اتهمت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" قوات الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية الموالية لها بأنهما يغُضّان الطرف على عمليات النهب والسرقة التي يتعرض لها تاريخ العراق وآثاره والتي لا تقدر بثمن، مشيرة إلى أنها اكتشفت عمليات بيع لقطع أثرية تعود إلى آلاف السنين وتقدر ب50 ألف دولار.. تباع فقط بعشرة دولارات. وتقول المنظمة الدولية في تقرير لها: إنه بعد احتلال العراق عام 2003 على أيدي الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبح تاريخ العراق، الذي لا يقدر بثمن، في أيدي من يجهل قيمته، بما في ذلك الأطفال الذين ينقبون عنه، ويباع في السوق السوداء بثمن بخس، تحت أعين الحكومة التي تفضل لعب "دور المتفرج"، برغم الدعوات إلى التدخل. وبحسب "اليونسكو" فإنه من المستحيل تمامًا معرفة عدد المواقع الأثرية التي اكتشفها اللصوص ونهبوا ما بها من آثار وباعوها، مشيرة إلى أن نهب المواقع الأثرية يجري بلا هوادة في العراق، خصوصًا بالجنوب. وترجع اليونسكو أسباب عمليات النهب هذه بحقّ تاريخ العراق إلى انعدام الأمن بشتى أنحاء العراق منذ دخول الاحتلال، وباتت كل المواقع الأثرية عرضة للسرقة، ولعمليات الحفر التي يقوم بها مفتقرون للخبرة يدمرون مواقع تضم أقدم وأندر آثار العراق. وكما ينعكس الوضع الأمني المتردي على حفر المواقع وسرقة آثارها، فإنه يسهم أيضًا في سهولة بيع هذه الآثار، ففي الأسواق المركزية، وفي وضح النهار، يعقد لصوص الآثار صفقاتهم، دون خوف من الشرطة. وتقول المنظمة: الآثار، كالقطع النقدية القديمة، والطوابع، والذهب، والخزف، وحتى لوحات وتماثيل صغيرة من الآلهة القديمة، يمكنك العثور عليها بسهولة في الأسواق"، مضيفة أن التفاوض على الثمن يتم بسرعة، ويتراوح متوسط أسعار القطع الأثرية ما بين 10 و100 دولار. ويحاول أحد باعة الآثار في السوق المحلية بالعاصمة بغداد تبرير ما يفعله بالقول: "إذا لم نأخذ نحن هذه الآثار، فيمكن أن يأخذها الأمريكيون مثلما يستولون على بترول العراق". ويضيف "أبو حسين" (اسم مستعار): "نبيع الآثار لمن يستطيع العناية بها، وفي الوقت نفسه نستخدم أموالها التي تعود علينا في إطعام عائلاتنا". وعن التواجد الأمني بهذه الأسواق، يوضح "أبو حسين" أنه "لا توجد رقابة حكومية، وبإمكان أي شخص اختيار القطعة الأثرية التي يريدها من أسواق بغداد"، مشيرًا إلى أنه اشترى حقيبة بها قطع أثرية من شابين يأتيان كل أسبوع من مدينة بابل وبحوزتهما قطع مختلفة. بشير علي أحد هؤلاء الذين يهوون جمع الآثار، ويدير متجرًا صغيرًا للفن في بغداد، ومؤخرًا اشترى العديد من القطع الأثرية بأقل من 20 دولارًا، ويبيع بضاعته لهواة جمع الآثار في كل من الأردن وسوريا، بأسعار تتراوح ما بين ثلاثة آلاف دولار وعشرة آلاف. ويقول علي: إن "من يحفرون ويبيعون هذه الآثار ليس لديهم أدنى فكرة عن قيمة ما يبيعونه". ويتابع: "بالنسبة لهم (لصوص الآثار) كل شيء مجرد قطع تاريخية، يمكن مبادلتها بمواد غذائية أو بعض الملابس.. أعرف أن هذه التجارة غير قانونية، ولكن يجب على الحكومة أن توقف من يحفرون لرجال الأعمال". ويحاول تبرير مزاولته هذه التجارة غير الشرعية بقوله: "على الأقل نحمي هذه القطع الأثرية من خلال بيعها للخبراء والهواة.. هذا أفضل بكثير من تركها بين أكوام القمامة، أو أن تدمرها العمليات العسكرية". ومؤخرًا اكتشف خبراء أن أربعة مواقع أثرية في كل من النجف وكربلاء وبغداد تستخدم كمَكَبّ للنفايات.