وسط جوٍّ من التفاؤل بقرب توصُّل الفصائل الفلسطينية إلى مصالحة حقيقية تستجيب لمطالب وآمال الشعب وتُنهي الانقسام الذي طال أمده؛ اختتمت الجولة الأولى من حوار قادة الفصائل في القاهرة، وتم فيها الاتفاق على تشكيل عدة لجان؛ هي: الحكومة، والأمن، ومنظمة التحرير، والانتخابات، والمصالحة الوطنية، إضافةً إلى لجنة التوجيه العليا؛ ليمثل هذا الاتفاق بدايةً جيدةً ومبشرةً لمرحلة جديدة وفارقة في تاريخ القضية الفلسطينية. رحَّب الخبراء بهذا الحوار، معربين عن أملهم باستمراره وصولاً إلى الهدف المنشود؛ حيث أثنى الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق على ما توصلت إليه الفصائل الفلسطينية في القاهرة، محذرًا من عدم استمرار عمل هذه اللجان، داعيًا كلَّ الدول إلى مساعدتها للتوصل إلى نتائج تفيد القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن الهدف من هذه اللجان هو وضع الأطر العامة لبدء وانطلاق الحوار الفلسطيني الفلسطيني، ورأب الصدع بينهم؛ بالاعتماد على تصفية الأجواء وتقارب وجهات النظر والاتفاق شبه المبدئي على الخطوط العريضة في الحكومة والفترة المقبلة. وأكد د. الأشعل أن المصالحة الفلسطينية لديها فرصة ذهبية للتحقق، خاصةً أن الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران تريدان مصالحة فلسطينية في المنطقة. وشدَّد على أن "فتح" عليها الاعتراف بالمقاومة كخيار إستراتيجي ضد الكيان الصهيوني، وعلى حماس الاعتراف بأن طريق المفاوضات لا بد منه لاسترداد الحقوق من الكيان، محذِّرًا الفصائل من أن يكون هدف وسعي الصهاينة من هذه المصالحة هو التسليم لهم ولشروطهم. وقال: "إن عقد تهدئة بين حماس والكيان يعطي فرصةً سانحةً لحماس للدخول في الحكومة ومعترك السياسة مرةً أخرى والأخذ بالوسائل الأخرى بجانب خيار المقاومة"، مشيرًا إلى أن تزامن تشكيل حكومة الكيان برئاسة نتنياهو يعطي فرصةً أخرى للفصائل للدفع بقوة في طريق المصالحة الحقيقية. كما أشار الأشعل إلى أنه ليس من العيب أن يكون للولايات المتحدة أو إيران أو السعودية أو سوريا دورٌ في عملية المصالحة، بل إن من الواجب على الجميع أن يسعَوا إلى تسوية حقيقية بشرط ألا تطغَى أية أجندة على أخرى، وأن يحترم كل طرف خيار وإستراتيجية الآخر؛ للوقوف ككيان واحد ضد عدوهم. ومن جانبه أكد الدكتور طارق فهمي مسئول الملف الفلسطيني في مركز دراسات الشرق الأوسط أن المؤشرات الأولية لما يجري تعطي تفاؤلاً كبيرًا للمصالحة الفلسطينية وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية. وقال إن اللجان ال6 المشكَّلة تمثِّل أجندة عمل لخريطة طريق مصرية تم رسمها منذ مدة، على الرغم من التحفظات الفتحاوية والحمساوية عليها، معربًا عن أمله أن تقوم هذه اللجان بمحو الماضي وإعادة ترتيب الأوراق بشكل جيد. ولكنه أعرب عن تخوفه مما يمكن أن تتمخَّض عنه هذه اللجان من اختلاف في الرؤى والاقتراحات والتصورات، مشيرًا إلى أنه إذا أرادت الفصائل تكوين حكومة وحدة- كما تقول- فعليها أن تذوب في بعضها وأن تنحِّيَ خلافاتها جانبًا، كما أن إيقاف التحريض الإعلامي والمعتقلين ليس هو العائق وحائط الصد أمام المصالحة. وقال فهمي: إن الأولوية الآن تتمثل في ثلاث قضايا مهمة هي: قضية إعمار غزة بعد العدوان الصهيوني الغاشم، ورفع الحصار وتيسير عملية فتح المعابر، ومن بعد ذلك قضية الانتخابات القادمة، مشيرًا إلى 6 أو 7 أنواع لحكومات مختلفة، متسائلاً: "هل سيقبل المجتمع الدولي حكومةً تمثل فيها حماس؟ وهل يقبل أن يترأَّس قادة حماس بعض الوزارات؟ وما ردود الأفعال إذا حدث ذلك؟ وماذا عن المعونات وأموال الإعمار في حال تكوين حكومة وحدة وطنية؟! وأوضح أن الدعم العربي للمصالحة ظاهر بشدة، كما أن مصر لن تترك الفرصة تضيع عليها، ولن تسمح بإفشال الحوار بعد أن أكدت للفصائل أن التوحد هو الخيار الوحيد لهم.