتفصل".
وأوضح أنه يعمل أكثر من 800 صحفي في صحيفة الأهرام، ساخرا من ذلك بقوله: "رقم قياسي عالمي غير قابل للتحطيم"، مشيرا إلى أن الصحيفة تصدر بثمانين صحفيا، نقلا عن رئيس التحرير. وأوضح ملابسات استقالته التي قدمها في الشهر الماضي من منصبه، وتم قبولها، فقال إنه لم يقدمها استباقا لإقالته بسبب أي تغيرات قادمة، لكنه قدمها لأنه لم يقبل أن يكون سكرتيرا في "الأهرام". وأضاف: "قدمت استقالتي اعتراضا على خطاب الهيئة الوطنية للصحافة"، معتبرا أن قرارها "غير قانوني" بشأن عدم اتخاذ رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية لأي قرارات بعد توليها مهام إدارة الصحف القومية. وتساءل: "رئيس مجلس الإدارة لا يتخذ أي قرارات.. هو بيعمل إيه؟"، مضيفا: "أنا لم أتعود على أن أكون في أي مكان: سكرتارية". وفى السياق ذاته أصدرت المؤسسة بيانًا اليوم والذى كان نصه كالآتى: تابع العاملون بمؤسسة الأهرام بكل أسف حديث السيد/ رئيس مجلس الإدارة المستقيل، مع إحدى القنوات الفضائية، مساء الإثنين الموافق الأول من مايو 2017،والذي تحدث فيه عن مرحلة رئاسته لمجلس إدارة المؤسسة، وما أشار إليه من إنجازات مالية وإدارية خلال هذه المرحلة. والواقع أننا كنا نأمل أن يرقى حديث السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل إلى مستوى مؤسسة الأهرام، أو الموقع الذي كان يشغله. وكنا نطمح أن نطوي هذه الصفحة بكل ما شهدته المؤسسة خلال هذه المرحلة من مشكلات وأزمات تكرست خلال فترة إدارته، مفضلين التركيز على مستقبل المؤسسة وما تواجهه من تحديات، إيمانا منا بأن المؤسسة، وما تمتلكه من مقومات عديدة أولها وأهمها العاملون بالمؤسسة الذين يمثلون قوتها ورافعتها الأساسية، قادرة على تجاوز هذه التحديات. إلا أنه للأسف الشديد لا يمكن السكوت عن المغالطات والتجاوزات التي تضمنها حديثه عن مؤسسة الأهرام أو العاملين بها. وإزاء هذا الوضع، وانطلاقا من إيماننا بأن مؤسسة الأهرام هي المؤسسة الصحفية القومية الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، تقدر حجم مسئوليتها التاريخية تجاه قرائها وتجاه جميع عملائها في مختلف القطاعات، فإننا نكتفي هنا فقط بوضع النقاط التالية أمام الرأي العام والمعنيين بمستقبل مؤسسة الأهرام، مؤكدين من قبل ومن بعد أننا مؤمنين بمؤسستنا، ومؤمنين بمستقبلها وقدرتها على مواجهة أية تحديات، بأيدي العاملين بها وبدعم دولتنا التي نفخر بالانتماء إليها. 1- بدأ السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل حديثه بالتأكيد على أنه جاء إلى موقعه كرئيس لمجلس إدارة المؤسسة في يناير 2014 "بقيمته" و"اسمه"، وإننا إذ نستنكر روح التعالي هذه على المؤسسة، فإننا نذكره بأنه يعمل بمؤسسة الأهرام منذ عقود وقبل توليه موقع رئيس مجلس الإدارة، وأنه إذا كان بنى "اسمه" أو "قيمته" التي يتحدث عنها فإن فضلها الأول يرجع إلى مؤسسة الأهرام. 2- إننا نرفض بشدة ما تضمنه حديثه عما زعمه عن تجارة المخدرات بالمؤسسة، وما تضمنه ذلك من تجاوز بالغ في حق المؤسسة والعاملين فيها، بل وصل حد المبالغة إلى تعميم ذلك على كافة المؤسسات الصحفية، الأمر الذي يضر باسم وتاريخ هذه المؤسسات التي شكلت جزءا من وعي وتاريخ الأمة المصرية. وإننا نؤكد اعتزازنا وإيماننا بمؤسستنا العريقة، واحترامنا وتقديرنا لجميع العاملين بها. كما أننا نرفض بشده ما جاء في حديثهأن "المؤسسة أصبحت نظيفة تماما"، وكأن المؤسسة لم تكن غير ذلك قبل توليه موقع رئيس مجلس الإدارة. وكان عليه أن ينتقي تعبيراته لترتقي إلى مستوى الموقع الذي كان يشغله وإلى مستوى مؤسسة تمتلك تاريخا يزيد عن 140 عاما أضافت إلينا جميعا. ونحتفظ بحق جميع العاملين في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية إزاء ما لحق بهم من تجاوز. 3- تحدث السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل عن تسديده جزءا من الديون المتراكمة التي ورثها عن رؤساء مجالس إدارة سابقين، ولكنه للأسف الشديديغفل دائما حجم الديون التي نشأت خلال فترة إدارته للمؤسسة، والتي ثبتت في خطاباته الموجهة إلى المجلس الأعلى للصحافة، ثم للهيئة الوطنية للصحافة، ولأن هذا الموضوع منظور أمام الهيئة الوطنية للصحافة، فإننا نكتفي هنا بالتأكيد على أن هذا الحديث يحمل الكثير من المغالطات التي سيتم بحثها داخل الهيئة الوطنية،والتي طلبت بالفعل من الجهات المعنية التحقيق في ذلك الأمر، للوقوف على حقيقة الأمور. 4- تحدث السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل عن دور الدولة وأجهزتها في خلق بعض المشكلات داخل المؤسسة، مثل منع نشر مقالاته بجريدة الأهرام، أو تعميق الأزمة المالية بالمؤسسة بسبب قرار تعويم الجنيه المصري. والواقع أن هذا الحديث لا يعدو كونه منحى تبريري. ونود أن نضع هنا بعض الحقائق التي كان يجب أن يكون السيد/ رئيس مجلس الإدارة المستقيل واعيا بها: أولا، أنه رغم المواقف السياسية الشخصية التي اتخذها خلال فترة توليه مسئولية إدارة المؤسسة، لم تلجأ الدولة إلى أي وسيلة لتغييرقيادة المؤسسةخارج إطار القانون، وذلك رغم تجاوزه مدته القانونية،وحالة الاحتقان التي كانت قائمة داخل المؤسسة، ورغم مطالبة العديد بتغييره، ومع ذلك فقدظل رئيس مجلس الإدارة المستقيلفي موقعه حتى قراره هو بالاستقالة. وكان يجب عليه أن يدرك من البداية طبيعة وحجم الموقع الذي كان يشغله، وما يفرضه عليه من التزامات. ثانيا، أنه رغم المواقف السياسية الشخصية التي اتخذها السيدرئيس مجلس الإدارة المستقيلخلال فترة توليه مسئولية إدارة المؤسسة، فقد ميزت الدولة بوضوح بين المواقف السياسية لشخص يشغل موقعا عاما والتزام الدولة بدعم المؤسسةخلال فترة توليه مسئولية إدارتها، وهو ما أكده الدعم المالي الذي حصلت عليها المؤسسة والذي بلغ مئات الملايين علما بأن هذا لم يحدث قبل توليه إدارة المؤسسة -ضمن الدعم الموجه لجميع المؤسسات الصحفية القومية- وهو موقف يقدره جميع العاملين بالمؤسسة ويكررون شكرهم للدولة لوقوفها بجانب مؤسستهم. ثالثا، لقد تناسى السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل أن قرار تعويم الجنيه المصري يعود إلى شهر نوفمبر 2016 فقط، ومع ذلك فقد عمد إلى تفسير المشكلات المالية بالمؤسسة إلى ذلك القرار، وهو أمر لا يجد تفسيره إلا في استخدامه قرار التعويم ك"شماعة" لتعليق العديد من سياساته وقراراته المالية والإدارية الخاطئة عليها. كما نسي أن هذا القرار جاء جزءا من برامج إصلاح اقتصادي ومالي على مستوى الدولة المصرية، لم تكن مؤسسة الأهرام هي المستهدفة منه، كما شكل جزءا من مناخ اقتصادي عملت فيه جميع مؤسسات الدولة، العامة والخاصة. وإزاء هذه المغالطات، والمنحى التبريري الذي لجأ إليه السيد رئيس مجلس الإدارة المستقيل، فإننانؤكد للرأي العام ولجميع عملاء المؤسسة داخل مصر وخارجها، ولجميع مؤسسات الدولة أيضا، بأننا قادرون على مواجهة أية تحديات بروح الأمل والتضامن بيننا جميعا، بما يضمن الحفاظ على تاريخ واسم مؤسسة الأهرام العريقة، محتفظين للهيئة الوطنية للصحافة بحقها ومسئوليتها الكاملة-بالتعاون مع الجهات المعنية-في محاسبة كل من يثبت ارتكابه أخطاء مالية أو إداريةطالت إدارات وقطاعات المؤسسةبلا استثناء،خاصة القطاعات الإنتاجية منها، فضلا عن المناخ غير الصحي الذي انعكس على أداء المؤسسة وكافة قطاعاتها، والعاملين فيها. وكما أشرنا عاليه، فإننا لم نكن نود الاستدراج للرد على هذه المهاترات، متطلعين إلى المستقبل بروح الأمل والإيمان بالمؤسسة، لذا نأمل أن يكون هذا البيان تدشينا للعمل للإعلاء من شأن مؤسستنا العريقة، مع حق المؤسسة في اتخاذ أية إجراءات تراها للحفاظ علي حقوق العاملين بها، أو المحاسبة عن أية أخطاء أو تجاوزات. وتنتهز مؤسسة الأهرام هذه الفرصة للتعبير عن تقديرها العميق للهيئة الوطنية للصحافة لدعمها الكامل للمؤسسة وما تتخذه من قرارات بهذا الشأن.