المفاوضات هي تلك التي كانت جارية مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، ومنذ ثمانية عشر عاما ، بالتمام والكمال . والحوار هو الحوار الوطني الفلسطيني - في القاهرة - بين الفصائل الفلسطينية ، عموما ، وبين حركتي فتح وحماس ، خصوصا، من اجل الاتفاق على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية - المنجز الأبهى للانتفاضة الثانية الفلسطينية .. وهي مفاوضات لها من العمر اكثر من عامين ، وكانت كلما حققت انتصارا او انجازا او اختراقا ما تلبث ان تنتكس ، ليعود الواقع المنقسم الى القوة - ما بين رام اللهوغزة . واليوم - وبعد انتهاء الجولة الرابعة من جولات الحوار بين الحركتين في القاهرة والاتفاق فقط على جولة ( قادمة حاسمة) في السادس عشر من شهر مايو الجاري ، فان ثمة السباق الغريب بين خطين - يبدو انهما متعاكسان تماما واحدهما يلغي الآخر - خط المفاوضات مع المحتل ، وخط انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية. ويبدو ان بعضنا(الفلسطيني) بل وبعضنا (العربي) بات يرى في المفاوضات (هدفا اوغاية) يهون امامها الانجاز المطلوب عربيا وفلسطينيا من ( الحوار ) الفلسطيني، ولهذا فهناك الاهتمام الكبير بخط التفاوض وان كان مع حكومة ( نسفت ) منذ البداية اهداف التفاوض حين قررت شطب (حل الدولتين ) وراحت تبحث في سبل تحقيق انجازات خاصة بالاحتلال مثل: تكريس حالة الانقسام الفلسطيني ، واحباط وافشال الحوار الوطني الفلسطيني ، والسعي الى ( مشروع جديد ) قد تتبناه ادارة الرئيس أوباما - يفرغ المبادرة العربية من اهم ما فيها وهوحل قضية اللاجئين وحق العودة وفق القرار 194 ، والتغاضي عن عودة القدس الى الفلسطينيين ووفق المبادرة العربية - أي ضرورة التغاضي او التخلي عن اشتراط الانسحاب الصهيوني الكامل من جميع الاراضي التي احتلت في حرب يونيو عام 1967. من هنا صار المراقب يرى ان ثمة التنافس او التضارب بين المسارين ، مسار التفاوض مع الاحتلال ، ومسار الحوار الوطني الفلسطيني ، والى حد التضارب بينهما ، وبالتالي الوصول بالواقع الفلسطيني الى حافة الحرب بين التيارين ، لأنهما ما عادا يسيران جنبا الى جنب، وصار مطلوبا الاختيار بين احدهما وعلى حساب الآخر ، تماما كما اصبح ثمة خيار آخر فلسطيني اما التفاوض والعملية ( السلمية ) واما المقاومة - والحرب - مع ان الطبيعي هو الجمع بين المسارين ان كان الهدف تحقيق (العدالة). من المؤسف ان انتظار نجاح الحوار الوطني في القاهرة بعد ثلاثة ايام - أي في السادس عشر من الجاري - وبعد يوم واحد من ذكرى النكبة - صار كانتظار نزول نبع المار او تفجره من صخرة في صحراء قاحلة. اذ ان ثمة الخلاف الطاغية بين الحالتين المرضيتين في كل من رام الله والقطاع - وهما النقيضان اللذان يتشبث كل منهما بموقفه متناسيا الموقف الشعبي والرغبة الشعبية والارادة الوطنية ومتطلبات الانتصار على العدوان وأهداف العدوان والاحتلال. هناك من هو مستعد للتضحية بالحوار الوطني الفلسطيني والتمسك بالتفاوض مع المحتل ، مع ادراكه العميق ان المحتل يريد منه المزيد من التنازل ، وعن حقوق لم يعد يملك ايا منها اللهم الا التوقيع عن التخلي عن القدس وحق العودة. العبث الحقيقي هو ان ننتظر انجازا فلسطينيا وعربيا في ظل إحجامنا عن تقديم التضحية المطلوبة لتحقيق استعادة وحدتنا الوطنية ، والتفرج على القدس تتهود وعلى اهلنا في غزة يموتون تحت سنابك خيول الحصار والمحاصرين والارض الفلسطينية في الضفة تتقلص وتتقزم معها القضية وتتقطر والى حد اننا قد نكون اقتربنا في الطريق من لحظة البحث - تحت المجهر عن حقوقنا المشروعة كلها علنا نرى شيئا منها تحته.