قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أبقى على المبعوث الأمريكي الجنرال كيث دايتون الذي عينه سلفه جورج بوش من أجل تأسيس سلطة قمعية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وأوضح مشعل فى تصريحات صحفية الأربعاء (10-6): "أوباما تحدث عن الديمقراطية في خطابه إلى العالم الإسلامي الخميس الماضي، ويقول لا نريد أن نفرض رؤيتنا على الآخرين، غير أن أوباما نفسه فرض على الفلسطينيين الجنرال دايتون ليؤسس سلطة قمعية ضد شعبنا في الضفة الغربية، وهذا تناقض واضح". واستطرد مشعل قائلاً: "الممارسات القمعية البشعة ل"حكومة" سلام فياض غير الدستورية وأجهزتها الأمنية بمظلة محمود عباس تحت إشراف الجنرال دايتون في الضفة الغربية لا يمكن السكوت عليها، وتضع عقبة كبيرة في اتجاه المصالحة الوطنية".
واعتبر أن أجهزة عباس - دايتون الأمنية في الضفة لا تستهدف المقاومة بما فيها "كتائب شهداء الأقصى" فقط، وإنما تقوم كذلك بحملة شاملة على "حماس" وعلى بنيتها التنظيمية والعسكرية، حتى إنهم يلاحقون أموال الأيتام والأسر، مشيرًا إلى أن ما يجري هو محاولة لاستئصال جذور الحركة، ومؤكدًا على ضرورة معالجة هذه العقبة ووضع حل حاسم لها حرصًا على نجاح الحوار وإتمام المصالحة.
وأوضح مشعل أن أوباما تحدث في خطابه بالقاهرة بلغة جديدة تختلف عن لغة الإدارة السابقة برئاسة بوش، غير أنه استدرك قائلاً: "العبرة ليست فقط في تغيير اللغة، ولكن في التطبيق على الأرض، ونحن كفلسطينيين وكعرب ننتظر منه تطبيق السياسات التي أعلنها على الأرض خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي (الإسرائيلي)".
وأشار إلى أن أوباما تجاهل في خطابه الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة وجرائم الاحتلال في الضفة وما يتعلق بتهويد الأراضي ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وإقامة الحواجز.
وأعرب مشعل عن ارتياحه من تجنب أوباما وصف المقاومة وحركة "حماس" ب"الإرهاب"، مستنكرًا في الوقت نفسه تشبيه القضية الفلسطينية بحالة الزنوج في أمريكا أو الوضع في جنوب إفريقيا.
وأضاف: "نحن في فلسطين أمام حالة احتلال يجب أن يقاوم بالسلاح، أما في حالة الزنوج في الولاياتالمتحدة فهم كانوا يناضلون من أجل الحقوق المدنية".
وكشف مشعل أن الجانب المصري عرض الرؤية الأمريكية لإدارة أوباما والتي ترتكز على نقطتين: الأولى حول الدولة الفلسطينية، والثانية الضغط على الاحتلال الصهيوني لتجميد إقامة المغتصبات.
موضحًا أن طرح أوباما لمفهوم الدولة الفلسطينية في خطابه كان من النقاط الغامضة، حيث لم يحدد مفهوم الدولة الفلسطينية بالنسبة للأرض والحدود والعاصمة وحق العودة للاجئين.
وحول زيارته الأخيرة إلى مصر ومباحثاته مع مدير عام المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان، أكد مشعل أن زيارته إلى القاهرة جاءت تلبية لدعوة من سليمان، معتبرًا أن هذه الدعوة تعكس حرص مصر على تذليل كل العقبات التي تعترض الحوار الوطني الفلسطيني الذي ترعاه، وما يمكن أن يحول دون إبرام مصالحة.
كما أوضح أن "حماس" تتعامل بإيجابية عالية مع الجهود المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني قائلاً: "نتجاوب وسنتجاوب مع الجهود المصرية الساعية لإنجاح الحوار".
ولفت إلى أن الوزير سليمان تفهم موقف الحركة مما يحدث في الضفة الغربية بوضوح، مبينًا أن المصريين أخبروه بأنهم سيساعدون على تذليل هذه العقبة الأمنية في الضفة.
وعن إمكانية تسليم "حماس" غزة إلى حركة "فتح" في حال نجاحها في الانتخابات، أكد مشعل أن غزة ليست ملكا ل"حماس"، والضفة ليست ملكا ل"فتح"، فالأرض الفلسطينية ملك للشعب الفلسطيني، مشددًا على أن اللعبة الديمقراطية تقتضي أن ترتضي كل الأطراف بنتائج الانتخابات مادامت نزيهة.
ولدى سؤاله عن إن كان قد جرى الحديث مع مصر حول فتح معبر رفح أجاب مشعل: "هذا الموضوع أثرناه مع الجانب المصري، لأن استمرار الإغلاق وتأخير إعادة الإعمار موضوعان لا يمكن السكوت عنهما، ولا يجب أن نربطهما بأي موضوع آخر، صحيح أن المصالحة تساعد على التوصل إلى حلول سريعة، لكن هذه ضرورات لشعبنا في قطاع غزة ينبغي عدم تأخيرها".
ورفض مشعل القبول بحل الدولة المؤقتة الذي عرضه رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، قائلاً: "نحن نرفض ذلك، وليس نتنياهو هو الذي يحسم الأمور، لن نقبل إلا ما يرضينا، وهو تحرير أرضنا وإقامة دولة فلسطينية ذات سياسة حقيقية على حدود عام 67 وعاصمتها القدس، وتكون سيادتها كاملة، وعودة اللاجئين، وإزالة (المستوطنات)".
وحين سئل مشعل: هل أنتم نادمون على توليكم الحكومة؟ أجاب: "نحن لسنا نادمين على خوض هذه التجربة لأنها كانت مطلبًا شعبيًّا بسبب فساد السلطة التي أرهقت الشعب الفلسطيني، وأية حركة جادة يجب أن تمزج بين المقاومة والسياسة وتتحمل مسؤولياتها، فما جرى في السنوات الثلاث الماضية لم يخلق العلة ولكنه كشفها".
واختتم مشعل حديثه بالتأكيد على أنه اتفق مع الجانب المصري خلال جلسات الحوار السابقة على تشكيل لجنتين في الضفة الغربيةوغزة لمعالجة الموضوعات الأمنية وأية مشكلات تنجم بين الطرفين، واتفقنا على البدء فورًا في عمل هذه اللجان، لكن الطرف الثاني (فتح) لم يتحرك، و"نحن سنتابع الأمر لأن معالجة هذا الأمر هو معيار النجاح"، بحسب قول مشعل.