يزخر المشهد العراقي اليومي ، بتحركات كثيفة وواسعة لشيوخ ووجهاء العشائر العراقية ، لدرجة ان المرء يشعر ، أن الثقل الأهم في الساحة العراقية في الوقت الحالي ، هو للعشائر ، وهناك من يعتقد بأهمية وفاعلية هذا الثقل ، وثمة من يرى أن تأثير العشائر ، قد لايرقى إلى مستوى الأخطار التي تحيق بالعراق في هذا الظرف. أي من وجهتي النظر ، يمكن اعتماده ، والتعلق به ، عسى أن تجدي الخطوات، وتأتي بثمرة إيجابية، وسط العتمة التي تلف أجواء العراق يرى البعض ، أن شيوخ العشائر، لم تعد بأيديهم سلطة العشيرة ، كما هو متعارف عليه ، بعد أن اخترقت الأحزاب الدينية الكثير من العشائر العراقية ، ورمت هذه الأحزاب كل أثقالها وإمكاناتها في تثقيف الناس على أن الطائفة قبل كل شئ ، وأن العرق قبل الوطن ، وأن الولاء للطائفة والعرق أولا وثانيا وعاشرا ، ولايجوز أن يفكر الناس بالكفاءة . وهنا حصل خرق شديد في بنية العشيرة ، بعد أن شرذمتها عمليات التثقيف الطائفي والعرقي ، التي أفرزتها العملية السياسية ، المترعرعة في ظل الاحتلال الأميركي . كما أن الكثير من وجهاء العشائر ، قد انخرطوا في تلك الأحزاب ، وأصبح هؤلاء في البرلمان وأولادهم وأقاربهم توزعوا بين وظائف كثيرة ، ابتداء من عناصر الحماية ، إلى مدراء نواحي ومسؤولين إداريين ، إلى عاملين في الأجهزة الأمنية ، ولكل هؤلاء تصرف الرواتب المغرية والمناصب والوجاهة . لهذا فإن زعماء العشائر ، من الذين انغمروا في دوامة السلطة والوجاهة والرواتب ، قد يجدون صعوبة في النظر إلى الآماد البعيدة ، وهنا لايعول أصحاب هذا الرأي على دور فاعل في حل المعضلة العراقية . أما أصحاب الرأي الآخر ، فإنهم ينطلقون من قناعة ثابتة مستندة إلى التجربة والمتابعة لموقف العشائر العراقية عبر العقود والقرون من قضايا الوطن ووحدة المجتمع ، إذ تمتلئ صفحات التاريخ بالشواهد، التي تؤكد صلابة العشائر وتكاتفها ووقوفها بوجه الأخطار التي تهدد مستقبل العراق ، وهذا ثابت ومعروف في زمن الحروب المتبادلة بين الأتراك والإيرانيين ، وخلال ثورة العشرين وفي مواقف كثيرة ، ومايعزز موقف أصحاب هذا الرأي ، إن البعض من الذين دخلوا في العملية السياسية ، إنما تصوروا أنها قد تأتي بالخير للعراق ، لكن عندما يكتشف الجميع أن اولى نتائجها برزت بمحاولات اشعال الفتنة الطائفية والعرقية ، والتي تريد حرق اليابس والاخضر في هذا البلد ، ولم يلمس الناس اي بادرة او ملمح ايجابي في ظل الاحتلال ومناصبه والعملية السياسية ووجاهتها ، وهذا مايدفع بالجميع الى مراجعة دقيقة وشاملة ، على ان تتقدم مصلحة الوطن على جميع الامور الذاتية والحزبية والمناطقية لهذا دور العشائر يحتل اولوية واهمية ويعول عليه ، بعد ان اخذ الجميع يفيقون من الصدمة والخدرالذي جاء به الاميركيون.