قالت المعارضة المسلحة في ليبيا إنها قد تمكنت من تعزيز مواقعها للتقدم نحو العاصمة طرابلس. فيما أعلن الاتحاد الإفريقي أن الرئيس الليبي معمر القذافي قد وافق على ألا يكون طرفا في المحادثات الرامية لإنهاء النزاع الدائر في بلاده بين قواته وقوات المعارضة.
وتحركت قوات المعارضة جنوبا من معقلها في منطقة جبال نفوسة مطلع الشهر الجاري حتى وصلت الى مسافة 80 كيلومترا من طرابلس حيث تدور معارك ضارية مع قوات القذافي.
ويقول مارك دويل مراسل بي بي سي الذي زار جبهة القتال بالقرب من مدينة بير الغنام إن تقدم قوات المعارضة يواجه بمقاومة شديدة. وقد قتل موظفا إسعاف أثناء صدهم هجوما من قوات القذافي.
فيما تقول المعارضة إن قوات الحكومة قد منيت بخسائر فادحة، إلا أنه لم يتم التمكن من ذلك.
وقال وزير الدفاع في المجلس الوطني الانتقالي المعارض جلال الدغيلي في تصريحات لبي بي سي إن المعارضة قد تهاجم طرابلس من الشرق أيضا.
وأضاف الدغيلي أن الدائرة تضيق حول العقيد معمر القذافي في ظل تواصل انشقاق مساعديه عنه.
ولكن متحدثا باسم الحكومة قال إن القذافي لا يزال يدير شئون البلاد اليومية، دون أن يؤكد ما إذا كان لا يزال في طرابلس أم لا.
وساطة إفريقية من ناحية أخرى أعلن القادة الافارقة المجتمعون في جنوب إفريقيا لبحث جهود التوسط لحل النزاع في ليبيا أن أطراف النزاع هناك ستبدأ حوارا وطنيا بهدف التوصل الى وقف لاطلاق نار شامل ومصالحة وطنية.
وفي بيان صدر بعد انتهاء اجتماعات الاتحاد الإفريقي في جنوب إفريقيا قالت اللجنة الخاصة بالشؤون الليبية في الاتحاد إنه سيتم اتخاذ إجراءات لعملية انتقالية اضافة الى جدول زمني للانتقال نحو الديموقراطية.
وجدد البيان أيضا دعوة الاتحاد الافريقي الى وقف فوري لاطلاق النار لإتاحة المجال امام المفاوضات، كما رحب بموافقة العقيد القذافي على "ألا يكون طرفا في عملية المفاوضات"، ولم يعط البيان أي تفصيلات أخرى. تعزيز المكاسب
ويقول مراسل "بي بي سي" الموجود حاليا في منطقة بير عياض ذات الموقع الاستراتيجي على الطريق إلى العاصمة إن القتال المتواصل منذ يوم الأحد اندلع حينما حاولت قوات الحكومة القضاء على المعارضين بمهاجمة صفوفهم الخلفية.
ويضيف دويل إن قوات المعارضة انطلقت نزولا من جبال نفوسة في أوائل شهر يونيو الجاري، وتقول إنها اقتربت من مداخل طرابلس، إلا أنها ووجهت بمعارضة شديدة من قوات القذافي.
ويشير المراسل إلى أنه رغم عدم ثبات خط المواجهة إلا أنه يبدو أن المعارضة تعزز مواقعها في الجبال الغربية شيئا فشيئا.
ويعتقد أن خط المواجهة قد انتقل الآن شمال بير عياض إلى منطقة تقرب من بير الغنام.
ويقول مراسل وكالة الأنباء الفرنسية إنه سمع إطلاق نار كثيف من صوارسخ ومدافع رشاشة.
فيما صرح جمعة القماطي المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي لوكالة أسوشيتدبرس للأنباء بأن بير الغنام ذات موقع مهم لأنها لا تبعد أكثر من 30 كيلومترا جنوب الزاوية، المدخل الغربي للعاصمة.
واستولت قوات المعارضة على الزاوية التي توجد فيها معامل لتكرير النفط في مارس الماضي، قبل أن تدفعها القوات الحكومية خارج المدينة، واندلع القتال ثانية هناك هذا الشهر.
وتشير تقارير إلى أن الحكومة الليبية قد جددت عرضها الأحد بإجراء انتخابات تحسم فيه مسألة بقاء القذافي في السلطة.
ونقلت تقارير عن موسى إبراهيم المتحدث باسم القذافي اقتراح الحكومة "فترة من الحوار الوطني وانتخابات تشرف عليها الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي".
"فإذا قرر الشعب الليبي أن على القذافي الرحيل فسيرحل"، كما نقلت وكالة رويترز للأنباء عن إبراهيم، وإذا قرر بقاءه فسيبقى".
إلا أنه أضاف أن القذافي لن يرحل إلى منفى خارج البلاد.
وكان سيف الإسلام القذافي ابن الرئيس الليبي أول من طرح فكرة الانتخابات وذلك أوائل الشهر.
ودعت إيطاليا منذ ذلك الحين إلى تسوية سياسية للنزاع في ليبيا، في أعقاب شن حلف شمال الأطلسي (الناتو) غارة على طرابلس في 19 حزيران الجاري أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين.
كما انتقد غارات الناتو جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا الذي التقى بالقذافي في طرابلس الشهر الماضي.
وقال زوما "لقد فقد مدنيون حياتهم بسبب هذه الغارات، وعانت البنية التحتية الأهلية من أضرار جسيمة.
من ناحية أخرى وصل 100 ليبي إلى طرابلس على متن سفينة أقلتهم من معقل المعارضة في بنغازي شرقي البلاد.
والسفينة تابعة للصليب الأحمر، وكانت قد نقلت الجمعة نحو 300 شخص في الاتجاه المعاكس.
ويقول مراسلون إن العديد ممن وصلوا إلى طرابلس هم عائلات بأطفال صغار ومسنين كما يبدو.
المحكمة الجنائية وتوقيف القذافي خارجيا، تعلن المحكمة الجنائية الدولية اليوم الاثنين، قرارها بشأن طلب المدعي العام للمحكمة لويس مورينو اوكامبو إصدار مذكرة توقيف بحق العقيد معمر القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية في ليبيا منذ اندلاع الانتفاضة الليبية في منتصف فبراير الماضي.
وسيصدر القضاة قرارهم خلال جلسة استماع علنية في لاهاي بهولندا ظهر اليوم ومن المقرر ان تستمر زهاء ساعة.
وكان أوكامبو قد طلب في 16 مايو الماضي من المحكمة اصدار مذكرات توقيف بحق القذافي ونجله سيف الاسلام ورئيس الاستخبارات الليبية عبدالله السنوسي.
وسيختار قضاة المحكمة بين إصدار مذكرات التوقيف أو رفض طلب المدعي العام أو يطلبوا منه تقديم مستندات وادلة اضافية.
ويتهم المدعي العام هؤلاء الثلاثة بالمسئولية عن "عمليات قتل واضطهاد ترقى الى جرائم ضد الانسانية" ارتكبتها قوات الامن الليبية بحق المدنيين في عدة مدن أهمها طرابلس وبنغازي ومصراتة.
يذكر أن الانتفاضة في ليبيا أسفرت عن سقوط الاف القتلى, واجبرت نحو 650 الف ليبي على الفرار الى خارج البلاد و243 الفا آخرين على النزوح الى مناطق اخرى في الداخل, بحسب الأممالمتحدة.
وكان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية باشر تحقيقاته في الثالث من مارس الماضي بعدما فوضه مجلس الامن الدولي القيام بذلك.
ويتهم المدعي العام العقيد القذافي بأنه "اعد خطة لقمع التظاهرات الشعبية بشتى الوسائل ومنها استخدام العنف المفرط والدامي".
وجاء في تقرير اوكامبو أن قوات الأمن الليبية اتبعت "سياسة ممنهجة" لشن هجمات على مدنيين بهدف بقاء سلطة القذافي.
كما اتهم سيف الإسلام القذافي بتجنيد "مرتزقة" للمساهمة في مواجهة الانتفاضة التي اندلعت ضد نظام والده.
أما عبدالله السنوسي أهم مساعدي القذافي وصهره, فيتهمه المدعي العام بتنظيم هجمات استهدفت متظاهرين.
وإذا وافق القضاة على طلب المدعي العام سيصبح معمر القذافي عندئذ ثاني رئيس دولة تصدر بحقه مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية اثناء وجوده في السلطة, بعد الرئيس السوداني عمر البشير.