تلقت الإدارة الأمريكية تقارير استخبارية عاجلة من داخل الساحة اللبنانية ومن دول في المنطقة تفيد بأن حكومة فؤاد السنيورة أخذت تفقد توازنها أمام الرفض الجماهيري لبقائها، ونقلت مصادر مطلعة أن واشنطن دعت إلى لقاء سري عاجل في عاصمة عربية لتدارس الموقف الذي وصفته المصادر بالخطير في لبنان، ومحاولة منع حكومة السنيورة من السقوط، وأشارت المصادر إلى أن الدعم العربي والدولي الرسمي لحكومة لبنان الحالية، لا يفيد أمام المد الجماهيري الضخم الذي ينادي بسقوط هذه الحكومة وأفادت المصادر نقلا عن مسئول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية قوله، أن انهيار حكومة السنيورة سيكون مقدمة لسقوط المزيد من الحكومات والأنظمة الموالية للإدارة الأمريكية، وأن هناك اقتراحا أمام صانعي القرار في واشنطن يدعو إلى القيام بعملية سلام شاملة في المنطقة لوقف التحرك والتدخل الإيراني المتزايد في المنطقة. يأتي هذا في الوقت الذي نفت فيه المعارضة اللبنانية التي دخل اعتصامها المتواصل يومه الثاني عشر انفراج الأزمة مع حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة عقب وساطة لمبعوث الجامعة العربية مصطفى عثمان إسماعيل التقى خلالها قيادات لبنانية, فيما أعلنت قوى 14 آذار أن تلك الوساطة لم تحسم أولويات التسوية، وأعلن المسئول الإعلامي بحزب الله حسين رحال أن مبادرة الجامعة العربية "لازالت في بدايتها" وإن الحزب ينتظر رد السلطة عليها، مؤكدا عدم وجود نية لتعليق التحرك الاحتجاجي خلال الاتصالات الجارية حول المبادرة. وأضاف أن حزب الله يبحث الآليات والتفاصيل مع حلفائه مع استمرار المعارضة في اعتصامها المفتوح وسط بيروت إلى حين تحقيق مطلبها المتمثل باستقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
بالمقابل اعتبر سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية، وأحد قادة قوى 14 آذار أن المبادرة العربية المطروحة لم تحسم بعد "أوليات النقاط الخلافية" بين الأكثرية والمعارضة، زاعما أن بقاء المعارضة في الشارع لإسقاط الحكومة "لن يؤدي إلى نتيجة".
وتأتي تلك المواقف فيما من المقرر أن يصل الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لمتابعة المبادرة العربية بعد أن قطع زيارته لواشنطن لهذا السبب، وكان مبعوث الجامعة العربية مصطفى عثمان إسماعيل التقى أمس في بيروت رئيسي الحكومة فؤاد السنيورة ومجلس النواب نبيه بري وزعيم الأغلبية النيابية سعد الحريري، في إطار وساطته لحل الأزمة السياسية.
تفاصيل المبادرة ويحمل إسماعيل أفكارا من ست نقاط أهمها توسيع الحكومة الحالية إلى ثلاثين مقعدا، بحيث تحصل القوى الحكومية الحالية على 19 مقعدا فيما يكون نصيب قوى المعارضة عشرة مقاعد، على أن تقوم المعارضة بتسمية الوزير الأخير شريطة أن يكون لقوى الحكومة الحالية "حق الفيتو" عليه أي رفضه.
وتتضمن المبادرة أيضا عودة الأطراف اللبنانية إلى الحوار للبحث في تفاصيل هذه الحكومة، وإقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري، والانتخابات النيابية المبكرة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية إضافة إلى مؤتمر باريس للدعم الاقتصادي.
المحكمة الدولية من جهة أخرى وفيما اعتبر مؤشرا على تعقيد الأزمة وتصعيدا لها من طرف الفريق الحاكم، دعت حكومة السنيورة لاجتماع اليوم لإحالة قرار تشكيل محكمة ذات طابع دولي لقتلة الحريري إلى البرلمان؛ ويأتي انعقاد الاجتماع رغم اعتبار رئيس الجمهورية إميل لحود بأن الحكومة التي استقال منها وزراء المعارضة باتت "فاقدة للشرعية". كما تعتبرها المعارضة التي يتقدمها حزب الله "غير دستورية" وتواصل الاعتصام المفتوح منذ 12 يوما لإسقاطها.
وعلى الصعيد نفسه أعلنت مصادر مطلعة أن "إسرائيل" ودولا عربية والولايات المتحدة تتدارس فيما بينها زيادة تأثير إيران وسوريا في المنطقة، مما سيضطر واشنطن الى التعاطي في المرحلة القريبة القادمة بشأن أزمات المنطقة مع دمشق وطهران. وكشفت المصادر ان ايهود اولمرت رئيس الوزراء الصهيوني أعرب عن تخوفه من ان يحقق من أسماهم بالمتطرفين في لبنان نصرا، يتمثل في سقوط حكومة فؤاد السنيورة، مما سيؤدي الى تهديد المدن والقرى الصهيونية الشمالية مما يستوجب رفع درجة التأهب على الحدود مع لبنان وسوريا، لأنه إذا ما اندلعت الحرب مجددا فمن المؤكد أن سوريا سوف تشترك فيها.