استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالها الاخير "قام السيسي بالاعلان خلال الصيف المنصرم عن بدء العمل في مشروع قناة السويس الجديدة، التي تعد أسرع طريق للإبحار من آسيا إلى أوروبا، فهي عبارة عن ممر مختصر يجلب لمصر عائدات تقدر ب 5 مليار دولار في العام، غير أن هذه القناة – التي تستحوذ على 10% من حركة الشحن العالمية - ستمثل ممرا رئيسيا للعديد من الكائنات البحرية الدخيلة". وتحت هذا عنوان "تحت سفن قناة السويس"، الذي يوضح أن الحكومة المصرية تواصل العمل في مشروع قناة السويس الجديدة دون اتخاذ أية اعتبارات بيئية في الحسبان، وذلك لأن الكائنات الدخيلة تمثل خطرا كبيرا على التنوع البيولوجي واستقرار النظام البيئي في المنطقة. والكائنات الدخيلة هي أنواع غير موجودة طبيعيا من النباتات أو الحيوانات، لكنها تدخل البيئة المحلية إما عفوا أو قصدا، ويكون الضرر الناتج أن هذه الكائنات الدخيلة تهدد الكائنات الأصلية وتقضي عليها بشكل تام، حيث إنها تنبت وتنمو وتنتشر على حساب الأنواع المحلية الأصلية، ما يؤدي إلى تغير الطبيعة البيئة النباتية أو الحيوانية في ذلك الموقع، ويحذر بعض المهتمين بالحفاظ على البيئة من أن مئات الأنواع من الكائنات الدخيلة الغازية، من الجرذان إلى الأمراض، تبرز كتهديد خطير للحياة الطبيعية في جميع أنحاء العالم. ولفتت الصحيفة إلى أن 18 عالما نشروا بحثا في مجلة "بيولوجيكال إنفيجنز" (الغزو البيولوجي) في سبتمبر الماضي، يزعم أن توسيع قناة السويس وافتقار الرؤية البيئية ستتسبب في أضرار "لا يحمد عقباها"، نظرا لأن القناة هي إحدى الممرات المحتملة للأنواع البحرية الدخيلة المعروفة في العالم، وقالت بيلا جاليل، الباحثة بالمعهد الإسرائيلي لعلوم المحيطات: "نحن نقامر بحوض البحر المتوسط بأكمله". وأوضحت الصحيفة أن حفر القناة الجديدة سيسمح بمزيد من مياه البحر الأحمر في قناة السويس، وبالتالي تدفُّق كم كبير من الكائنات البحرية الدخيلة إلى بيئة البحر المتوسط بسبب مناخه الدافئ المناسب لتكاثر هذه الكائنات، مثل قناديل البحر الحمراء التي تتمكن مجموعات منها من الامتداد لمسافة 60 ميلا، وتسبب مصاعب كبيرة لصيادي الأسماك، وبخاصة في أثناء موسم تكاثرها، كما أنها تدفع المصيفين إلى عدم استخدام الشواطئ، ما يعني خسارة قطاع السياحة الشاطئية لملايين الدولارات، علاوة على أنها تغلق فوهات أنابيب دخول المياه إلى محطات تحلية المياه والكهرباء. ونوهت إلى أن السمكة الفضية ذات البالون – وهي كائن متوحش يحتوي على سم يمكّنها من شل ضحيتها وقتلها - نجحت في العبور إلى البحر المتوسط في عام 2003، وهناك العديد من حالات التسمم بين سكان المناطق الساحلية في مصر وإسرائيل وتركيا واليونان حدثت بسبب هذه السمكة القادمة من البحر الأحمر. وذكرت الصحيفة أن الاعتبارات البيئية لن توقف العمل في قناة السويس الجديدة، خاصة في ظل تزايد حجم السفن وحركة المرور في جميع أنحاء العالم، حيث تضاعف قناة بنما قدراتها، وتخطط نيكاراجوا لبناء قناة أخرى تربط بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، فالقنوات التي تربط بين المحيطات تلعب دورا ضروريا في العولمة، كما أن مشروع القناة يمثل أمرا هاما لاستقرار الاقتصاد في مصر.