مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا قاهرة إني جائع..! قالت كل حذائي ..!!
نشر في الشعب يوم 11 - 05 - 2008


المال والسياسة ..!!




قال الماغوط : كنت أود أن اكتب شيئا عن الاستعمار والتسكع وعن بلادي التي تسير كالريح نحو الوراء ,,
كان السياق العام للاستبداد على مر القرون هو تهب خيرات الشعوب حتى وانه يضن ويبخل أيضا بالفتات بل ويرى أن الفتات كثير ،، إنها فلسفة قارون أن موسى عليه السلام لم يطالب قارون إلا بالعشر10% .. ليعطيه إلى الفقراء وبالرغم من انه مبلغ بسيط مقارنة بما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة كما ذكر القرآن الكريم
.. إلا انه كان ساديا .. بمعناها العصري الرأسمالية المتوحشة إذا جاز لنا التعبير .. إلا انه قال إنما أوتيته على علم عندي .. أي بقريحته المتوهجه .. وذكائه الخارق .. ولم ينسب أسباب الغنى لمولاه تبارك وتعالى ..
او كما جاء في قصة الأعمى والأبرص والأقرع من بني إسرائيل فلماء جاءهم الملك على هيئة عابر سبيل انقطعت به السبل يريد ما يتبلغ به الطريق .. قال احدهم .. أتما ورثته كابرا عن كابر.. ولم ينسب الغنى أيضا لمولاه تبارك وتعالى ,., (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات : 58 )
فلسفة سادية رأس المال مع السياسة مشوار طويل .. وموضوع ذو شجون ..
وما أسوا أن يكون الحاكم لصا .. والوزراء مجرمين .. قضية ما فتئت البشرية تعاني منها حتى اللحظة .. فلقد كان من مبررات ثورة الحسين استئثار بني أمية بالثروة .. وهي سياسة قديمة في مسلك الاستبداد ذكرها الكواكبي في الاستبداد والمال ..
كما قال أحد الغربيين .. لك أن تتحكم في المال والمحاكم واترك الباقي للرعاع ..
وهكذا كان سياق الاستبداد .. وعلى ذمة ابن خلكان حيث قال المعز لدين الله الفاطمى لأشراف مصر عندما سألوه عن نسبه ,,فما كان منه إلا أن جمعهم ذات يوم .. وأخرج لهم السيف وقال هذا حسبي ومن ثم نثر عليهم الدراهم الذهبية ,, وقال هذا نسبي ,, فقالوا سمعنا وأطعنا ..
مصر اليوم .. تعاني الجوع .. وهي المليئة بالخيرات .. نظرا للمؤامرة على الضعفاء ,, لقد علمتنا كتب التاريخ أنه لا يجوع شخص ما في مجتمع ما ,, إلا إذا كان هناك مؤامرة ..من نوع العيار الثقيل . والنوع الدنيء ..
وثمة تساؤل لماذا لا ينتحر الحكام العرب .. بعدما جلبوا على هذه الأمة العظيمة ابتداء من كسرة الخبز انتهاء الى بيع الأوطان ..الأمة العظيمة الضخمة المترامية الأطراف .. التي كانت يوما ملء السمع والبصر .. كل هذه الكوارث .. ليقول جورج غلاوي .. ان أنظمة الرقص الشرقي هي المسئولة عما يجري في العراق .. امة المجد التليد هكذا أصبحت تحت الاحتلال .. ونزيدكم من البلوى كأس .. ومن الشعر بيت ،، ما نشرته المصريون بالأمس .. أن مصر زودت إسرائيل بالغاز مجانا لشهرين .. بينما غزة تعاني نقص الوقود .. صدقوني لا فرق بين إسرائيل كنظام استيطاني ,, وبين الحكام الاستيطانيين العرب .. هل المسألة هي اللغة العبرية والتلمود .. إنهم على وشك ان يعلنوا صلواتهم من التوراة على شاشات التلفزة .. بعدما جرّموا الاذان .. وكلمة الله اكبر التي هي شعار الإسلام .. ولك ان تعتبر كل قصر حكم وما جاورة ..من المحيط الى الخليج ( منطقة خضراء) ,, إلا من رحم ,,مثل التي في بغداد ويكفى لقاءهم مع ليفني في قطر.. ليوضح للقارىء العربي مدى تصهين العرب ..ليفني في قطر و اولمرت في شرم الشيخ ..ايها السادة والبرهان سيد الأدلة ..
*****
المال والسياسة .

هل المبدأ وحده يكفي للدخول في معترك السياسة .. بمعنى أخر هل يمكن للإنسان أن يتكيء على قائمة من المباديء المثالية لتحقيق واقع اجتماعي راق من الناحية المثالية وسحب ذلك على الواقع ام يستلزم ان يكون هناك عوامل أخرى معززة لذلك ..والموقف معروف ربما سقناه في مقالات أخرى .. وهو حينما كان جون كيندي على رمال الأطلسي في احد أيام الصيف وبين نسمات المحيط والمياه الزرقاء سأله احد الخدم عن طموحه فقال بشكل عفوي : أن احكم أميركا فقال له ولم ؟ َ فرد عليه لان تلك الحاجة الوحيدة التي اقدر على فعلها .. وكان لنا أن نتساءل ما الذي حدا بجون كيندي أن يقول هذا الكلام هل لأنه من عائلة لها من تراكم الخبرات في ميدان السياسة ..؟ هل لأنه يعلم الدهاليز والإنفاق وخيوط اللعبة ..؟ هل لان لديه ما يموله ماليا في العمليات الانتخابية ..؟ أم هل هناك شبكة من المعارف والأصدقاء النافذين في هذا الميدان السياسي .. مما يسهل عليه النفاذ بسهولة إلى سدة الحكم .؟. هل كان على صلة بمن يعملون من خلف الستار كالماسونية ..؟ لقد رأينا في برنامج زيارة خاصة على قناة الجزيرة لقاء مع رجل السي أي ايه الأول في لبنان وان هناك إخطبوط خلفي من وراء الستار .. له القدرة على تحريك الأحداث ..
لقد اعتبر كيندي أن ذلك الأمر سهل المنال ..؟ فلم لا يكون سهلا على الإسلاميين مثلا أن يصلوا إلى سدة الحكم .. وهل لما كانت الغاية مثالية لابد ان تكون الوسيلة مثالية فيصطدمون بجدار المبدأ ..!!
هل كان كيندي على علم بخيوط اللعبة ..؟
لا شك أن معظم ما سقناه كان تساؤلات ..لما قد يطرحه القارئ العادي..
ولنا أن نفيد أن كل بيئة لها سياقها الخاص وموروثها الفكري والأخلاقي ..
لقد قال ابو فراس
ما كل من شاء المعالي ينالها *** ولا كل سيار إلى المجد يهتدي
إلا أن الرجل نال المجد والتفوق بمعايير السيف والقلم ..
وان كان أبو فراس قال هذا الكلام فانه كان يعرف البات المجد من المنظور الإسلامي بمعاييره الخاصة التي لا تنسحب ولا يمكن أن تنسحب على بيئة كان فيها الرمز والماسونية والأطراف خفية .. والعكس صحيح .. الا انه بالرغم من ذلك فهو يحدث اليوم ..على بيئتنا ..
فالذي يحكم معايير المجد في التصور الإسلامي معايير مثل التقوى والاستعانة بالله ..لا الرمز والماسونية ..
وهاهو ابو فراس ا الذي قال ..
إذا كان غير الله للمرء عدة**** أتته الرزايا من وجوه الفوائد
قالوا إن المال هام في المعادة لذلك ربطوا علم السياسة بالاقتصاد ..
جاء في دليل المال والساسة money in politics handbook :
انه بدون مال في السياسة لن تؤدي الأحزاب الديمقراطية وظائفها ناهيك ان تقوم الحكومات بدورها في أشكال من حرية التعبير كما أن التمويل السياسي مرتبطة بالحالة الصحية وقوة الديمقراطيات من هن كانت القوانين واللوائح التي تنظم التمويل المالي للسياسة ..
إلا انه على الجانب الأخر وجدت معهد كاتوا CATO institute
ان المال لا يشترى الأصوات ويذكر انه بين 6 من 15 متنافس لمجلس لشيوخ الاميركي في 1996 ان المرشحين الذين أنفقوا أقل قد كسبوا وان المرشحين ذوو الرسائل القوية استطاعوا أن يهزموا المرشحين ذوو التمويل الهائل.. في 1992 استطاع السناتور فاينغولد أن يهزم اثنين من الخصوم الممولين مويلا عاليا على نحو جيد كما هزم صاحب منصب موّل حملته بما نسبته ثلاث مرات من المال مقارنة بما دفع ..
إلا انني اعتقد ان هذا السياق في دول الديمقراطية واحترام المواطن ..بما يتناقض مع بيئتنا الاستبدادية ..

وللتمعن في آلية المال عندنا ..هل بالفعل أن المال ضروري كركيزة .. للخوض في مضمار السياسة ..
من خلال الفترة المثالية التي حكم فيها الإسلام
رأينا المصطفي سلام الله عليه لم ينظر إلى المال كمعيار أساسي في المعادلة وهو الذي كانت تحت أقدامه الشريفه أموال الجزيرة العربية وخارجها وهو الذي قال وهو على فراش الموت لعائشة رضي الله عنها .. كم عندك من المال .. قالت أربعة دراهم فقال لعائشة تصدقي بها يا عائشة قما كان لنبي أن يلقى الله وفي بيته أربعة دراهم ..
وكان المصطفى ينفق..المال على الدعوة ولا مانع أن يأتيه رجل فيعطيه أغنام وماشيه ما بين جبلين كي يسلم وينقذه من النار وهو في نفس الوقت لا يستبق المصطفى لنفسه شيئا من حطام الدنيا .. بل كان يمكث بالشهر لا يوقد قي بيته نار ..
محمد صلى الله عليه وسلم ركل أموال الدنيا ذلك لأنه يؤمن أن المجد هو المجد في ملكوت السماء
علي كرم الله وجهه لم يختلف فما أن يأتي الخراج إلى بيت المال إلا وبقول للمؤذن هجر يا ابن النباح .. علي بأشياخ الكوفة .. فيوزع كل ما في بيت المال على فقراء المسلمين ثم يكنس بيت المال ويرشه بالماء ويصلى ركعتين ثم ينام ..
وكانت معالجات الإمام علي مع المال معروفه
وهو القائل لم تبق السيوف لنا عدوا ****ولم يبق السخاء لدي مالا
وكان يعرف نفسيات أتباعه أن سبب تقاعسهم عن القتال هو المال وهو القائل اعرف ما يقيم أودكم ولكني لن افسد ديني بدنياي
قالوا إن الإمام علي فشل في السياسة لا مثالية هذه الشخصية أبت أن تنزل به إلى حمأتها ....
الإمام علي الذي قال ما جاع جائع إلا من تخمة غني .. وهو القائل لولا ما اخذ الله على العلماء ألا يقروا على كظة ظالم وسغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت أخرها بكاس أولها .
إلا أنني رأيت المال ..في التصور اليهودي غير ذلك فلقد رأينا اليهود وهم خارجين من خيبر ويحمل احدهم كل ذهب اليهود في جلد لعجل ثور .. قائلا للمسلمين
معنا الذي يرفع الدنيا ويخفضها ..
إلا أننا ندرك كمسلمين ان الخافض والرافع هو الله
قال الشاعر
ومن يشأ الرحمن يخفض بقدره *** وليس لمن لم يرفع الله رافع
وجدنا مواقف عجيبة في موضوع المال غربيا ..
أن عائلة روتشيلد كأباطرة للمال في أوربا منذ القدم أنهم نفذوا إلى قصور حكام أوربا بسبب المال بل هم من كانوا وراء هزيمة نابليون في وترلو ..كما ذكرت بعض المصادر ...
وان أميركا من خلال البنك الدولي كانت تراقب او تفعل الهزات الاقتصادية في اندونيسيا عن كثب كي تسلخ تيمور الشرقية ككيان نصراني في خاصرة اكبر دوله إسلامية ..
وان البنك الدولي .. يقوم بلعبة قذرة عالميا نحو الغذاء .. ولا مانع ان يشترك فيها أطراف أخرى .. ممن أسلسوا مقادتهم له ..فأميركا زمام يقاد به إلى كل سوء ,,
على المستوى الإسلامي .. رأينا كيف أن كل من استنفروا الحسين اشتراهم يزيد بالمال بل وحاربوا الحسين وقتلوه ..رأينا نفس النموذج مع أنصار مسلم بن عقبل ..
هل كان الإمام علي ,, مطالب أن يدخر من بيت المال ..كم هائل من المال كي يقلب معادلة الفرزدق من جمهور الكوفة قلوبهم معك وسيوفهم عليك ..إلا أن هذا الاقتراض لا يمكن فلقد كان أل البيت في استقامة المسطرة وما كان الإمام أن يوبق دينه بدنياه لحطام ينتهزه,, فلقد كان الإمام أكبر من هذا بكثير .. قطعا لم يكن أل البيت انتهازيون ولا parasites ..فآل البيت ربما جاءوا ليكونوا لنا وللتاريخ رموزا في المثالية ..التي لم تنزل إلى حمأتها .. ذلك لان المعادلة على طرفي نقيض فلو نظروا إلى الدنيا اعتقد انهم لن يكونوا رموزا رائعة بهذا الشكل.. وهو الإمام الذي قال لابن آخيه والله ما دخل صدر عمك شيئا من الدنيا قط .. وهو الذي قال ليوصي الحسن والحسين .. لا تبغيا الدنيا وان بغتكما ..
اجل كان عليهم ان يؤدوا الدور بكل ما فيه من المثالية و النزاهة ليس الانتهازية .. أما الدنيا تذهب وتجيء وليست هي شغلهم الشاغل بل كانت قضيتهم هي الدين كأمر جد لا يحتمل الهزل وكشرف بيت ثانية .
وهناك على الدرب يمضي الكثير من الشرفاء على مر التاريخ السياسي المصري والعربي ..من ساروا على درب النزاهة .. ولكن تكمن المشكلة كما قال الإمام علي لا رأي لمن لا يطاع ..
وعلى الجهة الاخرى علمتنا الديكتاتوريات في الشرق الأوسط أنهم لا مبدأ يعيشون من اجله ،و كانوا لصوصا من ناحية المال..من رصيد الذاكرة اذكر موقفا كيف يلعب المال الدور الرديء في عالم السياسة ..
كنت منذ نعومة أظافري اكره المتاجرة بالمبادئ لان المتاجرة بالمبادئ سمسرة بالدماء وبالتحديد في مرحلة الشباب وما يحملها من نزق الثوار وفي مرحلة الجامعة كان صديقي رضا العراقي واحمد الكناني يعرفان الأستاذ إبراهيم شكري عن كثب ..
ونظرا لان صديقاي منضمان لحزب العمل ومن صحافييه بعد ذلك.. دخلت أنا وصديقاي ياسر الصردي وعدنان السعيد كمندوبين عن حزب العمل في اللجان الانتخابية لقريتنا في عام 1982 على ما اذكر وكانت اللجان ذاك اليوم في حاجة إلى شخص رابع .. جئنا به وطالبناه بالوفاء للحزب ..
كنت حريصا بجرأة وعنفوان الشباب على آلا يتم التزوير مهما كانت التكاليف ..وسارت الأمور يومها على ألا يتم التزوير حتى الربع ساعة الأخير وبعدها تكثفت الأحداث من رعود وبروق ..على نحو مغاير.. ومن هنا بدأت تتجلى سطوة رأس المال وأسراره ،، منذ فرعون إلى يزيد بن معاوية إلى المعز لدين الله الفاطمي إلى يومنا ذاك ..
وكانت بداية المفاوضات ان تكون الأصوات.. صوت لحزب العمل وصوت للوطني.. او صوتين للعمل وصوت للوطني ..قلت كلا ..لن تأخذوا صوتا واحدا. ولا صوت واحد ..بعدها بدأ الاستفزاز ...المخطط له ..كأن يخرج الناخب على الملا من خلف الستار ويؤشر على الوطني ...لم أعبا .. وبدا يخرج من الكواليس .. رسائل تهديد في البداية ....حاولت أن اجتاز التجربة إلى النهاية .. جاءني صديقي عدنان وكان متوترا .. ولأول مرة أن أرى التوتر البادي على عدنان .. ولم أعهده عليه من قبل..
فقلت له لا تعبا ..لم يتبق إلا وقت يسير وتنتهي المعضلة .. فقال لي التهديد هذه المرة فعلي وليس مجرد أقوال .. ولم اخذ التهديد على نحو من الجدية وفجأة.. تلبدت الغيوم وبدأ الرعد والبرق ..
فوجئت بمجموعة من الأشخاص حملوني خارج اللجنة .. ورأيت كيف أن احدهم يحمل قالب طوب احمر يضربني على ظهري .. وكم هائل من اللكمات والركل .. وفين يوجعك ..
وأثناء الضرب لمحت احد هؤلاء من التابعين للحزب الوطني ..يعبث بالأوراق داخل اللجنة بشكل عاجل ومريب . أي ضرب هنا وتزوير هناك ...يومها رأيت كيف يتحول الإنسان إلى شخص مرتزق من اجل حفنة من المال .. رأيت الوجه الاخر المؤلم لقريتي والذي لم أكن اعرفه قبلا .. وكيف ان مال السياسة يمحق ويحرق كل مساحات الود وتكون عدوا لهم في لحظات وبدون سابق انذار.. بل ان يكونوا لك أعداء ما بين غمضة عين وانتباهتها .... وكيف ان صديقنا الرابع لم يكن وفيا ..باعنا وباع حزب العمل ب10 جنيهات وترك لهم الساحة .. اما عدنان وياسر قد وصلوا إلى ارض محايدة او منزوعة السلاح بتقاسم الأصوات.. ورضوا من الغنيمة بذلك الحل الدبلوماسي ..
رأيت يومها كيف للمال أن يحرق المساحة الخضراء في قلبك تجاه بعض اهلك وناسك وكيف للأخر أن يبيع المبدأ مقابل اللاشيء ..الفتات من ذهب المعز ..
انه السر الكامن في لعبة السياسة ..
يومها وفي باحة المدرسة الابتدائية مقر اللجنة هتفت فيهم بصيحات الأسد الجريح المثخن بالجراح : كنت أتمنى أن تنظفوا ولو ليوم واحد في حياتكم .. إنها الحياة والمال ..المال له السحر الأخاذ على ضعاف النفوس ويسجد له بعض البشر ..وشراء الذمم ولأولئك الذين لم يتلقوا شيئا في حياتهم درسا عن المبادئ أو الموت في سبيل المبدأ ..
يومها رجعت إلى والدي رحمه الله ، مهزوما كالملك المغلوب ممزق الثياب .... يومها لم يحدثني والدي رحمه الله ولم يفاتحني في الأمر ..
استدرجني صمته إلى عدة تساؤلات في ذهني ..
هل هو رافض لما حدث ؟ هل هو راض عن كل الذي دار ؟
هل لا يريد أن ينكأ جراحا لم تزل ساخنة ولم تبرد بعد ؟
هل لا يريد أن ترتد الذاكرة إلى الموقف المؤلم والمأساة ..؟
هل يريدني أن ألملم بقايا كبريائي ..الذي تحطم ..خارج اللجنة الانتخابية ..؟
ومرت ليلتها ولم يفاتحني في الأمر ..
هل يريدني أن اجتاز التجربة وان أتحمل تكاليفها ..؟
وفي اليوم التالي .. وأمام دكان الوالد..جاء الأستاذ زين الحداد وهو له تاريخه في عالم السياسة .. ويومها قال لي أن السياسة لا تعالج بالصراحة والوضوح الذي تتعامل به أو تعالج به الأمور.. والتي لا تصلح من قريب او بعيد مع دهاليز السياسة ..فاربأ بنفسك من هذا السياق .. وطلبوا مني عهدا أن أكن بعيدا عن سياقات تكون محصلاتها كالتي كانت بالأمس ..
إلا أنني بعد ذلك لم استطع أن أكون وفيا لهذا العهد ..
المال قضية كما قال الله تعالى ..( (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً) (النساء : 5 ) وجاء في تفسير الجلالين معنى( قياما ) أي التي تقوم عليها حياة الناس .. وجاء في كتاب كنوز التلمود : المال يقيم الرجل على قدميه ..واعتقد ان الإمام علي جاء بكلام مشابه
هي اللسان لمن أراد فصاحة *** وهي الحسام لمن أراد قتالا
اعتقد ان المال ليس كل شيء في الدنيا .. بقدر ما هو الحال بالنسبة للمبدأ.. إلا أن وجود المال أفضل من عدمه .. وهو من مصادر القوة .. وخاصة في أزمنة يغلب عليها التصور المادي في معالجة الأمور .. ولما جبلت عليه طبائع البشر في احترام أصحاب المال.. وازدراء الفقير بالرغم أن المصطفى الكريم وضع لنا مقاييس المفاضلة بين البشر .. انها ليست بالغنى والفقر ..
ويدل على هذا ما في البخاري عن سهل قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وخلصت خبراتي أن ثمة اعتبارات .. حتى وان كان المال مهما ,, فهناك رؤى إسلامية أساسية التغيير..
ألا وهي ,, قول المصطفى الكريم ,,سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر، أمره ونهاه، فقتله ) .
فهنا لم يضع الرسول اعتبارات المال في الأمر والنهي .. الا انني اعتبره من المكملات وليست بالأساسيات ..
إنها كلمة الحق ..وكفى..!! وكفى بها شرفا وجريمة..!!
لقد قابلت في حياتي متشردين في العالم . جنت عليهم كلمة الحق فاقتربوا كثيرا من رحمة الله .. ومن جهة أخرى حطت عليهم لعنات الطغيان فكانوا من المغضوب عليهم استبداديا .. "ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الإسلام حيث دار، ألا إن القرآن والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب".(13) حديث شريف رواه اسحق رحم الله الماغوط وتجاوز عنه .. يوم أن قال ..
هذا القلم سيقودني إلى حتفي لم يترك سجنا إلا وقادني إليه ولا رصيفا إلا مرغني عليه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.