هددت مجموعة من خريجي الجامعات المغاربة العاطلين عن العمل بالانتحار احتجاجا على بقائهم زهاء تسع سنوات دون توظيف، ومعظم هؤلاء العاطلين من المكفوفين، وضعاف البصر. وشرب المحتجون كميات من البنزين، وصبّوه على أجسادهم محاولين الانتحار. وتدخلت قوات الأمن بعنف لتفريق المحتجين أمام المقر الرئيسي لحزب الاستقلال، متزعم الائتلاف الحكومي الحالي، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور في قلب العاصمة المغربية. وطالب المحتجون بإيجاد وظائف لهم في القطاع الحكومي، ورُفعت شعارات من بينها "التوظيف حق لنا"، وقال يوسف الأمراني المنسق الإعلامي للمجموعة، إن هذا الاحتجاج هو بمثابة رسالة نوجهها إلى عباس الفاسي وحكومته، من أجل تفعيل المذكرة التي أصدرها الفاسي بشأن إدماج المكفوفين العاطلين بشكل استثنائي ومستعجل في إطار التضامن الحكومي، مع ضرورة توفير المناصب المالية لضمان تنفيذ الدورية مع توظيف كل أعضاء المجموعة، مشيرا إلى أن هذه المطالب تقدمت بها المجموعة في رسالتين وُجهتا إلى رئيس الوزراء لكن دون جدوى خصوصا بعدما انقطع الحوار بين المجموعة ووزارة التنمية الاجتماعية منذ سبتمبر الماضي. ومن جهتها، قالت إحدى العاطلات بالمجموعة نفسها، إن المجموعة قامت بهذه الخطوة "بعدما تبيّن لنا أن ملفنا طاله التهميش، وأصيب بشلل داخل دواليب الحكومة التي عمدت إلى تشغيل دفعات في وزارات العدل والصحة والداخلية والتربية الوطنية، ثم توقفت هذه العملية عندنا". يشار إلى أن هذه المظاهرة أسفرت عن إصابة 25 حالة يرقدون الآن في المستشفى من بينهم امرأة حامل تعرضت لاعتداء جسدي من طرف الشرطة عندما حاولت إضرام النار في نفسها. في حين تعرضت ثلة من المعطلين في صفوف مجموعة المستقبل للأطر "الكوادر" العليا التي كانت تقوم بمسيرة سلمية، على حد تعبيرها، للعنف من طرف الشرطة التي طوقت الشوارع المجاورة. وغير بعيد عن مقر حزب الاستقلال، قامت مجموعة أخرى من العاطلين تسمي نفسها "مجموعة الرابطة الوطنية للأطر العليا"، بتنظيم وقفة أمام وزارة العدل احتجاجا على الاعتقالات والتهم الملفقة، على حد تعبيرها، التي أدت بتسعة من أفراد المجموعة إلى المتابعة القضائية، إذ سيمثلون الأسبوع المقبل أمام القضاء بتهم عرقلة أجهزة محطة القطار، وضرب وجرح موظف داخل القطار، ثم الدخول إلى محطة السكة الحديدية دون إذن. من جهته دعا الدكتور "حسن قرنفل" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة أبي شعيب الدكالي- إلى التحلي بالكثير من المرونة في إشراك المكفوفين في الحياة المجتمعية، وذلك عن طريق تأسيس هيئة حكومية تتكون من مكفوفين وأطباء وباحثين اجتماعيين، يكون هدفها البحث عن السبل الناجعة لإدماج المكفوفين في المجتمع، وليس فقط إعطاؤهم منحًا أو مساعدات مالية، ولكن العمل على إيجاد أعمال مناسبة لكفاءاتهم؛ كي يتم القضاء بشكل نهائي على الحواجز الموجودة بين هذه الفئة من الناس، وبين باقي أفراد المجتمع. كما أن الدستور المغربي، حسب "قرنفل"، ينص على التضامن، لذا فمن الأولى التضامن مع ذوي الاحتياجات الخاصة من أجل إنقاذهم من الضياع. وشدد على أنه يجب معالجة مشكلة المعطلين المكفوفين بالكثير من السخاء، على اعتبار أنهم رغم إعاقتهم استطاعوا أن يعبروا عن قدرات كبيرة ورغبة في النجاح، وبذلوا مجهودات كبرى في الحصول على أعلى الشهادات؛ لذلك فمن الواجب على المجتمع أن يقدم لهم يد العون، وذلك بمؤازرتهم في إيجاد عمل محترم يمكنهم من ضمان لقمة العيش، ومن المساهمة في السير بالمجتمع قدما، ويجنبهم حياة التشرد والتسول التي يعيشونها الآن في ظل تجاهل المسئولين لطلباتهم.