بعد مرور نحو عام على الحرب الصهيونية على قطاع غزة والتي راح ضحيتها أكثر من ألف وخمسمائة فلسطيني نصفهم من النساء والأطفال، تزايدت حدة ووتيرة التهديدات الإسرائيلية لحركة حماس والتحذير من امتلاكها أسلحة خطيرة من شأنها أن تخل بتوازن القوى في المنطقة كالصواريخ المضادة للطائرات وأخرى بعيدة المدى تصل إلى مركز الأراضي المحتلة عام 1948. محللون وكتاب من فلسطيني الأراضي المحتلة عام 1948 تحدثوا مؤكدين أن الحرب في العرف الصهيوني هي أمر وارد بشكل دائم وأن الاحتلال يريد حرباً جديدة على قطاع غزة، لكن هناك جملة من المحاذير التي يحاول تجاوزها قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة. رسائل إلى المقاومة ويقول الكاتب الصحفي والمتابع للشؤون الصهيونية أسعد تلحمي: "دولة الاحتلال تخطط لعدوان جديد على قطاع غزة، حيث أن هذا الأمر وارد دائماً في حسابات الإسرائيليين الذين يتحينون الفرصة للانقضاض على القطاع وينتظرون استفزازات حركة حماس من أجل شن الحرب". ورغم ذلك، يرى تلحمي أن الحرب الصهيونية على القطاع لن تكون قريبة جداً، مشيراً إلى أن تصريحات رئيس هيئة الأركان الصهيوني غابي اشكنازي الأخيرة جاءت خلال تقديمه للتقرير السنوي للجنة الخارجية والأمن في الكنيست ومن الطبيعي أن يتطرق من خلاله إلى الجبهة الجنوبية والشمالية. وأكد أن تهديدات الاحتلال ليست سوى رسالة إلى فصائل المقاومة يقول لهم بموجبها أن قوة الردع الصهيونية قادرة على صد أي هجوم أو استفزاز ضد الأراضي المحتلة. ولم ينف تلحمي إمكانية شن حرب على غزة مستقبلاً، موضحاً أن كيان الاحتلال لا يستطيع البقاء مكتوف الأيدي حيال تعاظم قوة حركة حماس في قطاع غزة، وذلك حسب الروايات الصهيونية الأخيرة التي تؤكد أن قوة حماس تتعاظم شيئاً فشيئاً. وحول تصريحات عضو الكنيست الصهيوني شاؤول موفاز الذي دعا إلى التفاهم مع حركة حماس، قال تلحمي: "حديث موفاز هذا يحمل رسالة، وإن لم تكن رسمية لأنه من المعارضة وهي أن "إسرائيل" مستعدة للتفاوض مع حماس في حال اعترفت الأخيرة بشروط الرباعية الدولية ومنها الاعتراف ب "إسرائيل". وقال الكتاب المتابع للشأن الإسرائيلي :إن "الرسالة الإسرائيلية هذه جاءت لتقول للعالم أن حماس هي المشكلة وليس إسرائيل حيث أن حكومة الاحتلال تقبل بالتفاوض وحماس لا تقبل بذلك". قيود جولدستون وكانت حركة حماس رفضت التفاوض مع حكومة العدو الصهيونية والاعتراف بها، جاء ذلك عقب تصريحات رئيس هيئة أركان جيش العدو السابق شاؤول موفاز الذي اقترح التحاور مع حماس من أجل التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة. من ناحيته، قال المحلل السياسي والخبير في الشأن الصهيوني أنطوان شلحت :"على الرغم من أن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة توحي بأن "إسرائيل" مقبلة على حرب جديدة، غير أنني اعتقد أنها تهديدات تعكس الضائقة الإسرائيلية حتى على المستوى العسكري". وأوضح شلحت أن "التقارير الصهيونية الأخيرة بغض النظر عن صحتها تشير إلى أن قوة حركة حماس تعاظمت في الفترة الأخيرة الأمر الذي يشير إلى أن أي حرب قريبة ستكون حرباً أشد ضراوة وهذا أمر معقد جداً بالنسبة لكيان العدو الصهيوني. واستدرك المحلل السياسي والخبير في الشأن الصهيوني قائلاً: "هناك عدة أمور تقيد الاحتلال وتجعله يفكر مرتين قبل الإقبال على أي حرب جديدة حيث أن الوضع بعد نشر تقرير جولدستون الاممي أصبح مختلفاً جداً عما قبله". وأشار إلى أن حكومة العدو قد تلجأ إلى الحل السياسي مع حركة حماس بدلاً من الحرب في ظل المراقبة الدولية المشددة، مؤكداً أن هناك أصواتاً صهيونية بدأت تتعالى في الفترة الأخيرة مطالبة بالحوار مع حماس. ورأى المحلل السياسي أن كيان الاحتلال يلجأ إلى التهديد والوعيد وخلق أجواء وهمية للحرب كجزء من حملته للضغط على حركة حماس في قطاع غزة للقبول بالمفاوضات. وأوضح أن :"الشعب الإسرائيلي بدأ ينادي بالحوار مع حركة حماس بعد الحرب على غزة ليس من منطلق محبة السلام مع الفلسطينيين إنما من منطلق حماية الذات". وكانت استطلاعات الرأي الصهيونية الأخيرة أظهرت أن الأغلبية العظمى من الصهاينة يدعمون خطة عضو الكنيست الصهيوني شاؤول موفاز للتفاهم مع حركة حماس وإقامة دولة فلسطينية. عودة إلى الحرب بدوره، أكد الخبير في الشؤون الصهيونية نظير مجلي أنه يجب قراءة التهديدات الصهيونية الأخيرة بدقة أكثر، مشيرا إلى أن قول اشكنازي إن حماس تلتزم حتى الآن بعدم إطلاق النار ولكننا نراقبها ونلاحظ تطورها وتعاظم إمكاناتها ما يدلل على إمكانية عودة الحرب من جديد. وأوضح مجلي : "حل الحرب مدرج دائماً على القائمة الإسرائيلية، ولكنني أعتقد أن "إسرائيل" تسعى في هذه الفترة لتسخير الوضع القائم في غزةوإيران من أجل شن حرب كبيرة على محاور عديدة. ورأى أن جيش الاحتلال الصهيوني لديه مخططات كثيرة للعديد من الحروب التي سيدخلها، بيد أن الحرب المقبلة حسب اعتقاده ستكون حرباً على إيران ثم تتسع لتشمل سوريا وحزب الله وحركة حماس في آن واحد. وأشار الخبير في الشؤون الصهيونية إلى أن جيش الاحتلال الصهيوني تعود على شن حرب كل أربعة إلى خمسة سنوات، مؤكدا أن جل الميزانية الصهيونية يتم تكريسها لدعم هذا الجيش وحروبه. وكانت مناورات عسكرية هي الأكبر من نوعها في تاريخ كيان الاحتلال نظمت بالتعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية قبل أسابيع بغية تهيئة جيش الاحتلال وشحنه بالمعنويات ونقل رسالة مفادها أن "إسرائيل لن تكون وحيدة في حربها المقبلة"، حسبما أشار مجلي. وفيما يجمع المحللون على أن كيان الاحتلال لا تخلو جعبته من الإقدام على حرب جديدة، كعادته إلا أنه ينتظر الوقت المناسب، لكن ذلك يحتاج وقتاً لإقناع العالم بالخطورة التي يشكلها "أعداءه" تمهيداً للتبريرات السريعة التي ستسوقها قبل توجيه الضربة العسكرية القادمة.