لا أعرف كيف يستطيع البعض منا أن يخدع نفسه أو يعتقد أنه يخدع آخرين بما أعلن أكثر من مرة عن تجارب أمريكية في القيام بعمليات من هذا النوع حتي لو أدت لتدمير ممتلكات أمريكية أو قتل مواطنين أمريكيين، في سبيل تحقيق أهداف استراتيجية أكثر أهمية ويذكر التاريخ والوثائق "عملية نورثودز" السرية والتي أقرها قادة القوات المسلحة الأمريكية عام 1962 لتدمير ممتلكات أمريكية تكون مبررا لغزو كوبا. كما نشر الجيش الأمريكي عام 1970 "دليل العمليات الميدانية" المرقم 30 31 B بعنوان "عمليات الاستقرار والتوازن الميادين الخاصة" الذي دعا إلي القيام بعمليات "ارهابية" و"زرع" أدلة كاذبة في أماكن عامة يمكن اتهام الاتحاد السوفيتي بها وورد في هذا الدليل ضرورة القيام بهجمات ارهابية في أوروبا الغربية تتولاها شبكة من الوحدات الخاصة للجيش الأمريكي وجيوش دول حلف الناتو، بغرض اقناع الحكومات الأوروبية بالخطر الكبير للاتحاد السوفيتي. ويشير الباحث الدكتور "محمد العبيدي" إلي أن هذا الدليل تبعه بعد سنوات تعديلات وتفسيرات وضعتها أجهزة المخابرات الأمريكية، توجب علي أجهزة المخابرات جميعها القيام ب"عمليات خاصة" توقع اللائمة فيها علي "تنظيمات ارهابية" بمعني أن تقوم أجهزة لمخابرات الأمريكية بأعمال إجرامية يوقع اللوم فيها علي "المتمردين"، حسب تعبيرهم، بحيث يستدعي الأمر أهمية التدخل العسكري الأمريكي في ذلك البلد الذي يقومون هم أنفسهم بعمليات "ارهابية" فيه، وكذلك استمرار حربهم علي ما يسمي اليوم بالارهاب أضف إلي ذلك ما دعا إليه مفكرون أمريكيون منهم "جون يو" أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا بيركلي في مقال نشره مؤخرا في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، من إنشاء منظمات ارهابية وهمية كطريقة لمقاتلة منظمات ارهابية أخري، وأن يكون لهذه المنظمات الوهمية مواقع علي الانترنت، ومراكز تجنيد ومعسكرات للتدريب اضافة إلي تسهيل عمليات جمع الأموال لها. وذلك بغرض بذر الشقاق بين الحركات الارهابية، علي حد تعبيره أي بمعني آخر أن تقوم تلك المنظمات الارهابية بأعمال اجرامية بحق مواطنين أبرياء تماما كما حدث مرات عديدة في العراق حين شاهدنا استهداف المدنيين الابرياء. جريمة القرن ولاشك أن ما يحدث في العراق من اغتيال علمائه وكفاءاته النادرة، بهدف اغتيال حاضر العراق ومستقبله، بعد محاولة طمس ماضيه وتراثه بنهب متحف بغداد، الذي وقع في أول أيام الاحتلال فيما أسماه "دوني جورج" مدير متحف آثار بغداد، "جريمة القرن" التي ارتكبتها القوات الأمريكية لعدم حمايتها محتويات المتاحف والمواقع الأثرية العراقية من عمليات النهب والتدمير واضافة إلي المتحف الوطني تم احراق الارشيف الوطني ببغداد، كما أصيبت المكتبة الوطنية بأضرار كبيرة، ونهب وحرق متحفين آخرين أن بمحافظتي الموصل وتكريت شمال العراق وقالت نائب مدير المتحف نبيهة الأمين "لقد نهبوا ودمروا 170 ألف قطعة من معروضات الآثار التي تعود إلي آلاف السنين.. انها تقدر بمليارات الدولارات" بينما ذكرت اعتماد يوسف التي كانت تتولي مسئولية المتحف عند بدء العدوان، في حوار مع صحيفة آي بي تي الاسبانية" عندما دخل الأمريكيون إلي بغداد وضعت دبابتان في أبواب المتحف بينما كانت طائرة تحلق باستمرار فوق منشآته وقد أحدث اللصوص فجوة في أحد الجدران دون أن يبدي الجنود حراكا لمنعهم، وكانوا مجموعة منظمة تعرف المبني وعلي دراية تامة بما تبحث عنه وأين تجده وقد توجهوا توا إلي الأماكن التي كانت تعرض فيها أفضل اللقي أو التي تعود إلي شعوب ماضية معينة (يهودية وفق بعض الشهادات) وقد تجاهلوا أخري أو دمروا كل ما خلفوه وراءهم. الجميع في قارب واحد أضف إلي ذلك ما أشرنا إليه في مقال سابق عن نهب بترول العراق فيما أوضحه تقرير "مخططات الخام.. نهب ثروة العراق البترولية" الذي أصدرته جمعية "بلا تفورم" لدراسة الآثار الاجتماعية والبيئية للبترول، حيث توقع التقرير أن تنهب شركات بترول كبري مليارات الدولارات من العراق وتسيطر علي حقوق بتروله "مالم يكن للمواطن العراقي العادي دور أكبر في تقرير كيفية استغلال ثروات البلاد". وما نعلمه جميعا من محاولات متوالية لم تنقطع منذ أكثر من أربعة عقود للسيطرة علي موارد العراق وبالتحديد منذ أصدر عبدالكريم قاسم القانون الذي يحدد مناطق امتياز تنقيب شركات البترول الاحتكارية بمساحة محددة لا تتجاوز خمسة في المائة من مساحة العراق كي يفتح الباب أمام شركات وطنية للتنقيب والاستخراج، وما حدث بعد ذلك من محاولات الانقضاض علي العراق وظهور الصراعات مع إيران ودعم تمرد بعض العشائر الكردية في سبتمبر 1961 ضد قانون الاصلاح الزراعي وصولا إلي تدخل الشركات البترولية الاحتكارية والدول التي تنتمي إليها المباشر في شئون العراق حتي بعد تأميمها عام 1972 وحتي الاحتلال في عام 2003. وبهذا تكتمل الصوورة التي يراد بها الإجهاز علي العراق بتاريخه وحاضره ومستقبله وهي لا تختلف في أي من ملامحها عما يخطط لجميع بلدان المنطقة العربية التي شاء قدرها علي طول التاريخ أن توجد في موقع استراتيجي يحقق لأي قوة عظمي تسيطر عليه إحكام قبضتها علي زمام الأمور في العالم، وأن تملك من الثروات المادية والبشرية ما يسيل لعاب الطامعين فعلينا أن ننتبه جيدا أن بيننا من يمتلك تاريخا وآثارا لا يقل أهمية عما كان لدي العراق يسعي البعض لطمسه وتزييفه لأهداف غير خافية، ومن يمتلك ثروات بشرية وعقولا تغري بالسلب أو الاستلاب وإن لم يكن فبالقضاء عليها واغتيالها (تفيد نشرة منظمة العمل العربية السابق الاشارة إليها أن الكفاءت العلمية المصرية المتواجدة في الخارج تتركز في الولاياتالمتحدة بنسبة 38 في المائة وكندا 16 في المائة وإيطاليا عشرة في المائة واليونان وألمانيا ثلاثة في المائة والنمسا وسويسرا 7.1 في المائة واسبانيا 5.1 في المائة كما أوضحت النشرة أن نسبة توزيع العلماء العرب في الولاياتالمتحدة تتوزع بواقع 60 في المائة للمصريين، وعشرة في المائة لكل من علماء العراق ولبنان وخمسة في المائة لكل من الأردن وسوريا وفلسطين ومثلها لباقي الدول العربية) فضلا عمن يمتلكون ثروات طبيعية لم يعد من الممكن أن ندعي عدم الانتباه لخطورة الاطماع الموجهة لها. [email protected]