نشرت صحيفة "يديعوت" العبرية مقالا للكاتبة الصحفية الإسرائيلية سمدار بيرى، حول زيارة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى الكويت، تقول فيه: "ينشغل الرئيس السيسي الآن بتجنيد الدول التي يمكنها أن تشارك في الإعمار الاقتصادي لمصر، ومنها الكويت التي سيسافر لها هذا الأسبوع". ويقول مراقبون وخبراء سياسيون مصريون وكويتيون إن زيارة "عبدالفتاح السيسي" في الخامس من يناير الجاري لدولة الكويت، تحمل العديد من الملفات المهمة، أبرزها الاقتصاد وأن الهدف من وراءها توقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية بين الجانبين المصري والكويتي ومذكرات التفاهم، تصب في خانة دعم الكويت خطط التنمية والمشاريع الاستثمارية في مصر، وتوفير النفط الرخيص لمصر لإدارة مشاريع الطاقة، في وقت تؤكد فيه تقارير أجنبية أن هناك قلقًا مصريًّا من تأثير انخفاض عوائد دول الخليج بفعل تدهور أسعار النفط علي مساعداتها لمصر. وقالت شبكة "المونيتور" الأمريكية الأسبوع الماضي إن المساعدات الخليجية لمصر تتقلص، كما أن الوعود غير المسبوقة التي أعلنتها دول خليجية لدعم النظام الجديد في مصر برئاسة "عبدالفتاح السيسي"؛ للخروج من عنق الأزمة الاقتصاديّة لم تتحقّق، ولم يعد واضحًا إذا كانت ستنفذ كما كان مخطّطًا لها أم لا، ما دفع خبراء لتأكيد أن زيارة "السيسي" للكويت ودول خليجية أخرى محاولة لوقف تخفيضات محتملة في مساعدات هذه الدول لمصر؛ بسبب انخفاض عوائدها النفطية. وقدر تقرير نشره "بنك أوف أمريكا"، حجم التعهّدات الخليجيّة لمصر، خلال العام الماليّ الماضي ب20.8 مليار دولار، لكن ما استلمته القاهرة فعليًّا لم يتجاوز حاجز ال18 مليار دولار، وقال تقرير البنك الأمريكيّ إنّ مصر تحتاج في العام الماليّ الحاليّ (2014-2015)، ما قيمته 12 مليار دولار للحفاظ على احتياطي النقد الأجنبيّ لدى مصرفها المركزيّ، ولكن المعونات تقلصت. وقد بدأت صحف مصرية تضرب على نغمة دور مصر في تحرير الكويت من القوات العراقية، ورد الكويت للجميل وأن دماء الشهداء المصريين التي نزفت في الكويت في سبيل تحريرها لا تقل أهمية ولا مكانه في قلوب الكويتيين عن الدماء التي نزفت أثناء العدوان الثلاثي وفي حرب أكتوبر 73، ما يبدو كأنه حث للكويتيين على مزيد من الدعم لمصر لإخراجها من أزمتها الاقتصادية. والكويت هي إحدى الدول الأساسية المدعوة للمؤتمر الاقتصادي المصري المقرر عقده في شهر مارس المقبل، ويتوقع أن تكون زيارة "السيسي" استعراضًا للمصاعب التي يواجهها الاقتصاد المصري، على أمل أنه سيكون هناك تنوع في المساعدات المقدمة إلى مصر ما بين منح نفطية واستثمارات كويتية؛ لتساهم في استعادة الاقتصاد المصري لعافيته. ويقول خبراء اقتصاد إن هذه الزيارة تأتي في وقت حساس مع انخفاض أسعار النفط الكويتي، والبحث عن مصادر بديله للدخل، وفي وقت تريد فيه مصر مزيدًا من الدعم المالي، وهذه الزيارة تستهدف عدم تقليص الدعم الكويتي أو بقاءه علي حاله. وهناك توقعات أن يطلب "السيسي" ألا يقتصر الدعم الكويتي لمصر على الدعم المالي والمساعدات النفطية والوديعة، وما إلى ذلك لكن أيضًا في توجيه الاستثمارات الكويتية؛ لتساهم في استعادة الاقتصاد المصري لعافيته، وتشجيع السياحة الكويتية والخليجية عمومًا لتعويض تدهور قطاع السياحة الذي تعول مصر عليه كقاطرة للاقتصاد رغم أن المؤشرات العالمية تشير لأن ارتفاع نسبة السياح في الشرق الأوسط ككل ومنه مصر لم يزد عام 2014 عن 4%. ويبدو أنه رغم الملفات السياسية المعقدة التي تشهدها المنطقة العربية، والحروب الأهلية في أكثر من بلد عربي في سوريا والعراق واليمن وليبيا والحاجة لتنسيق عربي، والوقوف صفًا واحدًا أمام الأخطار التي تحيط بالأمة العربية، إلا أن الجانب المصري سيركز على الاقتصاد لا السياسية وأنه بدون وقوف مصر على قديمها فلن يكون لها دور في تحملها مسؤولية الدفاع عن الأمة العربية أو التدخل بقوة في هذه الملفات العربية المتفجرة. فالإشكالية التي تواجه مصر الآن تتمثل في الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها، وهناك مطالب مصرية للكويت ودول الخليج خصوصًا بضخ مشاريع استثمارية، ولكن هذا الطلب يواجهه تحدي أن دول الخليج أيضًا تعاني هي الأخرى من أزمة انخفاض أسعار النفط ودعم مصر. إلا أن هناك توقعات بدفع القاهرة للكويت للاستمرار في رعايتها ملف المصالحة الخليجية، ومن ثم المصالحة بين مصر وقطر، خصوصًا وأن ملك السعودية وأمير الكويت يحاولان منذ فترة رأب الصدع المصري القطري، وربما تستكشف زيارة "السيسي" إلى الكويت حجم التقدم الذي أحرزته الدبلوماسية الكويتية مع قطر، لحل الملفات العالقة مع مصر، ومنها رغبة القاهرة في أن تعود قطر للاستثمار في مصر. انخفاض مساعدات الخليج ونقلت شبكة "المونيتور" في تقرير نشرته الثلاثاء 30 ديسمبر 2014 بعنوان "المساعدات انخفضت بشكل كبير ومصر تحارب للبقاء"، عن المدير التنفيذيّ لمجموعة "مالتي بلس" للاستثمار "عمر الشنيطي"، قوله إن "المساعدات انخفضت في شكل كبير"، وإن تلك المساعدات الخليجية قدّمت في الأساس لأسباب سياسيّة، نتيجة دعم دول الخليج باستثناء قطر وقتها لمصر، للتخلّص من سيطرة نظام "الإخوان المسلمين"، وأنّ الأموال المنهالة على القاهرة لم تكن لتستمرّ من دون نهاية. ونقلت الشبكة عن الباحث ب"مركز كارنيجي للشرق الأوسط"، "عمرو عدلي" قوله: "انخفاض الدعم يأتي في شكلين، إمّا في قلّة الأموال المقدّمة إلى مصر أو في صورة وعود لم تنفّذ"، معلّلاً ذلك بعدم وجود ضمانات للدول المموّلة حول طرق إنفاق الأموال التي تمنحها إلى مصر. ويقول المدير التنفيذيّ لمجموعة "مالتي بلس" للاستثمار، إنّ على الحكومة المصريّة التراجع عن إطلاق المشاريع القوميّة العملاقة التي تمتصّ السيولة من السوق، وتدرّ عوائد على المدى البعيد، كخطوة أساسيّة في طريق الخروج من الأزمة الاقتصاديّة التي تعاني منها الدولة. المصدر | الخليج الجديد