أقدم أحد العاملين في شركة أتوبيس غرب الدلتا على الانتحار من فوق أعلى نقطة فى محطة تقوية شبكات المحمول بسيدي جابر ، بعد أن عجز عن توفير مبلغ 45 جنيه فقط من راتبه لشراء كيلو لحم يتناوله أطفاله في أول أيام عيد الأضحى، تزامن ذلك مع طلب إحاطة عاجل عن مصير 13 مليار جنيه أنفقت على ترفيه وفشخرة وزراء حكومة نظام مبارك، في الوقت الذي تتحجج فيه هذه الحكومة بضعف الميزانية ورفعت يدها عن بناء المساكن للفقراء والمدارس للأطفال والمستشفيات للمرضى، والشيء الوحيد الذي لم ترفع يدها عنه هو رفعها للأسعار وقمع الحريات..! من المنتظر أن تشهد أروقة مجلس الشعب خلال الأيام القادمة جلسات ساخنة، ضد الفساد الحكومي المتمثل في إهدار المال العام، حيث أعدت الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين طلبات إحاطة عاجلة ضد سفه وفشخرة الحكومة. حيث تسود حالة من الغضب الشديد والغليان في الشارع المصري الذي أوشك على الانفجار خاصة وأن النظام ليس لديه ما يقدمه، فالاقتصاد المصري تم تكتيفه بأزمة خانقة مقصودة، وتتحجج الحكومة بأنها عاجزة عن تأمين المطالب الأساسية رغم أنها ترفع شعار الدفاع عن محدودي الدخل، بينما ما تنفذه علي أرض الواقع هو لصالح رجال الأعمال الذين تتشابك وتتداخل مصالحهم مع النظام. وسط تأكيدات مراقبين أن ما تشهده مصر من اعتصامات واحتجاجات لقطاعات من الجماهير يدل على أن المرحلة القادمة سوف تشهد الكثير من الأحداث الساخنة. حيث اتهم النائب محسن راضي الحكومة بالإنفاق غير المبرر في صور عديدة تحمل مظاهر "الفشخرة" وإهدار المال العام، وقال راضي: "إن الحكومة أهدرت أكثر من 13 مليار جنيه على الوزراء وعلى كمالياتهم دون النظر إلى الحرمان الشديد الذي تعيشه ملايين الأسر داخل المناطق العشوائية والفقيرة. وأضاف: "للأسف، الحكومة تنفق المليارات على الوزارات في صور عديدة، في الوقت الذي تتجاهل فيه مشاكل الأسر المصرية التي تئنُّ من الغلاء وتدني الأجور ورفع فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي والتليفونات، وفي وقت تنفق فيه هذه المليارات نجدها تعجز عن تدبير ملياري جنيه علاوة الغلابة، فضلاً عن انخفاض إيراداتها العامة 65.7 مليار جنيه زيادة العجز في الناتج المحلي إلى 8%، وتراجع الضرائب إلى نحو 21.5 مليار جنيه وانخفاض الإيرادات غير الضريبية إلى 43 مليار جنيه، وارتفاع أسعار السلع الغذائية لأكثر من 50%، وللفاكهة 24%، و24% للخضروات، و13% للمواصلات. وأشار النائب إلى أنه على الرغم من كل هذه المشاكل وما تعلنه الحكومة من ضرورة ترشيد النفقات والتقشف إلا أننا نجد الوزراء ينفقون المليارات على مكاتبهم ومستشاريهم، موضحًا أن لدينا 33 وزيرًا، وأنه يوجد لكل وزارة 800 مستشار يتم إنفاق مليار و 200 مليون على 62 مستشارًا ومليار ونصف المليار للدهانات والصيانة لمكاتبهم بجانب 53 مليون جنيه تكلفة المهرجانات و 430 مليون جنيه تكلفة الأدوات الكتابية، و76 مليون جنيه تكلفة التهاني والتعازي في الوقت الذي نشهد فيه زيادة حالات الجرائم والتحرش الجنسي والأسر التي تسكن القبور وزيادة حالات الطلاق والخلع في المجتمع المصري التي وصلت إلى أكثر من 2 مليون حالة طلاق و12 ألف حالة خلع. مطرقة الفقر وسندان الانتحار لوهلة استقبل القرار الحكومي بصرف رواتب شهر نوفمبر قبل عيد الأضحى بارتياح كبير، قبل أن يتذكر أن راتبه لا يتعدى 168 جنيهاً ولا يكفى لشراء لحوم العيد. أمام محل الجزار وقف عاجزاً، إجمالي راتبه لا يكفى لشراء 3 كيلو جرامات من اللحوم، إذا ما قرر ألا يعيش إلا يوم العيد وفقط، ولم يشعر وقتها بنفسه إلا وهو فوق أعلى نقطة فى محطة تقوية شبكات المحمول بسيدي جابر، مهدداً بالانتحار. العاملون بشركة أتوبيس غرب الدلتا فوجئوا بزميلهم أحمد محمد رشاد أعلى محطة التقوية داخل الجراج الخاص بالشركة يحاول الانتحار ويرفض العدول عن قراره، والامتثال لتوسلات زملائه. ويعمل رشاد بالشركة منذ 13 عاماً كأمين مخزن، ويتقاضى 168 جنيهاً حسب ما يقول، ويضيف: "هذا الراتب لا يسمن ولا يغنى من جوع فى ظل الظروف المعيشية الصعبة التى نمر بها، خاصة أن لدىّ أسرة ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك، ولا نستطيع شراء كيلو لحم واحد". وأضاف رشاد: "الحافز 10 جنيهات فقط شهرياً، بالإضافة إلى تأخر الأرباح وهى عبارة عن 10 أشهر منذ عام 2008، والشركة ترفض صرفها لنا دفعة واحدة، فقامت بصرف شهرين قبل رمضان الماضى، وشهرين قبل عيد الفطر، وإلى الآن لم تصرف لنا جنيهاً واحداً على الرغم من أن هذه الأرباح من عام 2008". وتابع: "قررت الانتحار احتجاجاً على الظلم الذي أتعرض له أنا ومعظم زملائي فى الشركة من تدنى الرواتب والحوافز وتأخر صرف الأرباح"، مشيراً إلى أنهم أرسلوا شكاوى عديدة إلى وزير الاستثمار ومسؤولى الشركة، حتى إن مسئولا بالشركة قال لي: "أحمد ربنا إنك عايش وبتقبض". ورفض رشاد العدول عن محاولة الانتحار والنزول من على محطة المحمول رغم محاولات عديدة من أمن الشركة والمسؤولين بها ومسؤولى اللجنة النقابية إلا بعد وصول اللواء عادل لبيب، محافظ الإسكندرية، لسماع شكواه ورفع الظلم عنه، قبل أن يرضخ لزملائه بعد مداولات طويلة. وقام أمن الشركة والداخلية بالاحتكاك بمصور صحيفة "المصرى اليوم" وأجبروه على حذف الصور التى التقطها للموظف من داخل الشركة، إلا أنه تمكن من التقاط عدد من الصور رغم إبعاده عن الموقع. الفقر منتهى سياسة نظيف وفي سياق إغراق الشعب في أجواء الفقر أعلن الدكتور على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعي، استبدال دعم رغيف العيش من عيني إلى نقدي خلال العام المقبل، مع الإبقاء على الآليات الأساسية التى تتخذها الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية. وأضاف المصيلحى فى برنامج "منتهى السياسة" الذي يقدمه الإعلامي محمود مسلم على قناة "المحور"، أن هناك عدم عدالة فى توزيع الدعم، خاصة فى رغيف العيش والبوتاجاز، موضحاً أن الرغيف المدعم يكلف الدولة 10.5 مليار جنيه سنوياً ومتاح للسائحين والأغنياء والفقراء والأشد فقراً، وكذلك البوتاجاز. مشيراً إلى أن الأغنياء يستفيدون أكثر من الفقراء من الدعم، فيستطيع الغنى شراء 3 بوتاجازات مقابل واحد للفقير، مؤكداً أن نسبة الفقراء فى مصر حسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء وصلت إلى 21.2٪ بعد أن كانت 19.7٪ قبل عامين، لافتاً إلى أن أزمة الغذاء العالمي التى حدثت قبل عامين هى سبب زيادة نسبة الفقراء، رغم أن مصر من أقل الدول التى تأثرت فيها نسبة الفقراء. وأكد وزير التضامن الاجتماعي أن الموازنة المقبلة 2010/2011 ستشهد استبدال دعم الخبز بالدعم النقدي بحيث يحصل كل مواطن على مبلغ 13.5 جنيه شهرياً هى قيمة استهلاكه من الخبز شهرياً، فيما يصل سعر الرغيف إلى 20 قرشاً، موضحاً أن وزارته لديها قاعدة بيانات «سليمة» وخريطة للفقر فى مشروع ال 1000 قرية الأكثر فقراً.