اكد محللون سياسيون متابعون للشأن العراقي انه وعلى الرغم من ان الولاياتالمتحدةالأمريكية أنفقت أكثر من سبعمئة مليار دولار حتي الآن لتمويل احتلالها للعراق. ذهب جزء منها لبناء جيش عصري حديث وتسليحه ليتولي المهام الأمنية بعد انسحاب القوات الأمريكية إلي قواعد دائمة قد يصل عددها إلي خمسين قاعدة وفق بعض التقارير غير الرسمية،الا ان الثقة تبدو شبه معدومة بين الإدارة الأمريكية والجيش العراقي، مما يعني أن الجهود الكبيرة التي بذلت لتدريبه وتسليحه وتمويله قد ذهبت هباء منثورا. وقالوا ان التقارير الإخبارية التي نشرتها صحيفة لوس أنجيليس تايمز قبل يومين أفادت بأن مسؤولين أمريكيين يستخدمون أقمار تجسس لتتبع تحركات الجيش العراقي الجديد، وهي ممارسة لا تستخدم عادة إلا مع الأعداء ولايبدو كيف سيكون وقع هذه الأنباء علي نوري المالكي وحكومته، وضباط هذا الجيش الذين ينسقون أعمالهم مع نظرائهم الأمريكيين، ويخوضون معهم حربا مشتركة ضد جماعات المقاومة اذ من المتوقع ان يكون وقع هذه التقارير سلبيا علي هؤلاء. واضافوا ان الصحيفة الأمريكية تقول إن عمليات التجسس هذه تصاعدت بعد إقدام القوات العراقية، وبأمر من المالكي علي شن هجوم ضد قواعد التيار الصدري في البصرة ودون التنسيق مع القيادة العسكرية الأمريكية، وربما يكون هذا التبرير صحيحا في ظاهره، ولكن الأسباب الحقيقية ربما تكون غير ذلك تماما، ولها علاقة مباشرة بالتوتر المتصاعد بين الولاياتالمتحدةوإيران علي ارضية تمسك الأخيرة ببرنامجها النووي ورفض كل الضغوط لوقف أو تجميد عمليات تخصيب اليورانيوم. مشيرين الى ان معظم الضباط الكبار في الجيش العراقي الجديد ينتمون في الأساس إلي الأحزاب والتكتلات السياسية الحاكمة حاليا في بغداد، أو من المتعاطفين معها، وخاصة حزب المجلس الأعلي الإسلامي التابع لعبد العزيز الحكيم الذي يحظي بدعم كبير من القيادة الإيرانية، بل وتأسس في كنفها، وهناك تقارير تقول إن قوات بدر ميليشيا هذا الحزب ما زالت تمول من إيران مباشرة. وقالوا ان من المفارقة أن المالكي والائتلاف الحاكم الذي يمثله يقوم حاليا بالأعمال القمعية نفسها التي يتهم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالقيام بها ضد انتفاضة الشيعة في الجنوب بعد إخراج القوات العراقية من الكويت في شباط عام 1991. الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أن هذا الجيش الذي دربته ومولته وسلحته علي مدي السنوات الخمس الماضية لا يكنّ الولاء لها، وربما يتحول ضدها فور حدوث أول صدام بينها وبين إيران، وهذا ما يفسر قرار قيادتها العسكرية المفاجئ بالتجسس عليه عبر الأقمار الصناعية بالطريقة نفسها التي كانت تتجسس عبرها علي الجيش العراقي السابق بقيادة ضباط بعثيين. واجمع المحللون على ان الاحتلال الأمريكي في العراق يواجه مأزقا خطيرا بسبب تغير خريطة التحالفات المتصارعة، وتزايد النفوذ الإيراني، فالهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية في تزايد، ومصدرها جماعات المقاومة ، خاصة بعد تشكيل التيار الصدري مجموعات خاصة مدربة بشكل جيد علي حرب العصابات علي أيدي خبراء من حزب الله اللبناني وان التحسن الأمني الذي يجري الحديث عنه الآن بقوة في أروقة الإدارة الأمريكية قد يكون مضللا، وهو في جميع الأحوال تحسن نسبي، ومن غير المتوقع أن يستمر طويلا، مثلما أثبتت التجارب السابقة في العراق