تمسك الرئيس السوداني عمر البشير بموقف بلاده الرافض لقرار الأممالمتحدة 1706 الذي يقضي بنشر قوات دولية في إقليم دارفور. وجاءت تصريحات البشير بعد أقل من 24 ساعة من تحذير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من أنه قد يتم تحميل الزعماء السودانيين مسئولية ما وصفه ب"الأعمال الوحشية" التي تقع في دارفور إذا لم يسمح بنشر قوات دولية في الإقليم. وقال البشير في أثناء زيارته لليبيا يوم السبت 9-9-2006: "أؤكد بوضوح رفض السودان لهذا القرار الجائر"، في إشارة إلى القرار رقم 1706 الذي يقضي بنشر نحو 20 ألف جندي بدلا من قوات الاتحاد الإفريقي. وقال علي عثمان طه نائب الرئيس السوداني في تصريحات لقناة الجزيرة: إن تحويل مهمة قوات الاتحاد الإفريقي، الموجودة حاليا بدارفور، إلى الأممالمتحدة "يعني نقض اتفاق سلام دارفور". وأشار إلى عدم إجازة اتفاق سلام دارفور الذي تم التوصل إليه بين الحكومة السودانية وحركات متمردة بدارفور في 5 مايو الماضي، لأحد أطرافه إحالة مهمته أو واجباته لأية منظمات دولية. ونوه طه في الوقت نفسه بالفقرة في القرار 1706 التي تتيح للحكومة السودانية قبول أو رفض القرار، مؤكدا على تمسكها بحقها وتفسيرها لما ورد بالقرار. وقال: "لا نرى أن القرار بمنطوقه هذا يفرض علينا قبول قوات أجنبية ضد إرادتنا". وأكد طه عدم رغبة الحكومة السودانية في إنهاء مهمة الاتحاد الإفريقي بدارفور، مشيرا في هذا الصدد إلى سعيها تعزيز وجوده بالإقليم للاضطلاع بدوره الأمني والسياسي على أكمل وجه. وكان البشير قد أعلن مرارا رفضه لقرار مجلس الأمن الذي اتخذه في نهاية أغسطس الماضي، معتبرا أن القوات الدولية في دارفور ترقى إلى مرتبة الغزو، واتهمها بأن لها جدول أعمال إمبرياليا واستعماريا. على الصعيد نفسه أكدت الحكومة السودانية أنها على استعداد لمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي بشأن دارفور وأن وفدا من الاتحاد الإفريقي سيقوم بزيارة للخرطوم للبحث في مصير مهمة القوات الإفريقية في الإقليم وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية: إن "السودان لم يغلق الباب لإجراء حوار مع المجتمع الدولي القلق بشأن الوضع في دارفور". واعتبر أن المخاوف التي أعرب عنها الأمين العام للأمم المتحدة من تدهور الوضع الإنساني في دارفور غير مبررة. وقال: إن عنان "بنى تصريحاته على فرضية أن السودان قرر طرد قوات إفريقية وأن ذلك سينتج عنه فراغ أمني، لكن السودان لم يطلب مغادرة قوات الاتحاد الإفريقي، وحتى لو سحبت المنظمة الإفريقية هذه القوات فإن السودان لديه خطة لحفظ الأمن والسلام في الإقليم وتنفيذ اتفاق أبوجا"، في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعته الخرطوم في مايو الماضي مع الفصيل الرئيسي في حركات التمرد في دارفور وهو الجناح الذي يترأسه "مني مناوى" في حركة تحرير السودان. وجاءت التصريحات السودانية في أعقاب تحذير عنان أمس الجمعة للمسئولين السودانيين بأنهم قد يواجهون محاكمات بشأن ما يحدث في دارفور في حالة رفضهم نشر قوات دولية هناك قائلا: "إذا انسحب الاتحاد الإفريقي واستمر المسئولون السودانيون في رفض قوات الأممالمتحدة فإنهم يضعون أنفسهم في موقف ربما يتم فيه تحميل القيادة بشكل جماعي أو فردي المسئولية عما يحدث للناس في دارفور". وأضاف عنان: "الرسالة التي أحاول أن أوصلها للحكومة السودانية هي أن المجتمع الدولي لن يأتي كقوة غازية ولكن بشكل أساسي لمساعدتهم على حماية الناس". وأعلن عنان أن جهوده وجهود بعض الحكومات لإقناع السودان باتخاذ موقف أكثر مرونة من قرار مجلس الأمن 1706 الذي يقضي بنشر قوات دولية في دارفور لم تكلل بالنجاح. ويعتزم مجلس الأمن الدولي إجراء مناقشة بشأن السودان يوم الإثنين 11-9-2006 مع دعوة مسئولين سودانيين وآخرين من الجامعة العربية للحضور، وحتى الآن لم يصدر تأكيد رسمي على حضور مسئولين على مستوى عال. من جهة أخرى كشفت وزارة الخارجية السودانية أمس الجمعة عن وجود مشاورات واسعة مع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي (الإيجاد) للتعرف على إمكانية مواصلة الاتحاد الإفريقي لمهامه في دارفور غربي السودان. وأوضح جمال محمد إبراهيم الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية أن وفدا يضم أعضاء المجلس سيصل الخرطوم خلال الأيام القادمة. وأشار إلى أن الوفد سيستمع إلى وجهة نظر الحكومة السودانية حول قرار المجلس بنقل مهام الاتحاد الإفريقي إلى الأممالمتحدة إلى جانب زيارة ولايات دارفور، نافيا وجود أي اتجاه لعقد جلسة لمجلس السلم والأمن في الخرطوم. وأوضح أن وزارة الخارجية السودانية طالبت رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي بالسودان بتوضيح موقف الاتحاد حول رؤيتهم لما بعد 30 سبتمبر وهو الوقت الذي تنتهي فيه مهمة الاتحاد الإفريقي في دارفور. وأودت المعارك والأزمة الإنسانية في دارفور منذ عام 2003 بحياة الآلاف وتشريد نحو مليوني آخرين.