كان لابد من إصدار قاموس كامل يوجه ثوار الربيع العربي بكيفية التعامل مع الثورة التي يقومون بها ويضحون بأرواحهم من أجلها فنفس السياسات تحدث من دولة لأخرى كأن الربيع العربي لم يكن ولن يكن.. تحدٍ غريب من شيوخ الدول والمسيطرين على الحكم بها إما بالانتخاب أو الانقلاب كما يحدث في مصر. فبعد توارد أخبار وأفعال عديدة عن عدم تكرار المشهد المصري في تونس إلا أن ما يحدث هناك الآن يؤكد عكس ذلك ف"السبسي" رئيس تونس الحالي يخطو خطوات "السيسي" الانقلابي الحالي وعين وزير داخلية متهمًا بعدة قضايا منها التعدي على القضاة وعدم الاعتراف بالحقوق والحريات الخاصة بالمواطنين فقد أثار تعيين ناجم الغرسلي وزيرا للداخلية في الحكومة التونسية الجديدة، موجة انتقادات من قبل جمعية القضاة وأحزاب اتهمت الوزير بأنه كان جزءا من منظومة قمع القضاة في العهد السابق، لكن حركة نداء تونس طالبت بالحكم على الوزير من خلال أدائه. تصاعدت الأصوات الرافضة في تونس لتعيين ناجم الغرسلي وزيرا للداخلية في حكومة الحبيب الصيد؛ بدعوى أنه تورّط في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في التنكيل بالقضاة ومضايقتهم. وعبّرت بعض المنظمات والأحزاب السياسية المعارضة عن خشيتها من عودة المضايقات الأمنية في تونس؛ بسبب تعيين القاضي ناجم الغرسلي وزيرًا للداخلية في الحكومة الجديدة التي حظيت بثقة مجلس النواب (البرلمان). ومن أبرز المنظمات التي أثارت ضجة كبرى حول وزير الداخلية الجديد الذي سيخلف الوزير الحالي لطفي بن جدو، جمعية القضاة التونسيين التي طلبت رئيستها كلثوم كنو من البرلمان تمكينها من الإدلاء بشهادتها واحترازاتها. تحفظات كبيرة وقالت القاضية كلثو كنو للجزيرة نت إنّها أبدت تحفظات كبيرة على تعيين الغرسلي في منصب وزير الداخلية، "وذلك لتورطه في عهد الاستبداد في ضرب حق القضاة في الاجتماع والتعبير، وكذلك الانقلاب على جمعية القضاة". وكانت جمعية القضاة التونسيين أحد أبرز المنظمات المدافعة عن استقلال القضاء خلال فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي شنّ حصارًا على نشاطها ونصّب هيئة موالية له على رأسها ونكّل ببعض قضاتها. وتضيف كنو بأنّ وزير الداخلية الجديد "ساهم في فترة النظام السابق في تنفيذ مخططات وزارة العدل وممارسة كل أشكال التضييق على نشطاء جمعية القضاة التونسيين"، معتبرة أنّ تعيينه "نكسة للحريات في البلاد". من جهة أخرى، أعربت بعض الأحزاب السياسية التي رفضت التصديق على الحكومة عن تحفظاتها بشأن وزير الداخلية الجديد، مشيرة إلى أنه كان من الأجدر تعيين شخصية لا يدور حولها جدل كبير في وزارة "حساسة". استقلال القضاء في هذا الاتجاه، يقول النائب عن ائتلاف الجبهة الشعبية اليسارية الجيلاني الهمامي للجزيرة نت، إن حزبه أعرب عن رفضه تعيين الغرسلي بسبب "مساهمته بصفة مباشرة في ضرب استقلال القضاء والانقلاب على جمعية القضاة". ويضيف "كنّا نأمل أن يكون وزير الداخلية ليس بمثل هذا الخيار، لكن رئيس الحكومة أصرّ على تعيينه في أكثر وزارة تحوم حولها شبهات بوجود عناصر متواطئة مع الإرهابيين ومتورطة في الاغتيالات السياسية بالبلاد". عن ذلك قال النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي للجزيرة نت إن حزبه رفض التصديق على الحكومة؛ بسبب تحفظه على وزير الداخلية الجديد وعلى تشكيلة الحكومة وبرنامجها، مشيرا إلى أن لديه مخاوف من عودة المضايقات. ويضيف "في الحقيقة لنا مخاوف كبيرة من تراجع الحريات وعودة الانتهاكات في ظل الحكومة الحالية، نحن سنكون يقظين في المعارضة من أجل فضح أي تجاوزات يمكن أن تحصل تحت أي غطاء أو ذرائع". لكن النائب في حركة نداء تونس مصطفى بن أحمد قال للجزيرة نت إنه لا يمكن الوثوق بتلك الاتهامات في غياب أدلة وإثباتات ملموسة، مشيرا إلى أن حزبه يرفض الحكم على وزير الداخلية إلا بعد ملاحظة ممارسته في الواقع. الحكم النهائي وأضاف "أغلب الاتهامات الموجهة لوزير الداخلية الجديد مبنية على تقييمات انطباعية"، مبينا أن حزبه سيسجل تلك التقييمات باحتراز في انتظار الحكم النهائي على أداء وزير الداخلية بعد مباشرة عمله. بدوره قال الهادي بن براهم النائب عن حركة النهضة الإسلامية للجزيرة نت، إن "كل ما قيل بشأن وزير الداخلية يحتاج إلى سند حتى يمكن الحكم عليه"، معتبرا أن تلك الاتهامات "حكم على النوايا من منظور سياسي". وأكد بأنّ ناجم الغرسلي كانت له علاقة إيجابية بنواب المجلس الوطني التأسيسي لما كان واليا على محافظة المهدية (جنوب)، ملاحظا بأنه لم يقدّم أي طرف حججا تثبت تورطه في ممارسة الاستبداد في النظام السابق. وكان ناجم الغرسلي نفى مؤخرا في تصريح لوسائل الإعلام أن يكون قد لعب أدوارًا في النظام السابق، وأكد بأنه كان أحد أبناء جمعية القضاة التونسيين وأنه كان يدافع عن حقوق زملائه القضاة، وفق قوله. وكان رئيس الحكومة الحبيب الصيد شدد الخميس أمام البرلمان على أنه سيقيل أي وزير في حكومته ثبت أنه متورط في أحد القضايا المنشورة أمام القضاء.