شهدت المدن السورية تظاهرات حاشدة في جمعة "الشهداء" حيث ردد المتظاهرون هتافات تنادي بالحرية ومناهضة لحزب البعث الحاكم. وتعاملت القوات الأمنية السورية بعنف مع المتظاهرين حيث سقط 10 قتلى على الأقل حتى الآن بالرصاص بعد محاولات لتفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع، بحسب شهود عيان.
وأكد شاهد عيان أن أربعة أشخاص على الاقل قتلوا واصيب العشرات بنيران قوات الامن السورية خلال تظاهرات في مدينة دوما شمال دمشق، مشيرا أن متظاهرين قاموا بعد خروجهم من مسجد دوما بعد صلاة الجمعة بالقاء الحجارة على قوات الامن التي ردت باطلاق النار عليهم.
وأفاد الشاهد لوكالة "فرانس برس" بأن عدد القتلى قد يتجاوز العشرة وأورد أسماء أربعة أشخاص فقط عُرفت هويتهم وهم ابراهيم المبيض، احمد رجب، فؤاد بلة و محمد علايا، لافتا إلى أنه سقط ايضا عشرات الجرحى وقامت قوى الامن باعتقال العشرات كذلك.
الأمن يعتدي على المصلين وانطلقت تظاهرات في سوريا عقب صلاة الجمعة تلبية للدعوات التي أُطلقت عبر موقع الفيسبوك لإحياء "جمعة الشهداء"، حيث خرج الآلاف في مدينة درعا، مطالبين بالحرية، ومرددين "واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد".
كما شهدت دمشق، بنياس، حمص واللاذقية، احتجاجات مناهضة لحكم حزب البعث، واستخدم الأمن السوري الغاز المسيل للدموع في ضاحية دوما في ريف دمشق لتفريق المتظاهرين.
وقال شاهد عيان إن قوات أمن سورية وموالين للرئيس بشار الأسد ضربوا محتجين بالعصي أثناء مغادرتهم مسجد الرفاعي في حي كفر سوسة في دمشق بعد صلاة الجمعة.
الأكراد ينضمون كذلك أكد معارض كردي لتلفزيون "الحرة" أن الآلاف خرجوا في مدينة القامشلي إلى الشوارع منددين بنظام الأسد. وأشار الى ان الأكراد في المدينة الذين شاركوا بكثافة في الإحتجاجات، أصروا على رفع شعارات وطنية تؤكد وحدة الشعب السوري باختلاف طوائفه وإثنياته.
وقال الناشط رديف مصطفى رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان (رافض) لوكالة فرانس برس إن "مئات الاشخاص تظاهروا في القامشلي ومثلهم في عامودا (700 كلم شمال شرق دمشق) مطالبين باطلاق الحريات".
وأشار إلى أنها "المرة الاولى التي تجري فيها تظاهرات" في هذه المنطقة منذ بدء التجمعات في سوريا في 15 مارس.
واضاف مصطفى ان المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها "نحن دعاة الحرية لا دعاة الجنسية فقط" وهتفوا "الله.. سوريا ..وحرية وبس" و"سلمية سلمية".
وتابع مصطفى: "إن قوات الامن لم تتعرض لهم إلا أن بعض سائقي الدراجات +موالين+ قاموا باستفزاز المتظاهرين مما دعاهم الى التفرق تفاديا للانزلاق الى صدامات".
وأشار إلى "تظاهرة في الحسكة (600 كلم شمال شرق دمشق) قام بها نحو مئتي شخص". وأوضح أن "الامن قام بتفريق" هذه التظاهرة "بدون حدوث اعتقالات".
يُذكر ان السلطات السورية أغلقت معبرا حدوديا مع تركيا وطردت عددا من الصحافيين الأتراك والأجانب، في الوقت الذي نظم فيه صحافيون أردنيون لقاء تضامنياً مع مراسل "رويترز" سليمان الخالدي المعتقل في سوريا.
بقاء الأسد مرهون بسرعة الإصلاحات فى سياق ذى صلة، أبدى محللون قناعتهم بأن الرئيس السوري بشار الأسد ستتوفر له فرصة للاستمرار في الحكم أكثر من رئيسي مصر وتونس اللذين أطاحت بهما انتفاضتان شعبيتان وذلك شريطة انتقاله بسرعة من القمع إلى الإصلاح.
وذكر المحللون أنه وحتى الآن فإن الأسد يتبع نفس السيناريو الذي جربته عدة دول عربية ولم يكلل بالنجاح.
وقال المحللون "قوات الأسد الأمنية شنت حملة على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي بدأت قبل أسبوعين وأخرج أنصاره إلى الشوارع لإعلان ولائهم ثم ألقى كلمة أنحى خلالها باللائمة في الاضطرابات على متآمرين أجانب".
وأضافوا "الأسد على النقيض من الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يقدم تنازلات للإصلاح".
واعتمادًا على ولاء قوات الأمن ودعم ممالك خليجية وحليفته إيران وهدوء الانتقادات الغربية يراهن الأسد على قدرته على تجاوز الموجة الثورية التي تجتاح العالم العربي.
ورأى المحللون أنه ما لم يطبق الأسد إصلاحات جادة من إلغاء قانون الطواريء المطبق منذ عقود إلى منح المزيد من الحريات السياسية والإعلامية فقد لا يكون أمامه إلا فترة مؤقتة قبل أن يواجه سريعًا مصير زعيمي مصر وتونس.
وقال نبيل بو منصف المعلق في صحيفة النهار اللبنانية "يجب أن يقوم بإصلاحات مدهشة ليتخطى هذه الموجة، يجب ألا يغامر".
وقال المحلل السياسي هلال خشان، من الجامعة الأمريكية في بيروت: "إذا انفجرت سوريا سينفجر العراق وسينفجر الأردن وسيضيع لبنان، وقد نشهد حربًا أهلية بين السنة والعلويين ستنتشر على الفور في العالم العربي بين السنة والشيعة".
من لا يتغير تدوسه الأقدام إلى ذلك، واصل الداعية، يوسف القرضاوى، انتقاد النظام السورى والتنديد بقمع المتظاهرين المطالبين بالحرية والإصلاح الديمقراطية فى البلاد، وسخر من الدعوى التى رفعت بحقه فى دمشق، قائلاً إن الدولة التى تمس هيبتها كلمة هى "أوهن من بيت العنكبوت"، ودعا لكشف مصير آلاف المفقودين والمعتقلين بسوريا، محذراً من أن من لا يتغير "يداس بالأقدام".
وتطرق القرضاوى للخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد، ومظاهر الهتافات والتأييد فى البرلمان، خاصة النائب الذى قال للأسد إنه لا يجب أن يقود العرب فحسب بل العالم ككل، فقال "هؤلاء الذين هتفوا بالرئيس وقالوا له عليك أن تحكم العالم، لا يصلحون للقيادة وتمثيل الشعب".
وحول الدعوة المرفوعة ضده فى سوريا بتهمة إثارة النعرات الطائفية وتهديد هيبة الدولة، قال "الذين رفعوا دعوى علىّ يريدون أن يخوفونى، لن أخاف وسأظل أقول الحق، يقاضونى للمس بهيبة الدولة، الدولة التى تمس هيبتها كلمة ليست دولة، هى أوهن من بيت النعكبوت". ونقلت شبكة (سى. إن. إن) الإخبارية عن القرضاوى قوله إن "هذا زمن التغيير" ومن لا يتغير يداس بالأقدام.