يواصل نواب الأحزاب الصهيونية في الكنيست الصهيوني ابتكار القوانين الهادفة إلى تضييق الحيّز على العرب الفلسطينيين، داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، وبالمقابل يستمرون في تقديم مشاريع القوانين التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى منع أي تسوية سياسية بين الفلسطينيين والصهاينة. وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية في عددها الصادر أمس الثلاثاء، النقاب عن ضمن اقتراح قانون وضع على طاولة الكنيست يقضي بمنع المقدسيين من العمل كمرشدي سياحة.
وفي حال تمت المصادقة على القانون فإن ذلك من شأنه أن يمس بمصدر رزق المئات من العائلات المقدسية في القدسالمحتلة. ويتضمن الاقتراح منع سكان القدسالمحتلة من العمل في الإرشاد السياحي بادعاء أنهم لا يمثلون بشكل كاف المصلحة القومية في عرض الدولة الصهيونية بطريقة ملائمة. وبحسب الصحيفة الصهيونية، فإنّ مقدم الاقتراح هو عضو الكنيست والوزير السابق جدعون عزرا (من حزب كاديما)، وقرر تجميد الاقتراح بادعاء عدم المساس بالمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، يُشار إلى أنّ عزرا، كان في حزب الليكود، وانتقل إلى كاديما، وتبوأ حتى العام 1995 منصب نائب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك الصهيوني)، واستقال من منصبه احتجاجًا على رفض الحكومة الصهيونية تعيينه رئيسًا للجهاز.
وتبين أن عددا من أعضاء الكنيست قد انضموا إلى اقتراح عزرا، بينهم أوروي أرئيل (الاتحاد القومي)، وكرميل شامه (ليكود)، وداني دنون (ليكود)، وأفراهام ميخائيلي (شاس)، ونحمان شاي (كاديما)، وعتنيئيل شنلر (كاديما)، وإيلان غيلؤون، من حزب (ميريتس) المحسوب على ما ]ثسمى باليسار الصهيوني في الدولة العبرية، ولفتت الصحيفة إلى أنّ الأخير سحب توقيعه على مشروع القانون. ولكن اللافت، أنّ مؤيدي القانون العنصري الجديد يُمثلون المجتمع اليهودي الإسرائيلي من أقصى اليمين إلى أقصى ما يُسمى باليسار الصهيوني، وبحسب الصحيفة، فإنّ اقتراح القانون ينص على أنّ مرشد السياحة الذي يعمل مع مجموعة سائحين يزيد عددها عن 11 سائحا يجب أن يكون مواطنا صهيونيا.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ سكان القدسي العربية المحتلة يعتبرون بموجب القانون الصهيوني مقيمين وليسوا مواطنين، وفي حال جرى سن القانون فإنهم لن يستطيعوا العمل في الإرشاد السياحي. ونقلت الصحيفة العبرية عن رئيس نقابة مرشدي السياحة في القدس، سمير بحبح، قوله إن هناك 300 مرشد سياحي فلسطيني يعملون في القدسالمحتلة، بترخيص من وزارة السياحة الإسرائيلية، لافتًا إلى أن هذا القانون سوف يمس بعملهم في حال جرى سنه. وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أنه خلال الصيف الأخير استدعت وزارة السياحة أحد المرشدين المقدسيين لمحاكمة تأديبية بادعاء أنه عرض آراء حادة ضد الدولة الصهيونية لدى تحدثه عن العلاقات بين الصهاينة والفلسطينيين، وعندها تقرر توجيه تحذير له ومتابعته، على حد قول الصحيفة.
وتقول عبير زياد، الباحثة في شئون القدس والخبيرة في مجال الآثار والمرشدة السياحية المعتمدة، في مقالٍ نشرته مؤخرا إن الاستماع إلى غالبية المرشدين العرب وهم يلقنون أطفالنا معلومات خاطئة عن مدينة القدس ويرددون الرواية الصهيونية تلو الأخرى، لهو أمر محزن للغاية، خاصة أنهم يعتقدون أنهم أكثر علماً بالحقائق.
وتابعت أنّه وسط هذا الاستهداف المتصاعد للقدس من جانب الاحتلال لدثر تاريخها الإسلامي والعربي، أصبح من الأهمية التنبه إلى خطورة ما يقوم به المرشدون السياحيون من الترويج للروايات الصهيونية حول الكثير من القضايا التاريخية المتعلقة بالمدينة. ورجحت زياد، لتي تعمل منذ قرابة 14 عاما في مجال الإرشاد السياحي، هذا الوضع إلى أن الاحتلال يسيطر بشكل كامل على الإرشاد السياحي في القدس.
وبينت أنّ وزارة السياحة الصهيونية هي الجهة الوحيدة المخولة بمنح ترخيص لأي مرشد سياحي، وعلى من يتقدم للحصول على هذا الترخيص أن يحضر دورة تدريبية تعتمد مناهجها الرواية الصهيونية لتاريخ المدينة المقدسة، وأضافت قائلة إنّه يتم أيضًا تزويد المرشدين بالمراجع والكتب القائمة على الروايات الصهيونية للأحداث، ما يجعل الكثير من المرشدين السياحيين العرب يؤمنون بهذه الروايات ويعملون على نشرها. ولكون الصراع على مدينة القدس قائما على البعد التاريخي ومحاولة تجذير الوجود اليهودي فيها، تبث وزارة السياحة روايات تنفي من خلالها الحقائق التاريخية التي تؤكد الهوية الإسلامية والعربية للمدينة المحتلة.
وخلصت الباحثة زياد إلى القول إنّه من أجل تحقيق هذا الهدف فإنّ الجهات الصهيونية المختصة تراعي في من تمنحهم تصريح مزاولة مهنة الإرشاد السياحي من بين المقدسيين أن يكونوا ممن يسهل إقناعهم بالروايات الصهيونية وبالعمل على ترويجها، على حد قولها.
جدير بالذكر أنّ الباحثة زياد تعمل محاضرة في جامعة القدس بشكل جزئي، وهي حاصلة على شهادة الماجسيتر في علم الآثار من جامعة القدس، والحاصلة على عدة تراخيص لمزاولة مهنة الإرشاد، طردت من عملها كمديرة للقسم العربي في متحف قلعة داود بالقدس، بعد نشرها مقالتين بعنوان (الحق التاريخي في فلسطين) حيث نفت أقوال فلافيوس يوسيفوس، المصدر التاريخي للصهاينة، حول الأفكار التاريخية التي يحاول تثبيتها في القدس للصهاينة.