أوضحت دراسة ميدانية أن مسلمى العاصمة الألمانية برلين أظهروا خلال السنوات الماضية مشاركة فاعلة فى الأنشطة السياسية والاجتماعية المحلية، رغم اضطهادهم و معاناتهم الشديدة من تعامل المجتمع معهم كغرباء، ورفضه الاعتراف بهم كمواطنين ألمان. واعتبرت الدراسة أن إحساس الأقلية المسلمة فى برلين بالرفض والعزل المجتمعي المفروض عليهم يمثل ظاهرة عامة ينبغى على المؤسسات المعنية مواجهتها، والسعي لمنح المسلمين في عموم البلاد وضعا لائقا مماثلا لما يوجد في بلدان أوروبية أخرى.
وصدرت الدراسة التي حملت عنوان "في الوطن الأوروبي" عن المعهد البريطانى لبحوث الانفتاح المجتمعي، وتم الإعلان عنها في احتفال أجري بمقر بلدية برلين بحضور مسئولين وأكاديميين ألمان وأوروبيين.
وحللت الدراسة التى نشرها موقع قناة الجزيرة القطرية المشاعر الإنسانية والواقع المجتمعى للمسلمين في 11 عاصمة ومدينة بسبع دول أوروبية هي: ألمانيا، وبريطانيا،وفرنسا، والسويد، وهولندا، وبلجيكا، والدانمارك.
ولفتت الدراسة إلى أن أكثرية مسلمى برلين يشعرون أن المجتمع الألماني ينظر إليهم كأشخاص غير مرغوب فيهم! وينبغي إبقاؤهم على الهامش، وأشارت إلى أن 11% فقط من المسلمين فى برلين يعتقدون أن جيرانهم الألمان يعتبرونهم ألمانا مثلهم، في حين تصل هذه النسبة إلى 25% في المتوسط بين مسلمي الدول الأوروبية الست الباقية.
وقالت: إن 25% من مسلمى برلين وهامبورج يعتبرون أنفسهم مواطنين ألمان، بينما يفخر 70% و82% من المسلمين في مدينتي لندن وليستر البريطانيتين وأكثرية مسلمي باريس بهوياتهم الإنجليزية والفرنسية.
ونوهت الدراسة التى تعد الأولى من نوعها عن أوضاع المسلمين فى مستويات أوروبية محلية، إلى أن 80% من سكان برلين يرتبطون بالعاصمة وبالأحياء التي يعيشون فيها أكثر من ارتباطهم بألمانيا كوطن.
وقدمت صورة إيجابية عن واقع الأقلية المسلمة بالعاصمة الألمانية، وأشارت إلى تحول المسلمين لواقع ثابت فى الحياة اليومية لمدينة برلين، وتزايد إسهاماتهم في الأنشطة الاجتماعية بشكل مضطرد في السنوات العشر الأخيرة.
وخلصت الدراسة إلى أن هذا التطور المعبر عن نجاحات بالاندماج في برلين وغيرها من الولايات لم يكف المجتمع الألماني لمنح أقليته المسلمة شعورا بالمواطنة.
بلغة الأرقام ذكرت الدراسة أن تعداد المسلمين في برلين يناهز 300 ألف نسمة يمثلون 6% من سكان العاصمة، ولفتت إلى أن غالبيتهم يتركزون فى حي كرويتسبيرج الشعبي حيث تشكل نسبتهم فيه 33.3%.
ونبهت الباحثة في الدراسات الإثنية والمشاركة في إعداد الدراسة نينا مويهه إلى تعرض 50% من المسلمين بالعاصمة الألمانية للتمييز فى سوق العمل أو التعليم أو التدريب المهني أو الرعاية الصحية بسبب انتمائهم الديني أو العرقي.
واعتبر خبير الاجتماع السياسى البارز والمشرف على الدراسة البروفيسور فيرنر شيفاور أن الدراسة أظهرت أن التعايش السلمي والثقة المتبادلة بين المسلمين وغيرهم تحقق في النطاق المحلي نتيجة أفضل من مستوى الدولة.
كما رأى أن الدراسة كشفت عن رغبة أكثرية مسلمي برلين بالعيش في أحياء مختلطة، وليس في مناطق معزولة، مما يثبت تهافت نظرية المجتمعات الموازية التي ألصقت بالمهاجرين الأتراك ردحاً من الزمن.
ونبه رئيس مجلس الأمناء بالمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا نديم إلياس إلى أن استياء المسلمين المستطلعين في الدراسة من عدم اعتراف المجتمع الألماني بهم كمواطنين ألمان يمثل مؤشرا إيجابيا يدلل على اعتزاز المسلمين بالمواطنة الألمانية.
ورأى إلياس فى تصريح للجزيرة أن "أجواء العداء للإسلام ورفض الأجنبي أيا كان دينه، إضافة لتصعيب إجراءات التجنس لعبت معا دورا في تراجع إحساس المسلمين في برلين وفي مدن أخرى بالانتماء إلى ألمانيا كوطن".
ومن جانبه علق مفوض الاندماج في حكومة برلين المحلية جونتر بينينج على الدراسة بالقول:" إن ما كشفته يعد محصلة لسياسة رسمية متأخرة فشلت في توطين الإسلام، وإعطاء مسلمي ألمانيا إحساسا بأنهم يعيشون في وطنهم".
ودعا المؤسسات السياسية الألمانية للسعي لكسب ثقة مسلمي البلاد عبر التصدى لظاهرة "الإسلاموفوبيا" ووضع حد لمزاعم السياسيين بشأن عدم استعداد المهاجرين العرب والأتراك للاندماج.
وطالب بينينج المسلمين في برلين والمدن الألمانية المختلفة "بإظهار قدر أكبر من الانفتاح الثقافي والمشاركة في الجدل المجتمعي الدائر حولها، ولعب دور نشط فى الدفاع عن الحقوق الشخصية".
اسمه جهاد وفي سياق متصل لرفض الوجود الإسلامي في ألمانيا، رفضت طبيبة أسنان ألمانية علاج مراهق مسلم لأن اسمه ''جهاد''.
وقالت الطبيبة المتخصصة في علاج فك الأسنان: (إن الاسم يعني ''الجهاد المقدس'' وإنها تعد هذا الاسم بمثابة ''إعلان الحرب على غير المسلمين'').
واعترفت الطبيبة لصحيفة ''شفارتس فيلدر بوتن'' بأنها نادمة بالفعل على عدم علاج تقويم أسنان المراهق لعدم اقترافه أي ذنب ''في إطلاق هذا الاسم على نفسه'' على حد قولها.
وذكر تقرير الصحيفة أن والدي المراهق أعربا عن شعورهما بالصدمة، لها الموقف تجاه ابنهما لمجرد اسمه الذي لا يعني بالضرورة رفض غير المسلمين.