استأنفت الحكومة الصهيونية أعمال البناء في المستوطنات بالضفة الغربية بعد انتهاء قرار التجميد الصهيوني يوم أمس، حيث امتنع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن تمديد القرار، داعيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مواصلة المفاوضات. وقالت مصادر فلسطينية إن المستوطنين شرعوا اليوم الاثنين في البناء بصورة حثيثة "في خطوة منهم لفرض وقائع على الأرض".
وذكرت المصادر أن آليات صهيونية شرعت في بناء حي استيطاني بمستوطنة "أريئيل" في منطقة سلفيت لإنجاز بناء 50 وحدة سكنية فيها.
كما حددت أماكن يجري البناء فيها بمستوطنة يتسهار (جنوب نابلس) إضافة إلى بؤر استيطانية قرب مستوطنة شفوت رحيل (غرب نابلس)، وأفادت بأن أراضي جرفت بغرض البناء بمحاذاة مستوطنة "كفار عتصون".
وقال شهود عيان، إن عشرات الجرافات تعمل في مستوطنة كريات أربع والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، وتجرف أراضي واسعة لشق طريق بين المستوطنة ومدينة الخليل، بينما تحرس قوات الأمن المستوطنين المحتفلين باستئناف البناء.
وأضاف أن سياسيين وأعضاء في حكومة نتنياهو يدعمون هذه الأنشطة ويشاركون المستوطنين في احتفالاتهم، تعزيزا لمراكزهم داخل الليكود رغم طلب نتنياهو من المسؤولين عدم الحديث تجنبا لتصريحات قد تثير مشكلات مع أميركا أو الفلسطينيين.
موقف نتنياهو من جهته قاوم نتنياهو نداءات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتمديد التجميد، ولكن الولاياتالمتحدة قالت أمس الأحد إنها تحاول ضمان مواصلة التفاوض رغم القرار الصهيوني.
وحث نتنياهو عباس على مواصلة إجراء "محادثات صادقة تسير بشكل سريع" من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام في غضون عام.
وأضاف أن تل أبيب مستعدة لمواصلة اتصالات مستمرة خلال الأيام المقبلة لإيجاد سبيل لمواصلة محادثات السلام.
وفي وقت سابق حث نتنياهو المستوطنين على ضبط النفس قبل انتهاء التجميد عند منتصف الليلة الماضية. ويبدو أن نداءه للمستوطنين كان يهدف إلى إقناع عباس بعدم الانسحاب من المحادثات التي بدأت في واشنطن يوم 2 سبتمبر الجاري إذا لم يتم تمديد التجميد.
موقف عباس وردا على دعوة نتنياهو الأخيرة بشأن التفاوض، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة من باريس إن الرئيس عباس معني باستمرار المفاوضات، لكنه يطلب من نتنياهو اتخاذ قرار باستمرار تجميد الاستيطان لخلق مناخ مناسب لاستمرار المفاوضات، على حد تعبيره.
وطالب عباس، وفق المتحدث باسمه، نتنياهو بعدم إضاعة الفرصة الحالية "لأنها ليست فرصة للسلام بين الشعبين الفلسطيني والصهيوني فحسب، ولكن للمنطقة بأسرها".
وكان عباس قد اعتبر عقب لقائه ممثلين عن الجالية اليهودية في فرنسا أن عملية السلام ستكون "مضيعة للوقت" إذا لم تمدد إسرائيل قرار تجميد الاستيطان الذي انتهى مساء الأحد.
وأقر الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته، في ختام اجتماعه مساء الأحد مع عشرين شخصية يهودية فرنسية في باريس بصعوبة المفاوضات، موضحا أنها لم تبدأ من الصفر "والآن وقت القرارات وليس وقت المفاوضات". وشدد على أن الفلسطينيين يريدون دولة على حدود 1967 "مع تعديلات متبادلة على الحدود، وأن نشعر بالأمن".
وسبق لعباس أن أعلن الأحد أن لجنة المتابعة العربية ستعقد اجتماعا في مقر الجامعة العربية بالقاهرة يوم 4 أكتوبر المقبل بناء على طلبه لبحث مسألة استمرار المفاوضات مع إسرائيل في ضوء قرارها بشأن الاستيطان.
وأوضح أيضا أنه بالإضافة إلى التشاور مع وزراء الخارجية العرب، سيعقد اجتماعات مع الهيئات الإدارية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لاتخاذ قرار بشأن مستقبل التفاوض.
وفي سياق الموقف الفلسطيني، اعتبر عضو اللجنة المركزية في حركة فتح ووزير الشؤون المدنية في حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية حسين الشيخ أن الاستيطان لم يعد خلافا شكليا، وإنما "رصاصة الرحمة على عملية السلام والمفاوضات".
وأشار إلى أن تل أبيب تريد جر الجانب الفلسطيني إلى ما وصفها بقضايا تجميلية لقرار جديد عن الاستيطان لشغله عن قضايا كبيرة وقضايا الحل النهائي، موضحا أن "نتنياهو انتصر للاستيطان ولم ينتصر لعملية السلام".
وإزاء الموقف الصهيوني من عدم تمديد تجميد الاستيطان، جددت الولاياتالمتحدة مطالبتها تل أبيب بالإبقاء على قرار التجميد، وذلك في إطار اتصالاتها المكثفة لإنقاذ المفاوضات من الانهيار.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي في بيان إن" سياستنا بشأن بناء المستوطنات لم تتغير.. ما زلنا على اتصال وثيق بالطرفين وسنلتقي معهما من جديد خلال الأيام المقبلة".
وأشار كراولي إلى أن واشنطن ما زالت تركز على تحقيق تقدم في المفاوضات باتجاه حل قيام دولتين، وتشجع الأطراف على القيام بمبادرات بناءة في هذا الصدد.