واشنطن – كابل - تعالت الأصوات في الولاياتالمتحدة ضد أي قرار محتمل للرئيس الأميركي باراك أوباما يقضي بإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان، وسط تراجع تأييد الأميركيين للحرب هناك. ويقول خبراء إنه يتعين على أوباما بذل جهد أكبر لإقناع أعضاء حزبه الديمقراطي بخطته وأن يعمل بجد لتطوير إستراتيجيته.
ويدرس أوباما تقييما رسميا للحرب من قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال، الذي ينتظر أن يسفر تقريره عن طلب الجيش مزيدا من القوات القتالية.
وتساعد هذه القوات الإضافية في التصدي للمقاومة المتزايدة ويتوقع أن تؤدي إستراتيجية المواجهة المباشرة مع مجاهدي طالبان إلى عدد أكبر من الخسائر بين القوات المحتلة الأميركية، مما يزيد من صعوبة استمرار أوباما في إقناع الشعب الأميركي بالحرب.
في الأثناء تراجع تأييد المواطنين الأميركيين بشكل متزايد للحرب في أفغانستان، حيث سجلت أعمال العنف أعلى مستوياتها منذ الإطاحة بحركة طالبان من السلطة عام 2001، وفي هذا الشأن قالت كارين فون من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن "أستمع من الجنود لدعم أكبر لأفغانستان أكثر مما أستمع إليه من المدنيين الأميركيين".
وتوقع بروس ريدل من مركز سابان التابع لمعهد بوركينجز والذي أشرف على مراجعة إستراتيجية أفغانستان وباكستان في مارس/آذار الماضي، أن يوجه أوباما كلمة في وقت قريب يعرض فيها مرة أخرى أسبابه للضرورة الحتمية لأن تكون هناك حملة كاملة الموارد في أفغانستان.
وقد سعى البيت الأبيض للتهوين من الخلاف داخل الكونغرس تجاه مستويات القوات، ولكن يبدو أن ثمة جدلا داخليا متزايدا بشأن الخطوة التالية، إذ يقول المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جبيز إن الأمر قد يستغرق أسابيع كثيرة، قبل الإعلان عن أي تغيير في أعداد القوات.
أما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي فقد دقت ناقوس الخطر يوم الخميس الماضي حين قالت إنه من المحتمل ألا يدعم الكونغرس طلب إرسال المزيد من القوات القتالية، وفي اليوم التالي قال الرئيس الديمقراطي للجنة القوات المسلحة السيناتور كارل ليفين إنه ينبغي التركيز على زيادة أعداد القوات الأفغانية وليس إرسال المزيد من القوات الأميركية.
في المقابل يؤيد معظم الجمهوريين إرسال المزيد من القوات لأفغانستان، وقال زعيم الجمهوريين في مجلس النواب جون بينر "سيكون خطأ إستراتيجيا وفي غير صالح الرجال والنساء الذين يخاطرون بأرواحهم أن نفعل غير ذلك".
وستضاعف الولاياتالمتحدة تقريبا قواتها في أفغانستان إلى 68 ألفا بحلول نهاية عام 2009، ويقول بعض المحللين إن هناك حاجة لزيادة أخرى قوامها 45 ألف جندي.
ولدى دول أخرى معظمها من أعضاء حلف شمال الأطلسي 38 ألف جندي آخر في أفغانستان وتتردد في إرسال المزيد من القوات.
ومما يزيد تعقيد مهمة أوباما هو الغموض السياسي في أفغانستان في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في أغسطس/آب الماضي، وسط اتهامات بتفشي عمليات التزوير.
ميدانيا قال جيش الاحتلال الأميركي إن خمسة من جنوده قتلوا السبت في أفغانستان، كما لقي سبعة جنود أفغان مصرعهم وأصيب عشرة آخرون في معارك مع عناصر حركة طالبان، وقتل عشرات المدنيين في حوادث متفرقة البلاد.
وأوضح بيان للجيش المحتل أن ثلاثة من الجنود قتلوا في انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة بجانب الطريق في غرب أفغانستان، بينما قتل اثنان آخران في انفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهما في شرق أفغانستان.
وفي ولاية فراه قتل سبعة جنود أفغان وأصيب عشرة آخرون في معركة طويلة مع مقاومين من طالبان التي صعدت هجماتها لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ الغزو الأميركي الذي أسقط حكمها في أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.
وشهدت ولاية قندز مقتل عدد من جنود الشرطة عندما هاجم مقاتلون نقطة للشرطة، كما اقتحم مفجران انتحاريان سجنا في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان، وقتل ستة حراس يتبعون شركة أمن محلية عندما هاجم مقاتلون مكتبهم في ولاية كونر.
وفي أسوأ أحداث السبت قتل 14 مدنيا إثر انفجار قنبلة مزروعة على الطريق في سيارة نقل ركاب بولاية أوروزغان، بينما قتل ستة مدنيين في تفجير عبوة ناسفة بقندهار وقتل ثلاثة آخرون في غرب فراه جراء سقوط صاروخ على منزلهم.
هجمات بالجملة وكان الجديد في هجمات السبت أنها وقعت في كافة أنحاء أفغانستان وليس فقط في المناطق الجنوبية والشرقية التي يجتاحها العنف منذ فترة، ولكن أيضا في الغرب والشمال اللذين كانا يتمتعان بهدوء نسبي حتى الأسابيع الأخيرة.
ووصلت إراقة الدماء إلى أسوأ مستوياتها في الحرب المتواصلة منذ ثماني سنوات على الرغم من ارتفاع أعداد الجنود الأميركيين وجنود حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى درجة قياسية تجاوزت مائة ألف جندي بينهم نحو 63 ألف أميركي وصل نصفهم إلى أفغانستان هذا العام في إطار سياسة تصعيد يتبناها الرئيس باراك أوباما.