تصادف هذه الأيام ذكرى استشهاد شخصية إسلامية مجاهدة ،عملاقة مؤثرة نعتز ونفخر بها ، ألا وهي شخصية الشيخ عز الدين القسام رحمه الله ، ذلك العالم ، الداعية ،المجاهد والقائد الفذ ، لقد كان شيخنا المجاهد مسلماً عروبياً لا يؤمن بتقسيمات " سايكس بيكو " ولا غيرها ، فاعتبر أن كل بلاد العرب والمسلمين وطناً له يجب الحفاظ عليه والتضحية من أجله . ولد القسام في بلدة " جبلة " في اللاذقية بسوريا عام 1883م في أسرة متدينة ، ولما بلغ 14 عاماً رحل إلى الجامع الأزهر في القاهرة ، و تخرج منه 1906 وعاد إلى بلده ليعمل مدرساً وخطيباً . عز على الشيخ أن يرى بلده محتلاً من قبل الفرنسيين ينهبون خيراته ويطهدوا شعبه ، فأعلن هو وتلاميذه الثورة على الفرنسيين ، فطاردوه ليقتلوه ، لكنه أفلت منهم وذهب إلى دمشق ، ثم غادر إلى حيفا بفلسطين التي كانت تحت حكم الإنجليز ،وتولى الخطابة والتدريس في جامع الاستقلال هناك ، ومن على منبره أخذ يحرض الناس على الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي حتى نجح في تشكيل جماعة مجاهده " العصبة القسامية " ، ولما طارده الإنجليز انتقل بعصبته إلى الريف الفلسطيني حتى استقر في " أحراش يعبد " بمنطقة " جنين " . وخاض عدة معارك مع الإنجليز المحتلين واستطاع وعصبته المجاهدة توجيه ضربات مؤلمة للعدو المحتل ، وأخيراً طاردته القوات الإنجليزية حتى استطاعت حصاره مع بعض مجاهديه. في " خربة الشيخ زيد " قرب قرية يعبد ، واشتد الحصار على المجاهدين حتى ظن العدو أنه نال منهم ، فخاطبهم الضابط الانجليزي المحاصر لهم : " استسلموا تنجوا " ، فأجاب عز الدين القسام " لن نستسلم .. هذا جهاد نصر أو استشهاد " ثم هتف بأصحابه " موتوا شهداء " فصاح المجاهدون " الله أكبر الله أكبر "، ودارت بين الطرفين معركة حامية الوطيس استمرت 6 ساعات ، أسفرت عن مقتل 15 جندياً بريطانياً ، واستشهاد الشيخ عز الدين القسام وثلاثة من رفاقه ، وكان ذلك يوم 19/11/1935 . استشهد القسام واقفاً كبقية الشرفاء فاحترمه العدو قبل الصديق ، حتى أن الضابط الإنجليزي الذي قتله تقدم منه وهو ميت وأدى له التحية العسكرية ، ولا تزال كتائب القسام تجاهد الصهاينة بفلسطين وتحمل اسمه وتعتز به .