حتى كتابة هذا التقرير، وقّع قرابة 88 ألفًا و700 بريطاني على عريضة تطالب بمحاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عندما يزور بريطانيا أول الشهر المقبل (سبتمبر) لارتكابه جرائم حرب وقتل آلاف الفلسطينيين وتدمير منازلهم وهدم مستشفيات، وعندما يتجاوز عدد التوقيعات 100 ألف ستُطرح فكرة توقيف نتنياهو ومحاكمته على جرائم الحرب للمداولة في البرلمان البريطاني. وعلى الطريق ذاته، قال محامون في مجال حقوق الإنسان ببريطانيا إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين كبارًا في نظامه يمكن أن يتعرضوا للاعتقال بتهم “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية” خلال زيارة السيسي المرتقبة لبريطانيا قبل نهاية العام الجاري، بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية 14 أغسطس الجاري، وهذا ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي لتأجيل الزيارة التي كانت ستُجرى في يوليو الماضي. ونقلت الصحيفة عن المحامي “توبي كادمان”، المتخصص في جرائم الحرب، قوله “إذا جاؤوا إلى بريطانيا سنبذل كل ما في وسعنا لضمان اعتقالهم”، و”إذا علمنا بمواعيد قدومهم إلى لندن فسوف نقدم ملفات إدانتهم إلى وحدة جرائم حرب في شرطة الرصد بالعاصمة ونطلب إلقاء القبض عليهم”. نفي بريطاني رسمي لمحاكمتهما وفي الحالتين، سارع سفيرا بريطانيا في مصر وتل أبيب إلى نفي إمكانية محاكمة نتنياهو والسيسي، والحديث عن (حصانة) لرؤساء الدول، برغم أن الشرطة البريطانية اعتقلت بصورة مفاجئة الشهر الماضي رئيس جهاز الاستخبارات في رواندا لاتهامه بالضلوع في جرائم حرب مع أنه كان في ضيافة الحكومة البريطانية. وقد حرصت بريطانيا على تأكيد أن قادة الدول لديهم حصانة، ولكن خبراء قانون في لندن يرون أن كل المسؤولين في حكومة السيسي عرضة للاعتقال والمحاكمة حال وجودهم على الأراضي البريطانية، باستثناء السيسي؛ الأمر الذي يهدد الذين سيرافقون السيسي خلال الزيارة ويجعلهم عرضة للملاحقة والتوقيف القضائي، وهو ما ينطبق أيضًا على المرافقين لنتنياهو لو قدمت ضدهم لوائح اتهام بارتكاب جرائم حرب. وبرغم التوقيعات، أكدت الحكومة البريطانية أن “نتنياهو يملك حصانة كاملة لا تُتيح محاكمته جنائيًا“، وأكدت السفارة البريطانية في إسرائيل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “سيكون في حصانة من الاعتقال أثناء زيارته لندن“. وأفاد بيان صادر عن السفارة البريطانية في إسرائيل، نقلته القناة الأولى للتليفزيون الإسرائيلي، أن “القانون البريطاني يعطي حصانة لرؤساء الدول ورؤساء الحكومات من الاعتقال أثناء زياراتهم الرسمية إلى بريطانيا”. ووصفت وزارة الخارجية البريطانية عريضة جمع التوقيعات لمحاكمة نتنياهو بأنها “ممارسة عامة دون وجود معنى حقيقي“، وأنه “يمكن لأي شخص بدء عريضة على الموقع الإلكتروني للبرلمان البريطاني”. أيضًا، نفى السفير البريطاني لدى القاهرة (جون كاسن) إمكانية محاكمة أو اعتقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كما يطالب بريطانيون ومناصرون للمعارضة المصرية في لندن؛ باعتبار أن رؤساء الدول لهم حصانة، واصفًا المطالب بمحاكمته أثناء الزيارة أنها “ليست لها قيمة”. وتوقع جون كاسن، في تصريح لموقع “أصوات مصرية”، أن يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي لندن قبل نهاية العام الجاري، مؤكدًا أن زيارة السيسي إلى بريطانيا لم يتحدد موعدها الدقيق بعد، لكن من المتوقع أن تكون قبل نهاية العام، وستتناول بحث قضايا ذات اهتمام مشترك وتعميق الشراكة بين البلدين.
حالة نتنياهو العريضة، التي بدأت تنتشر في أنحاء المملكة البريطانية ضد زيارة، تُطالب باعتقال نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ويقترب عدد التوقيعات عليها من 90 ألفًا، ونُشرت العريضة على الموقع تحت عنوان “يجب توقيف نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب عندما يصل إلى لندن“، وتمت دعوة المواطنين البريطانيين إلى التوقيع عليها في موقع العرائض التابع للبرلمان البريطاني. وذكرت العريضة الموجزة التي نُشرت على موقع البرلمان البريطاني أن بنيامين نتنياهو سيعقد محادثات في لندن في سبتمبر، وطبقًا للقانون الجنائي الدولي يجب اعتقاله لدى وصوله المملكة المتحدة لارتكابه جرائم حرب خلال المجزرة التي قتل فيها أزيد من ألفي مدني عام 2014 في قطاع غزة. وقد أكد موقع الإنترنت الرسمي للحكومة البريطانية أنه “سيتم طرح العريضة على البرلمان عندما يبلغ عدد الموقعين 100 ألف توقيع“، ويأمل ناشطون في الحصول على مزيد من الدعم قد يجبر البرلمان على مناقشتها، بصرف النظر عن اعتقال ومحاكمة نتنياهو بصورة فورية. وقد أكدت مصادر في مكتب نتنياهو، في وقت سابق، أنه “سيزور لندن في التاسع من شهر سبتمبر المقبل؛ تلبية لدعوة نظيره البريطاني ديفيد كاميرون“، وتردد أنها لمناقشة مسألة مُعارضة نتنياهو الاتفاق النووي الذي تم توقيعه بين إيران والدول العُظمى. ويقول نشطاء فلسطينيون “إن القضاء الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني أمام اختبار حقيقي في هذه المرحلة، خاصة في ظل تبني نتنياهو شخصيًا لحرب غزة الأخيرة، التي قتل وأصيب فيها الآلاف من الأطفال الفلسطينيين“. وقال مدير مركز أحرار الحقوقي، فؤاد الخفش، إن “هذا الاستباق من قبل السفارة البريطانية لنفي إمكانية محاكمة نتنياهو يأتي بعد الموجة العارمة ضد زيارة نتنياهو إلى بريطانيا“. وقتل في الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أزيد من 2200 فلسطيني وجرح وتشريد الآلاف؛ ما يعد دليل إدانة ضد زعيم الحكومة الإسرائيلية. وكانت التحقيقات التي قامت بها منظمات حقوقية دولية وأخرى تابعة لمنظمة الأممالمتحدة قد أثبتت أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في حربها الأخيرة على قطاع غزة سنة 2014، وهو ما نفته سلطات الاحتلال واعتبرته حقها في الدفاع عن نفسها. كما جاء إعلان المدعية العامة بالجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، أن المحكمة قد تستدعي ضباطًا وموظفين صهاينة للتحقيق إذا ثبت تورطهم في جرائم حرب خلال عدوان الصيف الماضي على قطاع غزة ليفتح الباب لأول مرة أمام محاكمات محتملة لمسؤولين صهاينة عن أكثر من 4 اعتداءات على غزة قتل فيها الآلاف وهدمت مئات المنازل والمساجد والمدارس والمستشفيات، بعدما انضمت فلسطين رسميًا للمحكمة في أبريل 2014 الماضي. حالة السيسي قبل زيارة السيسي، التي لم يتحدد موعدها بعد، نجح الفريق القانوني الذي يلاحق السيسي ورجاله قضائيًا في أوروبا في استصدار قرار من المحكمة العليا البريطانية مفاده أن أعضاء الحكومة المصرية لا يملكون حصانة من المقاضاة في بريطانيا. حيث أكد القرار أنه من الممكن التحقيق مع المسؤولين المصريين لمعرفة ما إذا كانوا متورطين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفي حال ثبت تورطهم فإن من الممكن أن يحاكموا في المملكة المتحدة. يرأس الفريق القانوني الذي يلاحق السيسي ورجاله قضائيًا في أوروبا المحامي البريطاني “الطيب علي”، الذي نجح قبل عدة سنوات في استصدار قرار قضائي في بريطانيا بالقبض على وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بحكم أنها مسؤولة عن ارتكاب مجازر في غزة؛ وهو ما أدى إلى هروبها من لندن قبل تنفيذ أمر الاعتقال، ولم تتمكن من زيارة بريطانيا مجددًا منذ تلك الحادثة. وفي ضوء القرار الذي اتخذه القضاء الإنجليزي مؤخرًا برفع الحصانة عن المسؤولين المصريين وجعلهم عرضة للاعتقال والمحاكمة في حال وجودهم على الأراضي البريطانية، يأمل المدعي العام البريطاني السابق ورئيس فريق المحامين الدوليين، اللورد كين ماكدونالد، في إعادة فتح قضايا جماعة الإخوان المرفوعة ضد السيسي أمام المحاكم الإنجليزية؛ للقبض على السيسي أو بعض أعضاء حكومته خلال الزيارة. وقد أدى إلى حالة من الارتباك للنظام في مصر؛ لأنه لو كان السيسي لديه حصانة، فالذين سيرافقونه عرضة للملاحقة والتوقيف القضائي، وحديث السفير البريطاني اقتصر على السيسي دون مرافقيه. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، في يونيو الماضي، إن بلاده ترحب بإتمام زيارة السيسي وضرورة الإعداد الجيد لها لتؤتي بثمارها المرجوة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومواصلة التشاور بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية.