دافعت الولاياتالمتحدة وبريطانيا عن جهود دعم الحرب في أفغانستان رغم الانتقادات الشعبية المتنامية داخل البلدين بسبب ارتفاع عدد قتلى جنود الدولتين. من ناحية أخرى انتقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) والحكومة الأفغانية "لائحة المجاهدين" التي أصدرتها حركة طالبان ووصفا ما جاء فيها بأنه مناقض للواقع. فقد قال وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند، الذي يزور واشنطن لإجراء محادثات حول أفغانستان، إن الشعب البريطاني ما يزال ملتزماً بالمهمة "الحيوية" في أفغانستان لأن "هناك إستراتيجية واضحة وتصميم واضح" لتنفيذها.
وأضاف ميليباند في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون أمس الأربعاء، إن "الشعب البريطاني يتفهم أن أفغانستان هي بمثابة حضانة للإرهاب العالمي الذي ضرب بكل قوة في سبتمبر 2001" في إشارة إلى الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة.
واعتبر أن المرحلة الحالية في أفغانستان "صعبة" لكافة الدول التي تملك قوات هناك، مضيفاً أن العنصر العسكري ضروري من أجل النجاح على المدى الطويل في أفغانستان إلى جانب بناء استقرار سياسي واقتصادي.
وكانت القوات البريطانية أنهت حملة عسكرية استمرت خمسة أسابيع ضد مقاتلي حركة طالبان حملت اسم "مخلب النمر" وهدفت إلى تطهير المراكز السكانية في جنوبأفغانستان من المسلحين قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية والإقليمية في العشرين من الشهر المقبل.
ويذكر أن التقارير تشير إلى أن قتلى الجنود البريطانيين في أفغانستان تجاوز عدد قتلاهم في العراق، حيث قتل هذا الشهر 22 جندياً بريطانياً مما رفع حصيلة القتلى منذ غزو أفغانستان عام 2001 إلى 191، كما قتل 39 جندياً أميركياً.
وقد أوجد ارتفاع عدد قتلى الجنود البريطانيين انتقاداً شعبياً للحرب هناك، ففي أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة إندبندنت البريطانية هذا الأسبوع رأى 52% من البريطانيين أن على قواتهم الانسحاب من أفغانستان فوراً، كما أظهرت استطلاعات أميركية أن نصف الأميركيين يدعمون الحرب.
بدورها شددت كلينتون على ما قالت إنه التزام وعزيمة متينان لكلا الدولتين في أفغانستان وقالت "سنواصل الوقوف كتفاً إلى كتف".
وأضافت أن "هذه فترة صعبة للغاية للقوات الأميركية والبريطانية ولشعبي البلدين اللذين يقفون خلفهما" مضيفة أن المهمة في أفغانستان وباكستان تصب بشكل كبير في مصلحة الشعبين الأميركي والبريطاني.
وأكدت أن التقارير الأولية من القادة العسكريين تشير إلى أن "إنجازات مهمة" تحققت من العمليات العسكرية في الجنوب، مشددة بأنه يجب عمل الكثير لتفكيك وهزيمة القاعدة وحلفائها في كل من أفغانستان وباكستان، حسب قولها، وأن مثل هذا العمل "لن ينجز في فترة قصيرة من الزمن". " جهود دولية على صعيد متصل من المتوقع أن يعرض وزير التنمية الدولية البريطاني دوغلاس ألكسندر في كلمة له اليوم الخميس أمام مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن الرؤية البريطانية حول تعديل التكتيكات في أفغانستان.
وتظهر مقتطفات من كلمة ألكسندر أنه سيدعو إلى دفع أكبر لتقوية الحكومات المحلية والمركزية في أفغانستان باعتبارها العامل الرئيسي لنيل دعم الشعب الأفغاني في مواجهة حركة طالبان.
ويقول ألكسندر في كلمته -بحسب وكالة الصحافة الفرنسية التي أوردت النبأ- إن "مسألة الأمن والعدالة مهمة، إن لم تكن أكثر أهمية من مجرد تقديم الخدمات الأساسية الأخرى في نظر الكثير من الأفغانيين العاديين"
وأضاف "وحدها دولة قوية على المستويين المحلي والوطني يمكن أن توفر مثل هذا الأمن الأساسي، وبنفس الوقت فإن الوظائف الحيوية لأي دولة يجب أن تتجاوز بشكل واضح مسألة الأمن".
ودعا ألكسندر الجهات الدولية المانحة لأن تعمل من خلال الحكومة الأفغانية المقبلة وليس من حولها وذلك لبناء حكام ومجالس محلية وتوجيه جهود التنمية نحو تنشيط الزراعة وغيرها من عوامل النمو الاقتصادي.
وقال "إن هذا المنهج الشامل ضروري لإقناع الشعب الأفغاني برفض طالبان وتبني مستقبل مختلف لمجتمعاتهم ودولتهم".
" اللائحة صممت لتأكيد سلطة زعيم طالبان الملا محمد عمر ولإظهار الحركة كقوة عسكرية موثوقة تقوم على المثاليات "
الناتو وطالبان وفي إطار آخر وصف كل من الناتو ووزارة الدفاع الأفغانية اللائحة التي أصدرتها طالبان قبل يومين والتي تدعو مقاتليها إلى تجنب قتل المدنيين وتنظم عمل الحركة خاصة بما يتعلق بموضوع الرهائن بأنها "مخجلة ولا تعكس الطبيعية الحقيقية للمتمردين".
وقال المتحدث بسم قوات الناتو العميد إريك تريمبلاي إن اللائحة صممت لتأكيد سلطة زعيم طالبان الملا محمد عمر ولإظهار الحركة كقوة عسكرية موثوقة تقوم على المثاليات وليست كمجموعة متفككة من الفرق الإجرامية كما تصورها الحكومة، على حد تعبيره.
وأضاف "يبدو أنها شكل من الدعاية في محاولة لإظهار أن هناك سيطرة مركزية" على المسلحين.
وأشار تريمبلاي إلى أن المسلحين نفذوا تسعين عملية انتحارية على الأقل هذا العام، 40% من ضحاياها هم مدنيون، كما قال إنهم يستغلون الأطفال في تنفيذ عمليات انتحارية دون وعي منهم بذلك، كما أنهم دمروا أربعين مدرسة على الأقل على حد زعمه.
من جهته اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية محمد زاهر عزيمي أن متطلبات أن يلتزم مقاتلو طالبان بقواعد الحرب يتناقض مع الواقع على الأرض، مشيراً إلى أن مقاتلي طالبان أسروا وقطعوا رأس جندي أفغاني هذا الأسبوع في ولاية بكتيكا شرقي البلاد.