رجحت مصادر أمريكية وجود صفقة لاستمرار إخفاء اسم المسئول المصرى المتهم بالحصول على رشوة من شركة "مرسيدس دايملر" الألمانية من أجل منحها عقودا لتوريد سيارات مرسيدس إلى إحدى الجهات الحكومية فى مصر. فى الوقت نفسه تم الكشف عن نص قرار السلطات الأمريكية بتجميد التحقيقات فى قضية رشوة "دايملر" التى أقرت بالخطأ ووافقت على دفع غرامة قدرها 185 مليون دولار للسلطات الأمريكية. ويقع القرار الذى لن ينشر قبل 30 يونيو المقبل بموجب القوانين الأمريكية فى 45 صفحة. وقد خلا القرار من أى إشارة إلى مصر أو المسئول المصرى المتهم رغم أن التحقيقات الأمريكية تحدثت فى البداية عن تقديم الشركة الألمانية رشاوى إلى مسئولين فى نحو 20 دولة فى العالم بينها مصر والعراق وروسيا والصين من أجل الفوز بعقود لبيع سيارات مرسيدس. وكانت الحكومة الأمريكية قد رفعت أربع قضايا ضد (دايملر الأم ودايملر روسيا ودايملر الصين وشركة ألمانية تتبع دايملر)، وتمت تسوية قضايا الشركتين فى روسيا وألمانيا مقابل غرامات مالية بلغت 185مليون دولار، ومنحت الشركة الأم ودايملر الصين فرصة الوضع تحت الاختبار لمدة سنتين يتم فيها متابعة تطوير الشركتين لأساليب إدارة أعمالهما من أجل تجنب أخطاء الماضى، أو أن تفشل ويتم تحريك الدعوى من جديد. وطبقا لوثائق المحكمة، فقد عين القاضى ريتشارد ليون المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى «لوبس فريى» لمتابعة أداء وإصلاحات شركة "دايملر" فى نظامها الداخلى بهدف ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات، وإطلاع المحكمة كل ستة أشهر على هذه التطورات. وذكر مسئول بالمحكمة وللمحكمة الفيدرالية لمقاطعة كولومبيا «مقر العاصمة الأمريكية» أن «القضية يمكن اعتبارها منتهية، وليس هناك أى شىء جديد يمكن الوصول إليه». وذكر أحد خبراء القانون الجنائى بواشنطن «توجد معاهدة تبادل المساعدة القانونية فى القضايا الجنائية بين الولاياتالمتحدة ومصر، تم توقيعها عام 1998، ويمكن للحكومة المصرية بمقتضاها أن تطلب مساعدة الجهات الأمريكية، إذا ما رغبت الحكومة المصرية، إلا أن الطلب الحكومى المصرى لن يضمن تقديم الجانب الأمريكى أجوبة مفيدة، الأمر يتوقف على طبيعة وكيفية إقرار شركة دايملر بالذنب تجنبا للمحاكمة». وخلال عدة زيارات لوزارة العدل الأمريكية وللمحكمة الفيدرالية لمقاطعة كولومبيا «مقر العاصمة الأمريكية»، رصدت مصادر العديد من وجهات النظر حول القضية من مسئولين فى المحكمة، ومسئولين فى وزارة العدل، والعديد من الخبراء القانونين. واتفقت الآراء على ترجيح «عقد صفقة» بين المسئول المصرى وجهات التحقيق الأمريكية، وتأكد من خلالها المسئول المصرى عدم الإعلان عن هويته مقابل تعاون تام وكشف ممارسات الشركة الأمريكية غير القانونية فى مصر وخارجها. وذكرت إحدى المطلعات على إجراءات التقاضى أمام المحكمة الفيدرالية فى مقاطعة كولومبيا، فضلت عدم ذكر اسمها، «تاريخيا يفضل أغلب المسئولين الفاسدين فى دول العالم الثالث دفع أى ثمن أو الوصول لأى صفقة تحمى وتستر هويتهم، وللأسف يساعد القانون الأمريكى فى حالات القضايا الإجرامية، هذه الحالة تقع فى هذه الفئة من القضايا، أكثر أهمية من وجهة نظر المحكمة وجهات الادعاء». وأضافت المسئولة «من أصعب الحالات أن يقر المتهم بالذنب لتجنب المحاكمة، وفى هذه الحالة لا يتم الكشف عن الكثير من التفاصيل بسبب عدم وجود مداولات أو مواجهات فى عملية التقاضى التى يمكن أن تأخذ وقتا طويلا، وتكشف عن تفاصيل صغيرة مثيرة». وقد تم تجميد القضية على إثر إقرار شركة دايملر الأم بذنبها والاعتراف بتقديم رشاوى لمسئولين حكوميين فى 22 دولة، من بينها مصر، من أجل تسهيل أعمالها، فى مخالفة صريحة للقوانين الفيدرالية التى تمنع هذه الممارسات على الشركات الأمريكية حتى خارج حدود الولاياتالمتحدة.