نظمت عصابات تجارة المخدرات والدعارة في برلين والمعروفة باسم «ملائكة جهنم» و«البانديدوز»، ثلاث مظاهرات حاشدة في شوارع برلين العاصمة علي مدي الأسبوع الماضي استمرت كل منها نحو ثلاث ساعات للاحتجاج ضد محاولات الحكومة الألمانية فرض مزيد من القيود علي نشاطاتها غير القانونية وملاحقة أعضائها جنائياً. أكثر من 2500 دراجة بخارية ضخمة جابت شوارع برلين في صفوف متقاربة وتسير ببطء، بعضها يحمل رجلاً وامرأة وبعضها مزود بمقاعد جانبية مثل التروسيكل وضعوا فيه أطفالهم والبعض وضع الدمي الكبيرة والصغيرة أمام وخلف الموتوسيكل واخترقت المظاهرة أكبر ميادين برلين في قطاعاتها الإنجليزية والفرنسية وجابت أشهرالمناطق السياحية ذهابا وإيابا في شوارع الكودام وكانتستراس، ومرورا بكنيسة هتلر حتي مقر البرلمان الألماني وهم يلوحون للألمان والسائحين برسالة واحدة :«نحن هنا ولن نخرج من برلين». المظاهرات التي تكررت في شوارع برلين جاءت رداً علي مطالبة الحكومة الألمانية لعصابات hells angels وbandidos بالتوقف عن ممارسة الأنشطة غير القانونية من تجارة المخدرات والتهريب والدعارة والتوقف عن عمليات العنف المتبادل بين العصابتين التي تصاعدت حدتها إلي القتل وحرق المنازل والحانات. الأرقام المسجلة تقول إن برلين بها نحو 700 من أعضاء ملائكة جهنم، لكن الأرقام الحقيقية تتجاوز ذلك، خاصة مع تصاعد المواجهة مع البانديدوز وهي عصابة أصغر نشأت في تكساس الأمريكية في 1966، وظهرت في برلين من نحو عشر سنوات ويستخدم أعضاؤها الدراجات البخارية أيضا واتجهت لاستمالة أعضاء ملائكة الجحيم للانضمام إليها فتسبب ذلك في انفجار العنف بين العصابتين، حيث أقدم الملائكة علي قتل المنشقين عليهم وتوسعت دائرة العنف في شوارع برلين المسالمة إلي باقي ألمانيا من ديوسبرج في الغرب إلي ليبزج في الشرق، خاصة بعد أن أعلن البانديدوز مبدأ جديداً « الرب يغفر، البانديدوز لايغفرون». السياسيون والحكومة الألمانية انقسموا حول التعامل مع هذه العصابات فهل يتم بمنعها من مزاولة نشاطها أم بالقبض علي زعمائها لوقف العنف في برلين؟ لكن جهات التحقيق الجنائي طالبت بالضرب بقوة للقضاء علي تجارة المخدرات وفك الشبكات التي كونتها هذه العصابات في كل ألمانيا تحت غطاء شركات الأمن والعقارات والمشروبات. ملائكة جهنم والبانديدوز اكتسبوا تعاطف الشعب الألماني الذي ينظر لهم كنموذج للشرائح المهملة التي لا تحظي بخدمات إنسانية واجتماعية كافية، ورغم رفض الألمان للأنشطة التي تمارسها هذه العصابات، وعلي رأسها تجارة المخدرات ودعارة الزوجات، فإن هذه العصابات نجحت في بناء جسور إنسانية واجتماعية قوية مع باقي فئات المجتمع، حيث يوفر أعضاؤها الحماية لجيرانهم من العصابات الأخري. لذا فإن الألمان لا يمانعون وجودهم بل إنهم يصبون سخطهم علي حكومة أنجيلا ميركل التي تتجاهل احتياجات فئات في المجتمع. سخط الألمان علي إهمال الخدمات الداخلية دفع نحو خمسين ألف ألماني للتظاهر في أول مايو الماضي في عيد العمال احتشدوا في برلين من أنحاء مختلفة من ألمانيا للمطالبة بتحسين الخدمات المقدمة للأطفال وكبار السن خاصة إنشاء متنزهات ودور حضانة مجهزة لاستقبال الأطفال، كما يشعر الألمان باستياء من مستوي الخدمات الصحية والرعاية لكبارالسن، أما الحكومة فقد تعاملت مع مظاهرة مايو بحسم وشدة فدفعت بنحو 200 ألف شرطي وألقت القبض علي نحو عشرة آلاف متظاهر مما أصاب الشارع الألماني بالصدمة.