كشفت دراسة أجراها باحثون إيطاليون عن استخدام الكيان الصهيونى في عدوانه على قطاع غزة مطلع العام الماضي لأسلحة محرمة دوليا تحوي مواد سامة ومسرطنة، وعلى رأسها اليورانيوم المنضب، وذلك من خلال إجراء عينات على جثامين عدد من الشهداء الذين سقطوا في القصف الإسرائيلي ومواطنين فلسطينيين بعد انتهاء العدوان. وتعد الدراسة هي الأحدث في هذا الإطار بعد دراسات سابقة أجريت على عينات من التربة وأدانت الكيان الصهيونى باستخدام أسلحة محرمة دوليا في عدوانه على قطاع غزة خلال الفترة ما بين 27 ديسمبر 2008 إلى 17 يناير 2009، والذي أسفر عن استشهاد 1500 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين. وأجرى الدراسة ثلاثة باحثون، هم: ماريو باربيري (جامعة روما) وباولا ماندوكا (جامعة جيناوا)، وماوريزيو باربيري (جامعة لاسابيانسا)، بالتعاون مع مؤسسة جزيلا الإيطالية وشملت الحصول على 18 عينة من 15 شهيدًا وجريحًا من ضحايا العدوان على غزة، بالإضافة إلى عينات من شعر 95 فلسطينيًا غالبيتهم من الأطفال وبينهم 7 نساء حوامل في مرحلة ما بعد انتهاء العدوان. وأثبتت نتائج الدراسة وجود 30 عنصرًا سامًا ثقيلاً، من أبرزها اليورانيوم بنسب أعلى بكثير من معدلاتها الطبيعية في أجساد المفحوصين، إضافة إلى مواد أخرى مسببة للسرطان مثل الأرزنك والكادميوم والزئبق والكروم والنيكل، والكوبات والفانيديم والنحاس والنيكل، علاوة على مواد تؤدي إلى تسمم الأجنة والجينات وتشوه في نمو الأجنة، مثل: الألومونيوم والزئبق والماغنسيوم اليورانيوم والكرومو الكادميوم والفانيديم والأرزنك والكوبالت والليثيوم والزنك والنحاس. واكتشف الباحثون من خلال فحص العينات، وجود معادن تؤثر على الهرمونات الجنسية وتؤدي إلى الإصابة العقم للرجال والنساء وتؤثر على الخصوبة والقدرة على الإنجاب، ومن بينها اليورانيوم والألومونيوم والباريوم والأرزنك والكادميوم والكروم والكوبالت والنحاس والرصاص والزئبق والنيكل والفانيديوم والقصدير. واعتبر الدكتور باسم نعيم وزير الصحة في الحكومة الفلسطينية بقطاع غزة أن نتائج الدراسة تدلل على مدى خطورة الأسلحة التي تم استخدامها، حيث بينت نتائج العينات البيولوجية استخدام الاحتلال للأسلحة المحرمة دوليًا على كافة المستويات. وأكد في رسالة إلى لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب أن وزارته سترسل الوثائق للجهات المعنية بحقوق الإنسان وتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية، بالإضافة إلى مراسلة المنظمات والمؤسسات العالمية لتتحرك لملاحقة مجرمي الحرب ومساعدة الحكومة في غزة على كيفية مواجهة هذه المخاطر الصحية. وناشد رفع الحصار المفروض على قطاع غزة ومساعدة الفلسطينيين على التخلص من آثار هذا التلوث الحاصل للأرض والإنسان الفلسطيني وتوفير الحماية والرعاية الصحية العلاج خاصة للنساء وأطفال ممن تعرضوا لهذه المعادن السامة والمسرطنة.
أزمة للكرامة الإنسانية من ناحية أخرى، وصف مسئول بالأممالمتحدة، الوضع الإنساني في قطاع غزة في ظل الحصار المفروض عليه منذ أكثر من ثلاثة أعوام بأنه يمثل "أزمة للكرامة البشرية"، مشيرًا إلى أن الحصار الخانق الذي يعانيه أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني نجم عنه حالة من البؤس جرءا حرمان السكان من احتياجاتهم المعيشية. وقال فيليب لازاريني، رئيس مكتب تنسيق الشئون الإنسانية في القدس إن الوضع الإنساني المثير للقلق في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يتغير عن العام الماضي، بل تدهور بشكل أكبر في بعض المناطق، وأضاف في مؤتمر صحفي بجنيف "بالنسبة لغزة فهناك درجة عالية من البؤس والحياة المهينة في الوقت الذي لم يتم فيه تنفيذ إلا قدر بسيط جدًا من عمليات الإنعاش وبرامج إعادة البناء" بالقطاع الذي تعرضت بنيته التحتية للدمار إبان العدوان الصهيونى عليه في مطلع العام الماضي. وذكر أن غزة لا تمر بأزمة إنسانية مثلما هو الحال في الصومال، بل يواجه القطاع أزمة هائلة للكرامة البشرية، مشيرًا إلى أن نحو 80 في المائة من سكان القطاع من المساعدات الدولية بشكل أو بآخر، وفق ما نقل موقع "CNN" بالعربية عن الأممالمتحدة في موقعها الإلكتروني. وتفرض الدولة الصهيونية منذ أكثر من ثلاثة أعوام مدعومة من اللجنة الرباعية الدولية، حصارًا مشددًا على القطاع، يشمل إغلاق المعابر، والإغلاق شبه الدائم لمعبر رفح الحدودي مع مصر، الذي يمثل البوابة الوحيدة لغزة على العالم الخارج.
بؤس هائل وأكد لازاريني أنه لا يوجد خيار آخر سوى رفع الحصار المفروض منذ نحو ثلاثة أعوام على قطاع غزة، مضيفًا بقوله: "في الواقع لم يقد الحصار إلى أي طريق، فمازال هناك قدر هائل من البؤس في غزة، كما أسفر الحصار عما يسمى باقتصاد الأنفاق الذي ساهم في تقويض جهود المعتدلين"، وأوضح أن ما تستطيع الأممالمتحدة فعله في غزة ضئيل بسبب الحصار. وبعد يوم من سماح الصهاينة بدخول شحنات من الملابس والأحذية إلى قطاع غزة، للمرة الأولى منذ حصار القطاع، اعتبر المسئول الأممي أن قرار الحكومة الصهيونية بالسماح بإدخال بعض المواد اللازمة لتنفيذ مشروع الأممالمتحدة لبناء 150 وحدة سكنية في خان يونس سيكون له آثار هامشية بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة في القطاع.