لإطلاق صناديق الاستثمار في الذهب.. الرقابة المالية توضح الإطار التشريعي والتنظيمي    محافظ أسوان يتفقد منظومة التشغيل بمحطة مياه أبو الريش قبلى .. ويؤكد على سلامة المياه    دورات تدريبية للتعريف بالمزايا الضريبية وتيسيرات قانون تنمية المشروعات    السيسي يتابع جهود الحكومة للقضاء على تخفيف الأحمال    كامل الوزير: تشكيل جمعية للمستثمرين بكل منطقة صناعية تتولى أعمال الصيانة والتأمين    نتنياهو: وجهنا لحزب الله سلسلة من الضربات لم يكن يتصورها في الأيام الماضية    صممها بنفسه.. ترامب يطلق عملته الرسمية من الفضة الخالصة    نانت يصطدم بأنجيه لعودة الانتصارات في الدوري الفرنسي    مدرب بيراميدز:هدفنا المنافسة على كل البطولات في الموسم الجديد    الزمالك يحفز لاعبيه بمكافآت خاصة حال الفوز بالسوبر الأفريقي    ضبط مصنع أدوية وعقاقير مجهولة المصدر بالشرقية    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    تحرك قضائي جديد ضد سوداني قتل آخر داخل مطعم بمدينة نصر    النزلات المعوية في أسوان.. ما نتيجة تحليل عينات محطات المياه؟    في ذكرى رحيل هشام سليم.. محطات فنية في حياة نجم التسعينيات    مهرجان الغردقة لسينما الشباب.. ندوة العالم العربي بلاتوه مفتوح تفجر قضايا ومعوقات تصوير الأفلام الأجنبية في البلاد العربية    صحة المنيا تستعد لتنفيذ قافلة طبية مجانية بدءا من غد الاثنين بقرية عزاقة ضمن مبادرة «بداية»    «الصحة»: إنارة 24 مستشفى ومركز للصحة النفسية تزامناً مع التوعية بألزهايمر    مفاجأة مدوية في عقد إعارة يحيى عطية الله للأهلي    خريطة سقوط الأمطار.. اعرف المحافظات الأكثر تأثرا خلال ال3 أشهر المقبلة    «العدل» تطلق خدمة التصديق المتنقل لكبار السن وذوي الهمم (فيديو)    كابوس مرعب يطارد بيلينجهام من جديد    جامعة حلوان تشارك في المؤتمر الأول لتفعيل القيادات الطلابية الرياضية    بكلمات مؤثرة.. زوجة إسماعيل الليثي تودع نجلها    تحت وطأة الحرب.. نازحو قطاع غزة يعيشون مأساة مركبة    فنان شهير يعلن الاعتزال والهجرة بسبب عدم عرض أعمال عليه    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    الاحتلال: إطلاق 150 صاروخا ومُسيرة على شمال إسرائيل    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    كل ما تريد معرفتة عن «صيدلية الأخصائي».. تعمل على مدار 24 ساعة    برلماني: منتدى شباب العالم أصبح على أجندة مجلس شباب الأمم المتحدة    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    ارتفاع قتلى انفجار منجم فحم في إيران إلى 51    نقل معبد أبو سمبل.. إعجوبة هندسية لا تُنسى    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة السيدة نفيسة الثانوية المشتركة بقرية بندف بمنيا القمح    وزير الإسكان يفتتح الدورة التاسعة لملتقى "بناة مصر "    متصلة تشتكي: ابني طلب يحط إيده على منطقة حساسة.. وداعية ينصح    22 سبتمبر 2024.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة كفر الدير الإعدادية بقرية التلين بمنيا القمح    مع أول أيام الدراسة، كثافات مرورية متحركة بعدد من المناطق    رئيس مدينة الغردقة يتابع خط سير الأتوبيسات الجديدة    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    جامعة قناة السويس تشارك فى منتدى بكين الثقافي بالصين    الاحتلال يوسع دائرة الصراع والتصعيد العسكري بالشرق الأوسط.. مجازر مستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    ب«التكاتك والموتوسيكلات».. توافد طلاب البحيرة على المدارس في أول أيام العام الدراسي الجديد    الصحة اللبنانية: ارتفاع عدد قتلى الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية إلى 45    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    والد أشرف داري يكشف موقفه من مباراة الزمالك في السوبر الإفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على الرئيس وفتح أن يلعبا ورقتيهما بالاتجاه الصحيح..!
نشر في الشعب يوم 16 - 12 - 2006


بقلم: حسين حجازي
وصلنا إلى الطريق المسدودة في أمر تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لأننا لسنا على قلب رجل واحد، فكرة خلاصية جامعة، ولأننا منقسمون حقاً حول هذه الرؤية المصيرية، "إن البيت المنقسم على نفسه مآله الخراب". هكذا يقول "المخلص"، عيسى ابن مريم، وهذا الانقسام في البيت اللبناني، والفلسطيني، إن لم يجد حلاً لتناقضاته في الفكرة الاعتدالية التي قوامها حكومة الوحدة الوطنية، على قاعدة من التوازن الحقيقي بين أركان هذين البيتين، فإن المصير سيبدو غامضاً من هنا.
أشعلوا شمعة واحدة بدل أن تلعنوا الحصار:
"أضيئوا شمعة بدل أن تلعنوا الظلام". هكذا فكّرت حين رأيت إلى المسألة، إنما كان حرياً بالرئيس الذي هو الأب، الذي لم يتوقف عن السفر طوال هذا الحصار، أن يتحصّل لنا من دولة ما، أي دولة على رواتب المعلمين، والصحة، الذين يتجاوز عددهم نصف أعداد قطاع الموظفين، وكان يمكن عندئذٍ تخفيف المعاناة عن باقي الموظفين؟ هل كان يلزم أن ننتظر الزيارة الأولى، السفرة الأولى، لرئيس الحكومة المحاصرة، حتى يحقق هذه الأعجوبة؟
شخصياً، اعتبر أن نجاح إسماعيل هنية في جلب رواتب المعلمين والصحة من قطر، أهم من المفاوضات العقيمة على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إذا كان الأمر يتعلق في هذه الحوارات الأخيرة، برؤية البعض كيف يشلح حركة "حماس" فوزها الأخير في الانتخابات، بطريقة أخرى.
هذا البحث كله من قبيل الهراء، وكنت أتمنى منذ البداية، أن يعمل الرئيس نفسه، بل و"فتح" نفسها على تأمين الرواتب لعموم الموظفين، بدل القيام بلعن الحصار، وظهور الرئيس أمام الشعب الفلسطيني، بوصفه هو أبو الشعب الفلسطيني المسؤول عنه، بصرف النظر عن حكومته وأن تقول "فتح" أمام الأشهاد، ها إننا نحن الأمناء على وظائفكم، وقوتكم، وقد وظفناكم نحن، وليس الخلاف مع "حماس"، وحكومتها، إلا على الوسيلة الفضلى التي نراها تخدم تحقيق أهداف شعبنا.
عند هذه اللحظة، كان يمكن ل "فتح" والرئيس أن يكسبا عطف الشعب، وثقته، لأنه يجب التمييز بين تأمين الأرزاق للشعب، والموظفين، وبين الخلاف على البرامج السياسية والتكتيكات.
لكن الواقع، أن حكومة "حماس" هي التي تقترب من النجاح في تقليع شوكها وحدها، وإذ يسجل رئيس الحكومة أنه حصل على هذا الكم من المساعدات من دولة واحدة، هي قطر، وتسارع أميركا إلى تهديد قطر بعدم تحويل تعهدها بدفع الرواتب للمعلمين وقطاع الصحة، دون أن تعلي "فتح" والرئيس صوتيهما ضد هذا التدخل الوقح، والمسارعة إلى تجنيد حملة دولية إعلامية ودبلوماسية ضد الموقف الأميركي، فإن الشعب يعرف عندئذٍ كيف يميز بين الصواب والخطأ.
إن عدونا الرئيسي في الحرب التي تشنها علينا إسرائيل بلا هوادة، حتى كلّت قدرتها أخيراً، هي أميركا، ف "أميركا هي الطاعون والطاعون أميركا"، كما قال شاعرنا منذ زمن، وهي اليوم، أميركا الفاشلة، والمهزومة في الشرق الأوسط، من تصارع بيأس للابقاء على حصارنا، كما الابقاء على حكومتها الساقطة في لبنان.
ليذهبوا إلى الجحيم، هؤلاء القتلة ومحاصرو الشعوب، قاطعو الرواتب عنا، أولئك الحمقى، الذين صورت لهم معتقداتهم الخرافية، أن قتل الشعب الفلسطيني في تلك المذابح اليومية التي كانت ترتكبها إسرائيل، إنما هو المشيئة الإلهية. ألم تصُل وتجُل إدارة بوش خلال السنوات الست الماضية، لتأديب الشرق الأوسط ككل، ونظرت بازدراء لمذابحنا؟ وإلا ماذا كان يعني القول في كل مرّة، على مرأى من أشلاء الأطفال الفلسطينيين، "إن إسرائيل تمارس حق الدفاع عن النفس"؟!
فهل نتوافق مع هؤلاء وقد خسروا وبدأوا يجرّون أذيال هزيمتهم في هذا الشرق لكي نعطيهم الذخيرة مرة أخرى لقتلنا؟
ويتضح الآن، أنهم هم من ينشدون مساعدة إيران وسورية لإخراجهم من الوحل. فلماذا لا نمارس سياسة قويمة، متحدة، وقوية، لنجعلهم هذه المرة، هم من ينشدون مساعدتنا، بدل أن نصمت على أفعالهم، ونحاول إعادة حفّ أقدامنا لكي تتلاءم وقياس حذائهم، حذاء السيدة رايس؟
علينا أن نعيد قراءة الوضع أيها الإخوان، أنتم لا تقرأون هذا الوضع بصورة صحيحة، فعالم إدارة المحافظين الجدد، آخذ في الانهيار، ولم تعد أميركا هي اللاعب الأوحد، الذي يمسك بكل خيوط اللعبة. إن حكومتهم في لبنان تتهاوى، وحربهم في العراق وأفغانستان، أصبحت كارثة، ولم يبق لهم، سوى العودة إلى ترميم تحالفاتهم القديمة، ما يسمونه معسكر الاعتدال، الذي حاولوا في لحظة ما من جنونهم حتى تحطيمه هو نفسه، باعتباره الاستبداد.
حسناً، ليطرح الرئيس أبو مازن إذاً، بورقته الخاصة، الشخصية، والرابحة على الطاولة، إذا كانت أميركا تنظر إليه الآن، بوصفه والرئيس مبارك والعاهل السعودي، والملك عبد اللّه، القادرين على تخليصها، ليلعب الرئيس ورقته، لا الورقة الوهمية، التي يعدها له ما يسمون لجنة الخبراء في بحث الخيارات.
هل الخيار الذي ينقذ الشعب الفلسطيني اليوم، هو تحدي "حماس" والانقلاب على نتائج الانتخابات، بالدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية؟ أم طرح الورقة الفلسطينية على الطاولة بقوة، بعد تقرير بيكر -هاملتون، الذي قال إنها القضية الأساس في كل مشاكل أميركا هذه المرة؟
لماذا تضيعون أوقاتكم وأوقاتنا أيها السادة، في هذا العقم الفكري والسياسي، الذي لا يوصلنا إلى أية ناحية؟ وأكاد أقول هل كفت "فتح" عن القدرة على التفكير؟ وإلا من هم هؤلاء العباقرة الذين يفكرون بمثل هذه الخيارات والبدائل، من نوع، انتخابات مبكرة؟ وانتخابات لماذا؟ هل لأن "حماس" تعرقل حقاً تشكيل حكومة وحدة وطنية؟ وإذا كان الجواب، نعم، أي لأنها تعرقل، وتماطل، وتحاول كسب الوقت.
ليكن كل ذلك، ولكن لتسألوا أنفسكم ماذا تريدون أنتم من هذه الحكومة؟ هل تريدون "العنب" أم "الناطور" أيها السادة؟ فإذا أردتم "العنب"، أي الغاية، التي هي خدمة الأهداف الوطنية، فإن مقاربة تشكيل الحكومة تختلف عندئذٍ عن المقاربة الأخرى، الثانية.
وما نعرفه أن "حماس" على استعداد للتوافق على وزير للخارجية، بإعطاء ما للخارج للخارج، ولكنها تصر على وزارتين، ومعها الحق في ذلك، المال، والداخلية، فالمال هو أُس الفساد والسلطة معاً. وهي الحزب الحاكم الذي أعطاها الشعب هذا الحق. فإذا منحها الشعب هذا الحق، وهو أبو السلطان، فلماذا نحرمها من هذا الحق، ألم يكن موضوع الفساد هو المسألة الأولى على أجندة الرأي العام، خلال الانتخابات؟ وأنتم من أخطأتم في حق أنفسكم، حين سمح البعض لنفسه، بتلويث تجربة السلطة بهذه اللوثة، في سياق توظيف هذه القضية في المنافسات الداخلية، وأنا حذرتكم في حينه هنا من هذه الخطيئة القاتلة؟
فلماذا تعطيكم "حماس" أو تعطي سواكم هذه السيطرة على المال، بحيث تفقد "حماس" قدرتها على السيطرة، وتتحمل في الانتخابات القادمة، وزر أي أخطاء يمكن أن تسجل ضدها؟
أما الداخلية، واسمحوا أن نقول هنا، إن حكومة "حماس" هي التي نجحت حتى الآن فيما فشلت فيه كل الحكومات السابقة في ضبط الأمن الداخلي. فالعائلات المتغطرسة تم تكسير أنفها، والذين يفكرون الآن، باستباحة الممتلكات العامة، مستشفى الشفاء، أو العربدة، يحسبون ألف حساب للقوة التنفيذية، فماذا تريدون؟ تريدوننا العودة إلى الفوضى؟
ثم إن حكومة "حماس" هي التي نجحت في هذا الأمر الآخر، وهو التوصل إلى وقف إطلاق النار ووقف إطلاق الصواريخ، وهي الأقدر على ضبط الفصائل والحفاظ على تثبيت هذه التهدئة.
خذوا ما للخارج والعبوا الورقة الفلسطينية بجدارة، واتركوا ما للداخل للداخل، أي ل "حماس"، وهكذا تتكاملون، أما انكم تريدون الخارجية، والمالية، والداخلية، فاسمحوا لنا، هذه ليست حكومة وحدة وطنية، هذه حكومة، تجعل "حماس" شاهدة زور على إقصاء نفسها، و"حماس" لا تقبل بذلك.
ولكن الأنكى من ذلك، هو إعطاء الشارة مجدداً، للإضراب، وهذه المرة، ليس إضراب المعلمين، ولكن الوزارات التي لها علاقة بتحصيل الموارد الداخلية، لإفراغ الخزينة المالية، فهل من المصلحة الوطنية هذا العمل؟ الذي قلّص حتى الآن موارد السلطة الداخلية من 100 مليون شيكل إلى النصف.
ولماذا بدل توجيه إضراب القطاع الوظيفي نحو تصويب الرصاص على الأقدام، القيام بدلاً من ذلك بتجنيد حملة شعبية وطنية، تشارك فيها كل قطاعات الشعب الفلسطيني، في الداخل، والجاليات في الخارج، للاحتجاج على الموقف العدائي الذي تمارسه الإدارة الأميركية، بقطع الرواتب عن الموظفين؟ أليس هذا هو الأجدى؟ فهل حكومة "حماس" هي التي تمنع عنا الرواتب؟ وهل هي صدفة انه في الوقت الذي حصلت فيه الحكومة على المساعدة القطرية لقطاع التعليم والصحة، وبات بمقدورها أن تسدد لنا لأول مرة راتبين قبل العيد، أن يتحرك إضراب الموظفين عندنا في الضفة خصوصاً، وليس في غزة، وتصبّ أميركا جام غضبها على قطر، وتطلع عندنا لجنة الخبراء بتوصيات الدعوة لانتخابات؟
إن على قطاع الموظفين ألا يكون شريكاً في هذه اللعبة، وإن على الرئيس "أبو مازن"، أن يلعب بورقته الآن في الاتجاه الصحيح، لكي نخرج جميعاً من هذا المأزق .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.