لو كنت أستطيع أن أحول كل حرف من أحرف كلماتي إلى خنجر مسموم أغرسه في صدر كل أفاك أثيم لفعلت .. ولو كنت أستطيع أن أجعل قلمي صاروخا مدمرا أطلقه على كل أوكار الإجرام والخيانة التي يسمونها قصورا رئاسية أو ملكية في البلدان العربية والإسلامية لما ترددت .. كم تمنيت لو تحولت هذه الصفحات التي أكتبها سيوفا بتارة تضرب أعناق المنافقين .. وتجتث جذور السفاحين الذين يغتسلون يوميا بدم الأطفال والنساء والشيوخ في لبنان وفلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير .. وغيرها .. ويطربون لعويل الثكالى وآهات الأرامل .. ويتعطشون لدماء المحرومين وأنات المكلومين .. كان البعض لا يتصور مشاركتهم في كل الجرائم والمذابح التي ارتكبت ضد العرب والمسلمين في أنحاء العالم .. ويظن أنهم مجموعة من الجبناء والعملاء ليس إلا .. يخافون على كراسيهم ومناصبهم فقط .. لكنهم هم الذين أفصحوا عن أنفسهم بوضوح .. وأقروا بوقاحة منقطعة النظير أنهم ضالعون في الجريمة .. بل هم رأس الأفعى وأس البلاء .. والصهاينة والأمريكان مساعدون لهم .. ولو كان هناك احتمال ضعيف أن يكف بوش وأولمرت وبلير عن عدوانهم البربري .. لما تورع هؤلاء عن الاستمرار .. فقد باتوا مولعين بسفك الدماء ورائحة الأشلاء .. لا يشفي صدورهم إلا غبار الدمار وركام الانهيار وسطوة الحصار .. فقد انتكست فطرتهم .. وصارت النخوة والمروءة عندهم تهورا .. والجبن والخنوع حكمة وتعقلا .. المدافعون عن الحق إرهابيون .. وقطاع الطرق دعاة سلام .. هؤلاء هم حكام العرب والمسلمين بزعامة الثالوث العفن : حاكم مصر وملك السعودية وملك الأردن .. ومعاونيهم من سماسرة الزيف والبهتان الذين يديرون رحى الحرب وينفقون عليها أموال شعوبهم .. ويمولون طائراتهم ودباباتهم ومعداتهم الحربية بالنفط .. ويمدونهم بالغاز الطبيعي والحديد والأسمنت .. وغير ذلك .. ويقمعون أي مظاهرة أو احتجاج تخرج إلى الشارع .. بينما يسمح الصهاينة بالمظاهرات المعارضة للحرب داخل الكيان الصهيوني نفسه .. لطالما نبهنا أن الخطوة الأولى الصحيحة لإصلاح الأمة هي إزاحة هذه الأنظمة .. ولا يرتجي أي إصلاح قبل ذلك .. لكن كثيرا من النخب السياسية والحزبية ماطلوا وسوفوا .. ودخلوا في تفاصيل وحيثيات لا تسمن ولا تغني من جوع .. ولعلهم شعروا الآن أنهم دخلوا متاهات سحيقة .. وأنهم كانوا يحرثون في البحر .. ولا يمكنهم الخروج من ذلك التيه إلا بالسعي إلى تحقيق هذا الهدف الأساسي .. والجهاد الحقيقي يبدأ بإزاحة الطواغيت وتحطيم الأصنام البشرية المحنطة التي تحكم بلادنا .. ولن يجدي جهاد الكفار إلا بعد الإطاحة برؤوس البغي والظلم والطغيان داخل أوطاننا .. سمعت بعض المتظاهرين يهتفون هتافا ساذجا – أرجو أن يصححوه – فهم يقولون " يا حكام البلاد .. افتحوا باب الجهاد " .. وبعض الناس يطالبونهم بفتح باب التطوع للشباب المصري ليقاتل مع اللبنانيين والفلسطينيين .. هل يعقل هذا ؟ ! .. إنهم يمنعون متعمدين وصول المساعدات الغذائية والدوائية والإنسانية إلى المستضعفين المحاصرين في فلسطين ولبنان .. فكيف يفتحون باب التطوع والجهاد ؟ ! لقد تأخرنا طويلا عن الفعل الصحيح .. ولن يغفر الله لنا هذا التأخير إذا لم نبادر على الفور في دفع الجماهير وقيادتها إلى الثورة المرتقبة .. ولن يسامحنا التاريخ إذا ظللنا بعيدين عن لب القضية .. وتمسكنا بالقشور .. الرأي العام كله متأهب تماما .. والتربة خصبة لإنبات الأشجار الطيبة .. ولكن لا بد من اقتلاع الأشجار الخبيثة أولا .. الجماهير كلها مع المقاومة .. ولن يستطيع أحد بعد الآن خداعهم .. ولن يسمعوا بعد اليوم ثرثرة الأدعياء ولا سفسطات السفهاء .. لن يستجيبوا إلا لنداء الخلاص .. فاحسموا أمركم .. واستنهضوا هممكم .. ولا تضيعوا أوقاتكم