بعد دخول قوات الاحتلال الأمريكي البريطاني العراق في عام 2003 بدأت المدن العراقية، لاسيما المحافظات الجنوبية كالبصرة وميسان، بالسماح لمروجي المخدرات بأنواعها المختلفة بإدخال سمومهم إلى العراق، الذي كان من البلدان الخالية من هذا الوباء قبل مرحلة الاحتلال. وإضافة إلى انعدام الرقابة، نتيجة تردي الوضع الأمني في البلد طيلة السنوات الماضية، سُمح للذين يتعاطون المخدرات أو الذين يتاجرون بها بممارسة أعمالهم من دون أن يتعرضوا إلى أية ضغوطات، الأمر الذي ساهم بزيادة أعداد المدمنين في العراق بشكل خطير، رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة في هذا المجال، كون ظاهرة الإدمان وتعاطي المخدرات من الظواهر التي يستهجنها المجتمع العراقي، لذلك فإن الكثير من المدمنين لا يكشفون عن إدمانهم، كما أن ذويهم أيضا لا يكشفون عن إدمان أبنائهم؛ لأن ذلك سيجلب العار لهم من قبل المجتمع،حسب ماذكرت صحيفة الخليج الاماراتية. ونظرا لخطورة ظاهرة الإدمان على المخدرات، ونتيجة لتحسن الأوضاع الأمنية في محافظة البصرة خلال الشهرين الأخيرين، أقامت دائرة صحة البصرة احتفالية خاصة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات؛ للتعريف بأضرار المخدرات وآثارها في المجتمع تحت شعار “المخدرات ضياع وتدمير للقدرات على العمل والإبداع”. وحذر المحاضرون في هذه الاحتفالية من ظاهرة ازدياد أعداد المدمنين في المجتمع العراقي وخطورتها على مستقبل البلد، لأن الإدمان يؤدي إلى هلاك الشخص المدمن، وبالتالي خسارة المجتمع للعديد من الطاقات التي يمكن أن تكون نافعة له في المستقبل. وقال مدير عام دائرة صحة البصرة الدكتور رياض عبد الأمير “نستطيع أن نقول إن هناك خطرا في مجتمعنا من انتشار آفة المخدرات، لاسيما في ظل ضبط المخدرات والقبض على متعاطيها ومروجيها من قبل الجهات الأمنية بين الحين والآخر، فضلا عن الحالات التي تراجع استشاريات الصحة النفسية”. وأضاف أن هناك عدداً من الأدوية التي تستخدم لعلاج حالات مرضية يساء استخدمها وتستخدم كمخدر مثلا “الأرتين”، وهو دواء يعالج حالات معينة ويعطى للعديد من المرضى، موضحاً أنه لا يمكن منع بيع هذا العلاج في الصيدليات، حيث تكمن المشكلة في سوء استخدام بعض الأدوية ليصبح الموضوع إدماناً دوائياً. كما أوضح عبد الأمير أنه ليس لدى دائرة صحة البصرة إحصائيات دقيقة في هذا المجال، وأنه يتم معرفة أعداد المدمنين من ردهات واستشاريات الصحة النفسية فقط، وليست هناك دراسة واضحة للمخدرات الموجودة في المجتمع العراقي. ورأى أن أسباباً كثيرة تمنع معرفة الأرقام الحقيقية التي وصل إليها عدد المدمنين في البصرة خاصة أو في العراق عامة، منها انه من الصعب على الشخص الذي يتعاطى المخدرات أن يقول انه مدمن وان يصرح بذلك للطبيب، لذلك فإن الأعداد التي لدى الدائرة هي فقط تلك التي تراجع استشاريات الصحة النفسية والتي تكتشف بشكل تشخيصي. وأكد أن الشخص المتعاطي يعرف تماماً أن المخدرات محرمة شرعاً وقانوناً، لذلك من الصعب على المدمن في العراق أن يقول ذلك للطبيب. أما الدكتور عقيل الصباغ، مدير مكتب الصحة النفسية في البصرة، فيرى أن أعداد المدمنين قد زادت بعد سقوط النظام السابق؛ بسبب فتح الحدود ودخول أعداد كبيرة من المواد المخدرة بسهولة وفقدان الرقابة، مما أدى إلى ازدياد تعاطي المواد المخدرة.