سجلت امس تطورات لافتة قد تمهد الى انفراج قريب في الملف الفلسطيني، اذ قرر وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ في القاهرة «رفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني فوراً»، في خطوة قال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى انها تعني عدم التزام البنوك العربية «أي قيود» مفروضة على تحويل اموال الى الحكومة الفلسطينية. كما أوصى الاجتماع بالتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لادانة إسرائيل. وفيما وصف وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار قرار رفع الحصار بأنه «بالغ الاهمية، وسنتكئ عليه من اجل رفع الحصار الدولي»، قالت مصادر ديبلوماسية ان الزهار وافق على اقتراح عربي بعقد مؤتمر دولي للسلام استنادا الى مبدأ «الارض مقابل السلام». وأصدر وزراء الخارجية العرب قراراً من 15 بنداً دانوا فيه «العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني والجرائم الإسرائيلية»، وطالبوا بإجراء تحقيق دولي في مجذرة بيت حانون، كما عبروا عن «الاستياء البالغ لاستخدام الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار العربي في مجلس الأمن بما يشكل موقفاً غير ودي إزاء الدول والشعوب العربية».
ودعا الوزراء العرب إلى «كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني فورا»، كما طالبوا «كل الأطراف الفلسطينية بالإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية»، وحضوا على «الافراج الفوري عن أعضاء الحكومة والمسؤولين الفلسطينيين». وقرروا «طرح الموضوع أمام جلسة طارئة للجمعية العامة في إطار الاتحاد من أجل السلام»، ودعوا إلى «عقد دورة طارئة لمجلس حقوق الإنسان للبحث في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين».
كما حض الوزراء العرب على «عقد مؤتمر دولي للسلام تحضره الأطراف العربية وإسرائيل والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن للتوصل إلى حل عادل وشامل للصراع العربي - الإسرائيلي». وقرروا «تشكيل وفد وزاري عربي من الرئاسة الحالية لمجلس الجامعة والعضو العربي في مجلس الأمن والأمين العام، لإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف الدولية الفاعلة، خصوصاً اللجنة الرباعية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لمتابعة تنفيذ هذا القرار ومواصلة المساعي من أجل إحياء عملية السلام وتحميل كل طرف مسؤوليته».
واعلن موسى في ختام الاجتماع ان «كسر الحصار» يعني «اننا لن نتعاون مع اجراءات متعلقة بفرض الحصار... وسيتعين علينا تحويل الاموال والمساعدات الطبية الى الفلسطينيين». واضاف: «سترسل الاموال من دون التزام اي قيود توضع على البنوك والبنوك العربية في تحويل الاموال»، علماً ان التحويلات المالية كانت تتم حتى الان فقط عبر الآلية التي وضعتها «الرباعية» بعد قرار وقف المساعدات المباشرة للفلسطينيين الذي اتخذ عقب تشكيل حكومة «حماس».
وفيما كانت المشاورات دائرة في القاهرة، وصل امس رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود أولمرت الى واشنطن حيث التقى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس حول طاولة عشاء. وأكدت مصادر أميركية أن رايس «حملت (خلال اللقاء) على التصعيد العسكري للحكومة الاسرائيلية في غزة» وطلبت من أولمرت القيام بسلسلة خطوات لتعزيز المعتدلين ودعم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، من بينها الافراج عن امين سر حركة «فتح» في الضفة الغربية مروان البرغوتي، والتسريع في ارسال مساعدات انسانية للفلسطينيين، كما حضته على لقاء عباس، خصوصا في ضوء اقتراب الفلسطينيين من تشكيل حكومة وحدة يرى فيها الجانب الأميركي فرصة لاعادة احياء عملية السلام. حماس: الحكومة القادمة لن تعترف بالكيان الصهيوني ولا بفكرة الدولتين وقد أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن حكومة الوحدة الوطنية المقترحة، والتي ستضم أغلبية وزارية للحركة، لن تعترف بالكيان الصهيوني، كما يحاول البعض إشاعة ذلك، كما أنها لن تقبل بفكرة الدولتين كحل للصراع الفلسطيني الصهيوني. وأوضح برهوم، في حديث أدلى به للصحفيين اليوم الثلاثاء (14/11)، "نحن نرفض حل الدولتين حسب رؤية الرئيس الأمريكي (جورج) بوش، لأنّ هذا اعتراف واضح بالكيان الصهيوني"، وتابع قائلاً "قلنا بوضوح أننا لن نشارك بحكومة تعترف بالاحتلال وهذا الموقف لم يتغير". وكانت مصادر إعلامية عبرية قد نقلت عن من وصفتهم بالمسؤولين في حركة "فتح"، قولهم إنّ الحكومة الفلسطينية الجديدة ستقبل بشروط الرباعية الدولية، بما في ذلك الاعتراف بالكيان الصهيوني، مشيرين إلى أنّ هذه الحكومة ستعمل بموجب السياسة التي يرسمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وحسب ما ورد؛ فقد ادعى أحد المسؤولين في الحركة، التي يتزعمها محمود عباس، أنه "إذا لم تعترف الحكومة (الفلسطينية) الجديدة بشروط الرباعية الدولية، فلا جدوى من المحادثات بين فتح وحماس في غزة"، بحسب ما نُقل عنه. محمد عيد شبير يبلغ موافقته على تولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية القادمة مصادر فلسطينية أكدت أنّ البروفيسور محمد عيد شبير، المرشح لمنصب رئيس الوزراء الفلسطيني في حكومة الوحدة الوطنية خلفاً لرئيس الحكومة الحالي إسماعيل هنية؛ قد أبلغ ممثلي حركتي "حماس" و"فتح" مساء أمس الاثنين (13/11) موافقته رسمياً على تولي منصب رئاسة الوزراء في الحكومة القادمة. وأوضحت المصادر أنّ حكومة الاحتلال تضغط على الرباعية الدولية لعدم رفع الحصار عن السلطة حتى اعتراف الحكومة الجديدة بشروط "الرباعية"، التي تتضمن الاعتراف بالكيان الصهيوني ونبذ المقاومة والاعتراف باتفاقات التسوية السياسية المنهارة. وأضافت المصادر أنّ مسؤولين بالسلطة الفلسطينية أبلغوا الإدارة الأمريكية واللجنة الرباعية الدولية والدول العربية رسمياً باسم الدكتور شبير كمرشح لرئاسة الحكومة الفلسطينية، مشيرة إلى أنّ الرباعية "لا ترى مانعاً في تولي شبير رئاسة الحكومة"، على حد تعبيرها. وأكدت المصادر أنّ الرباعية الدولية وعدت برفع الحصار المالي والاقتصادي عن السلطة والحكومة الفلسطينية فور الإعلان عن حكومة الوحدة الوطنية، موضحة أنّ تحرّكاً إيطالياً - فرنسياً ضاغطاً يسير باتجاه الإسراع في رفع الحصار وتقديم الأموال فوراً إلى القطاعات الأكثر احتياجاً كالتعليم والصحة والخدمات. وأوضحت المصادر أنّ الرباعية وعدت بالضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن الأموال الفلسطينية وفتح المعابر والسماح بالاستيراد والتصدير من الضفة الغربية وقطاع غزة. تصريحات صهيونية من جهته؛ صرح وزير القضاء الصهيوني ووزير البناء والإسكان في حكومة إيهود أولمرت، مائير شطريت، أنّ الكيان الصهيوني لا يعارض تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد الدكتور محمد شبير. وقال شطريت إنّ "المهم هو ما هي مواقف هذه الشخصية وما هو البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية القادمة، فهل هذه الحكومة ستوافق علي شروط (إسرائيل) والرباعيه الدولية" وتعترف بالكيان الصهيوني والاتفاقيات الموقعة معه. وأضاف شطريت "إذا اعترفت فلا مشكلة للتحاور معها، ومع ذلك لا يكفي القبول بشروط المجتمع الدولي، فعليها أن تحارب" المقاومة الفلسطينية، التي أشار إليها بنعت "الإرهاب". وقال "لقد آن الأوان لأن نجلس مع الفلسطينيين على طاولة المفاوضات، فكلانا يشعر بالارهاق الشديد من سفك الدماء والحروب المتواصلة، وعلينا أن نجلس معاً دون وسطاء للتوصل لاتفاق دائم وليس اتفاقاً أحادي الجانب أو بمراحل انتقالية، ولا عبر خطة التجميع بالضفة، بل التوصل لتسوية كاملة"، على حد تعبيره. وتأتي هذه التصريحات في ظل حالة ارتباك تسود الأوساط السياسية الصهيونية، جراء تمكّن حركة "حماس" من الإمساك بزمام الموقف السياسي في الساحة الفلسطينية، رغم كافة الحملات الضارية التي مورست عليها منذ بدء السنة الراهنة. ولم تتمكن الضغوط التي قادتها حكومة الاحتلال، من استدراج الحكومة الفلسطينية المنتخبة إلى أي من الإملاءات المعلنة في وجهها، علاوة على قرب نجاح "حماس" في تحقيق خيار حكومة الوحدة الفلسطينية المستندة إلى وثيقة الوفاق الوطني. ملامح الحكومة المقبلة وقد أوضحت المصادر الفلسطينية من جانبها؛ أنّ ملامح الحكومة الفلسطينية المقبلة بدأت تتشكل مع انتهاء الاجتماع الاول بين قيادتي الطرفين في غزة. وقالت المصادر إنّ توافقاً شبه نهائي بين الطرفين يسير باتجاه إعطاء حركة "حماس" اثنتي عشرة حقيبة وزارية بينها الداخلية والمالية والأوقاف والتعليم، فيما تأكد منح حركة "فتح" حقيبة الخارجية ووزارة الشؤون المدنية، فيما سيُمنح المستقلون خمس حقائب وزارية.
البروفيسور محمد عيد شبير
ويُعد الأستاذ الدكتور محمد عيد شبير، المرشح لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية، من أبرز الشخصيات الأكاديمية في قطاع غزة، المقربة من حركة حماس، وهو من مواليد عام 1946، وارتبط اسمه بالجامعة الإسلامية بغزة التي شهدت خلال رئاسته لها نهضة أكاديمية وعمرانية كبيرة. وقد حصل من يتوقع أن يكون رئيس الوزراء المقبل، على بكالوريوس في الصيدلة من جامعة الإسكندريةبالقاهرة عام 1968، واستكمل دراساته العليا في جامعة وست فرجينا بالولاياتالمتحدة حيث نال منها شهادة الدكتوراه في التحاليل الطبية. وعمل الدكتور شبير فور عودته محاضراً بالجامعة الإسلامية في غزة، ومن ثم تدرج فيها إلى أن أصبح أستاذاً مساعداً ومشاركاً بكلية العلوم قسم التحاليل الطبية، واختير رئيساً لقسم التحاليل الطبية بالجامعة، ومن ثم عميداً لكلية العلوم.
ونظراً لنشاطه وفعالياته بالجامعة، فقد تدرج عبر سلمها الوظيفي فأصبح وصفه الوظيفي القائم بأعمال رئيس الجامعة، ومن ثم اعتلى كرسي رئاسة الجامعة منذ عام 1993 إلى منتصف شهر (أغسطس) الماضي.
وأنجز شبير خلال رئاسته للجامعة أكثر من 15 بحثاً في مجال التحاليل الطبية أغلبها في "التلوث الميكروبي"، كما كان عضوا فعالاً في جمعية الميكروبيولوجي (الأحياء الدقيقة) الأمريكية، علاوة على أنه عضو في مجلس التعليم العالي منذ عام 1993، وحتى عام 2005. ولم يعرف عن الدكتور شبير تدخله في الأمور السياسية، غير أنّ والده الشيخ عيد شبير كان يعتبر من أبرز رجالات الإخوان المسلمين في قطاع غزة، فيما أنّه ذاته إداري كفؤ. والدكتور شبير يمتاز بهدوئه الشديد وبحنكته الكبيرة، فقد قاد الجامعة الإسلامية، التي أسسها الشيخ أحمد ياسين وعدد من رجالات قطاع غزة، في أكثر الظروف حساسية وتوتراً في القطاع.
ويُعرف عن الدكتور شبير تواضعه الشديد، ويقول مقربون منه في الجامعة الإسلامية بأنه أصر على التنحي عن رئاسة الجامعة الإسلامية في أوائل العام الحالي بعد بلوغه سن الستين بالرغم من إلحاح إدارة الجامعة ومجلس أمنائها على إبقائه في رئاسة الجامعة، وقد تفرغ للتدريس والبحث العلمي.