لم تعد مسكنات عبدالفتاح السيسي بعد تجميد «رز الخليج» كافية لتجاوز أزمات الاقتصاد المصري المنهار منذ 30 يونيو، والذى أثقلت كاهلة الديون وزادت أعباءه القروض وضربه فى مقتل انهيار العملة المحلية فى مواجهة زحف الدولار، فى ظل انهيار السياحة وسداد قناة السويس لفوائد التفريعة الجديدة، وتراجع حاد فى الصادرات مقابل توسع ضخم فى الاستيراد. ومع لجوء حكومة محلب الفاشلة للتضييق على بسطاء الشعب المصري وحصار الشريحة الأكبر من الكادحين برفع الدعم وغلاء الأسعار وانفجار فواتير الغاز والكهرباء والقمامة بشرائح جزافية، إلا أن الأمر لم يحرك ساكنا فى الاقتصاد -القابع فى الإنعاش على بقايا أوكسجين الخليج- ، حيث تم توجيه جملة ما تم توفيره لصالح جيوب أجنحة السيسي فى الجيش والشرطة والقضاء بمضاعفة الرواتب وتضخم الميزانيات وزيادة المعاشات لتبتلع موازنة الدولة بأكملها. ومع إدمان حكومة محلب للاقتراض من أجل إيجاد حلول سهلة وعاجلة لمشكلات آنية –دون النظر إلى العواقب المستقبلية- طرح البنك المركزى المصرى اليوم الأحد ، نيابة عن وزارة المالية بحكومة محلب، أذون خزانة بقيمة إجمالية تقدر ب7 مليارات جنيه، حيث تبلغ قيمة الطرح الأول لأذون خزانة لأجل 91 يومًا، 2.5 مليار جنيه، وأذون بقيمة 4.5 مليار جنيه لأجل 266 يومًا. ومن المتوقع أن تصل قيمة العجز فى الموازنة العامة للدولة بنهاية العام المالى الجارى 240 مليار جنيه، ويتم تمويله عن طريق طرح البنك المركزى لأذون وسندات خزانة، و أدوات الدين الحكومية، نيابة عن وزارة المالية، وعن طريق المساعدات والمنح من الدول العربية والقروض الدولية. الصادرات «مفيش» طرح الأذونات يأتيى بالتزامن مع الكشف عن الأرقام الصادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات الحكومية والتى سجلت تراجعا حادا في الصادرات المصرية خلال العامين الماضيين وهي الفترة التى تلت الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب فى تاريخ البلاد واستشهد التقرير -الذي أعده الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي- بالأرقام الصادرة عن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات الحكومية، والتي تكشف أن قيمة الصادرات المصرية تراجعت في نهاية عام 2014 إلى 24.4 مليار دولار، مقابل 28.7 مليار دولار بنهاية عام 2013، بتراجع بلغت نسبته 15%. لكن بالنظر إلى النصف الأول من العام الحالي 2015، فإن الصادرات سجلت تراجعاً أكثر حدة مع مقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي. وسجلت قيمة الصادرات في يناير 2015 نحو 1.46 مليار دولار، مقابل 1.77 مليار دولار في الشهر نفسه من العام الماضي بتراجع بلغت نسبته 17.5%، كما تراجعت في فبراير إلى 1.46 مليار دولار، مقابل 1.92 مليار دولار في الفترة ذاتها من 2014، بانخفاض نسبته 23%. وكان التراجع أكثر حدة في مارس، الذي سجل 1.59 مليار دولار، مقابل 2.2 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بهبوط بلغت نسبته 27%. ويؤكد التقرير -المنشور بصحيفة العربي الجديد اللندنية- أن التراجع ظل مسيطراً ولكن بنسب أقل في أبريل الذي سجل 1.57 مليار دولار، مقابل 1.93 مليار دولار في الشهر نفسه من 2014، بخسارة بلغت نسبتها 18%، ارتفعت إلى 19% في مايو الذي بلغت قيمة صادراته 1.7 مليار دولار، مقابل 2.1 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي. ومن خلال هذه البيانات، يتضح أن نسبة التراجع تراوحت ما بين 17.5% و27%، وهي نسب عالية، ودلالاتها السلبية، مقارنة بأداء أشهر عام 2014، أن التراجع السلبي هو السمة الرئيسة لأشهر 2015، بينما كان الأداء متذبذبا في أشهر عام 2014، حيث سجلت بعض الأشهر زيادة في الصادرات، لتظل نسبة الانخفاض ضئيلة إلى حد ما في أشهر ذلك العام. نتائج عكسية وكشف التقرير أن زيارات وزير التجارة والصناعة بحكومة محلب، منير فخري عبد النور، لعدة دول بهدف زيادة الصادرات المصرية، جاءت بنتائج عكسية وكشفت الأرقام أن الصادرات المصرية لغالبية الدول التي زارها الوزير سجلت تراجعاً خلال العام الماضي فإحصاءات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، تبين أن الصادرات المصرية تراجعت خلال عام 2014 مقارنة بعام 2013 بنسبة 9% للدول العربية، و10% للاتحاد الأوروبي، و28% للدول الآسيوية غير العربية، ودول أوروبا الشرقية بنسبة 51%، و47% لدول أميركا اللاتينية. أما الدول التي زادت إليها صادرات المصرية خلال عامي المقارنة فهي "تجمع النافتا"، ويضم دول الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك، بنسبة 28%، لكن قيمة الزيادة كانت متواضعة بنحو 145 مليون دولار، وكذلك زادت الصادرات المصرية بنسبة 22% للدول الأفريقية غير العربية بنحو 600 مليون دولار. انهيار القطاعات وتبين الإحصاءات أن تراجع الصادرات شمل غالبية القطاعات الرئيسة لنشاط التصدير بين عام 2013 و2014، فكانت نسبة التراجع في الصادرات البترولية 23%، وفي الصادرات الزراعية بدون القطن 5%، والغذائية 6%، والتعدينية 31%، والكميائية والدوائية 20%، والأخشاب والأثاث 12%، والقطن وملابس الجاهزة 12%، والكتب والمنتجات الورقية 27%. وحول أسباب هذا التراجع في الصادرات المصرية يرى الصاوي أن هناك عدة أسباب ساهمت في ذلك عجز الطاقة، حيث ساهمت مشكلة عجز الوقود خلال العامين الماضيين في تباطؤ معدلات إنتاج بعض الصناعات التصديرية لمصر، ومنها صناعات الأسمدة والأسمنت، بسبب عجز الغاز الطبيعي، الذي يعد عماد العملية الإنتاجية في هذه الصناعات. ويرى أن سياسات المصرف المركزي المصري الرامية إلى الحد من السوق السوداء للعملات الأجنبية، أيضا ساهمت فى هذا التراجع، وكذلك عجزه عن تدبير العملات الأجنبية اللازمة للوفاء بمستلزمات الإنتاج، في عدم وفاء الشركات المصرية بحصصها الإنتاجية، مما أدى إلى تراجع عقود التصدير للصناعات المصرية. أما السبب الثالث فهو حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني، التي تمر بها مصر عوائق أخرى، جعلت المتعاملين مع السوق المصرية يتخوفون من التعاقد مع المصدرين المصريين، كما ساهمت هذه الحالة بطبيعتها في حالة من الشك لدى المصدرين المصريين أنفسهم في مستقبل الاقتصاد المصري. ويشير التقرير إلى أن معدلات النمو الاقتصادي في مصر لازالت ضعيفة، فمعدلات بحدود 3.7%، لا تدل على أداء طبيعي للقاعدة الإنتاجية، حيث لا يزال الناتج المحلي ومعدلات نموه تعتمد على الاستهلاك بنسبة تفوق 95% ومن الدلالات الأكثر سلبية للنمو أن الاستهلاك يعتمد على منتجات يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي فقاعدة الصادرات المصرية لازالت محدودة، ولا تمتلك مزايا نسبية تمكنها من مزاحمة منافسيها في السوق الدولية بحسب التقرير. ومن العوامل المؤثرة سلباً في تراجع قيمة الصادرات المصرية، ارتفاع استهلاك هذا البلد من البترول والغاز الطبيعي، حيث يزداد الاستهلاك بنحو 3% سنوياً، فضلا عن تراجع معدلات الإنتاج بسبب ارتفاع مديونية الحكومة تجاه شركات النفط الأجنبية، والتي دفعت الحكومة إلى البحث عن تدابير مالية لسداد جزء من هذه المستحقات، بعد أن عزفت بعض الشركات عن المضي في أعمال التنقيب والإنتاج لتأخر مستحقاتها. وبحسب الهيئة المصرية العامة للبترول، مطلع يوليو الجاري، فإن مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة لدى الحكومة بلغت 3.5 مليارات دولار بنهاية يونيو، بزيادة 6.1% عنها في مارس الماضي.