واصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تشدُّدَه فيما يتعلق بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية؛ حيث نفى إمكانية لقائه قريبًا مع رئيس الحكومة إسماعيل هنية لبحث خطوات تشكيل تلك الحكومة، مدعيًا أنه "لا يرى ضرورةً ملحَّةً لهذا اللقاء". وقال عباس- في مؤتمر صحفي بالعاصمة القطرية الدوحة مساء أمس الأربعاء 27 سبتمبر- إن خطوته هذه تأتي بسبب ما سمَّاه "التراجع" في الاتفاق بشأن تشكيل حكومة الوحدة، في إشارةٍ إلى إعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس رفضَها اعترافَ الحكومة الفلسطينية القادمة بالكيان الصهيوني، وهو الموقف الذي لا يُخالف الأسسَ التي تقوم عليها مفاوضاتُ تشكيل حكومة الوحدة؛ حيث إن المفاوضات تعتمد على "وثيقة الوفاق الوطني" المعروفة ب"وثيقة الأسرى"، والتي لا تتضمن أيَّ بندٍ ينصُّ على أن تعترف الحكومةُ القادمةُ بالكيان الصهيوني.
وتجاوز عباس مطالب العديد من القوى السياسية الفلسطينية التي تدعو إلى إقامة حكومة وحدة على أساس وثيقة الوفاق الوطني، وكان آخر تلك المواقف ما صدر عن أمين سرّ حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي- الأسير لدى الكيان الصهيوني- من دعوة لحركتَي فتح وحماس لتجاوز الخلافات الثنائية والتركيز على إقامة حكومة وفاق وطني على أساس "وثيقة الأسرى"، وذلك في رسالة وجَّهها إلى العضو العربي في الكنيست الصهيوني طلب الصانع.
ويشير مراقبون إلى أن مواقف عباس تأتي استجابةً للضغوط الأمريكية والصهيونية والأوروبية التي تعرَّض لها خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ حيث التقى خلالها الرئيسَ الأمريكيَّ جورج بوش الابن ووزيرتَي الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس والصهيونية تسيبي ليفني إلى جانب عدد من المسئولين الأوروبيين.
وفي سياق متصل ذكر راديو الكيان الصهيوني اليوم الخميس أن رئيسَ الوزراء "الإسرائيلي" إيهود أولمرت قال إنه يعتزم الاجتماعَ مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال أيام، وأضاف الراديو أن أولمرت أدلى بهذا التصريح في مقابلةٍ ستذاع كاملةً في وقت لاحق اليوم.
وفي ملف الجندي الصهيوني جلعاد شاليت- الأسير لدى المقاومة الفلسطينية- قال رئيس السلطة الفلسطينية: إن التشاور يجري مع أكثر من طرف بهدف حل هذه القضية، مشيرًا إلى استمرار الوساطة المصرية رغم ما دعاه "الفجوة الواسعة" بين الطرفين، بينما أكد أولمرت- في المقابلة مع راديو الكيان الصهيوني- أنه لن ينظر في مسألة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين حتى يُطلَق سراح الجندي.
وأَسَرت المقاومة الفلسطينية الجندي شاليت في عملية "الوهم المتبدِّد" التي قادتها كتائب عز الدين القسام- الجناح العسكري لحركة حماس- في 25 يونيو الماضي لِلَفْتِ نظر المجتمع الدولي لقضية الأسرى الفلسطينيين لدى الكيان الصهيوني.
وفي سياق المواقف الصهيونية الأخرى واصل نائب رئيس الحكومة الصهيونية شيمون بيريز التدخل في الشئون الفلسطينية عندما قال- في محاضرةٍ ألقاها بالمعهد الملكي للشئون الدولية في لندن أمس الأربعاء- إنه يجب على الزعماء الفلسطينيين التغلبُ على خلافاتهم وإظهارُ جبهة متحدة، وذلك إذا أرادوا النجاح لمحادثات السلام مع "إسرائيل".
وتأتي هذه التصريحات في إطار منظومة الضغوط الصهيونية على الفلسطينيين والتي تتوازَى مع الاعتداءات اليومية وكذلك الحصار المالي والسياسي المفروض على الحكومة الفلسطينية لدفع حركة حماس التي تقودها إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني، وهو ما ترفضه حماس، داعيةً الصهاينة إلى الإقرار بالحقوق الفلسطينية واحترام الخيار الديمقراطي الذي جاء بالحركة إلى رئاسة الحكومة.
وفي إطار الاعتداءات العسكرية المتوازية مع الضغوط السياسية توغَّلت قواتُ الاحتلال الصهيوني بالقرب من معبر صوفا قرب رفح جنوب قطاع غزة، وذكرت مصادرُ أمنيةٌ فلسطينيةٌ أن الاحتلال اعتقل نحو 40 فلسطينيًّا، بينما قالت مصادرُ حدوديةٌ مصريةٌ إن مصر فجَّرت أمس نفقًا قرب معبر كرم أبو سالم الذي يقع على منطقة حدودية بين مصر وقطاع غزة والكيان الصهيوني.