اختفت مئات الأصناف من الأدوية، بسبب أزمة الدولار التى شهدتها البلاد الأيام القليلة الماضية، والتى بدورها تسببت أيضًا فى نقص آلاف الأصناف الآخرى، وسط تهديد حقيقى لحياة ملايين المرضى بالبلاد. شعبى الأدوية بالغرفة التجارية فى الإسكندرية، تؤكد أن أزمة العملة الصعبة أدت إلى اختفاء ما يقرب من ألف صنف من الأسواق، على رأسها أدوية الضغط والسكرى والأورام والفيروسات الكبدية، التى يعانى مرضاها بالأساس. وكان الدولار قد حقق ارتفاعا فياسيا في السوق الموازية، حيث تخطى حاجز ال 13 جنيه منذ بداية الأسبوع الماضي، رغم ثبات سعر الدولار في البنوك الرسمية عند 8.88 جنيه. مقاضاة حكومة العسكر وفى السياق ذاته أكد "محمود فؤاد" مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، تعرض البلاد لأزمة حادة في الدواء خلال أيام قليلة، بسبب ارتفاع سعر الدولار وعدم توافره، محذرا من أن إقدام الحكومة على تحرير أسعار الدواء ومنح الشركات الحق فى تسعير منتجاتها، يعد جريمة فى حق المرضى. وأعلن المركز، في بيان له أمس الجمعة، أنه سيقاضى رئيس الوزراء ووزير الصحة وغرفة صناعة الدواء، بسبب عدم محاسبة الشركات المتسببة فى استمرار النقص في بعض الأدوية، على الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على صدور قرار برفع أسعار الأدوية.
وأشار إلى أن أزمة نقص الدواء تتعاظم، حيث شهد شهرا يونيو ويوليو اختفاء كثير من الأصناف بما يشكل خطورة حقيقية على صحة ملايين المرضى، موضحا أن منها أدوية مشتقات الدم والأورام والقلب والرمد والحساسية والمستلزمات الطبية التى تستخدم فى العمليات الجراحية. البنك المركزى يتسبب فى الأزمة وأكد "علي عوف"، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن قطاع الدواء يتعرض لأزمات كبيرة بسبب نقص الدولار، حيث تستورد مصر 95% من المواد الخام المصنعة للدواء ومواد التعبئة من الخارج، موضحا أن الشركات المصرية تجد صعوبة بالغة فى توفير الدولار اللازم للاستيراد.
وأوضح "عوف" في تصريحات صحفية، أن هذه الشركات طالبت البنك المركزى بتوفير الدولار لها بالسعر الرسمى باعتبار صناعة الدواء من القطاعات الاستراتيجية بالدولة، مشيرا إلى أن هذه الطلبات تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر حتى يستجيب لها البنك المركزى.
وأضاف أن البنك المركزى طلب من الشركات الاكتفاء باستيراد المواد الخام الخاصة بأدوية بعض الأمراض فقط، كالسكرى والضغط، لأنه سيضع أولويات لنوعية الأدوية التى سيتم توفير الدولار لها، ما يعنى أن كثيرا من الأدوية ستختفى تماما من الأسواق فى غضون أسابيع قليلة. وانتقد رئيس شعبة الأدوية تعامل الحكومة مع الأزمة، مؤكدا، أنها وضعت عقوبة هزيلة على الشركات التي ترفض إنتاج الأدوية بعد ارتفاع سعر الدولار، تمثلت في سحب ترخيص الدواء من الشركة غير الملتزمة ونقله إلى شركة أخرى، وهو ما يعني أن الشركة تخلصت من منتج منخفض السعر والاتجاه لأنواع أخرى تدر عليها أرباحا أكبر.
ويقول صيادلة إن أدوية بعض الأمراض المزمنة كادت تختفى من الأسواق، أهمها الإنسولين وألبان الأطفال ومستحدثات الدم والمحاليل الطبية. ربط الأسعار بالدولار من جانبه، حذر "صبري الطويلة"، عضو مجلس نقابة الصيادلة، رئيس لجنة صناعة الدواء بالنقابة، من أن أكثر من 100 مصنع دواء تحت الإنشاء مهددين بالإغلاق بسبب ارتفاع سعر الدولار. ولفت "الطويلة" إلى أنه مع زيادة سعر الدولار إلى 13 جنيها، قررت الشركات التوقف عن الإنتاج لعجزها عن توفير احتياجاتها من العملة الصعية، ولن تعود للإنتاج قبل رفع الأسعار مجددا. ولحل هذه الأزمة بشكل جذري، اقترح "أحمد السواح" رئيس مجلس أمناء المركز المصري للحق في الدواء، أن تقر الحكومة آلية واضحة لتحريك أسعار الدواء في مصر مع سعر الدولار صعودا وهبوطا، عبر مراجعة دورية لأسعار الدواء.
وكانت شركات الأدوية قد أعلنت وقف إنتاجها لتقليل خسائرها، بسبب ارتفاع الدولار، واشترطت على الحكومة زيادة أسعار الأدوية حتى تعود للإنتاج من جديد. وعلى الرغم من استجابة الحكومة في شهر مارس الماضي لهذا الطلب ورفعها لأسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيها بنسبة 20%، إلا أن هذا القرار لم يحدث أثرا يذكر على توفير الأصناف الناقصة من الأسواق، بل ازدادت أعداد النواقص. وتقول الشركات إنها ما زالت تتكبد خسائر كبيرة بسبب الارتفاع المتواصل في تكاليف الإنتاج، خاصة المواد الخام المستوردة من الخارج بالعملة الأجنبية.