اليوم الأربعاء 23 مايو2012 يتوجه الناخبون المصريون إلي صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في اختيار الرئيس الذي انتظروه طويلا..ولأن هذه هي المرة الأولي في تاريخ مصر التي يشعر فيها المصريون بأن أصواتهم سوف تكون لها قيمتها، فأنا أتوقع أن يكون الإقبال الجماهيري عظيما وغير مسبوق، ربما يفوق نسبة الإقبال التي رأيناها في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة..هذا عائد بطبيعة الحال؛ أولا: إلي موقع رئيس الدولة في حياة المصريين، ثانيا: إلي تطلع المصريين إلي الانتهاء من المرحلة الانتقالية والمأساوية التي عاشوها خلال الأربعة عشر شهرا الماضية، ورغبتهم في الاستقرار والوصول إلي بر الأمان، ثالثا: أن هذه المرحلة هي في الحقيقة مرحلة فارقة في حاضر ومستقبل مصر، خاصة بعد ثورة أذهلت العالم وأثارت إعجاب الشعوب والزعماء والقادة في كل مكان، وبالتالي أمل الشعب المصري في أن يبدأ بشكل فاعل وحقيقي حياة الحرية والعزة والكرامة، ورابعا: أن المنافسة بين المرشحين شديدة وضارية، ربما ليست بين الجميع لكن علي الأقل بين أربعة أو خمسة منهم.من نافلة القول أن نذكر القاريء الكريم بأن لكل مرشح جماهيره التي تؤيده وتناصره، وأن هذه الجماهير قد حسمت أمرها بالفعل، وأن من سيتسرب منها سوف تكون نسبته قليلة..قد يختلف تقدير المحللين والمهتمين بالشأن العام حول حجم جماهير كل مرشح، لكن من المؤكد أن هناك نسبة ربما تصل إلي 40% من إجمالي الناخبين، وهي عموما نسبة كبيرة، مازالت مترددة ولم تحسم أمرها بعد..وبالتالي من سيتمكن من الوصول إلي هذه النسبة ويستطيع استقطابها إلي جانبه ربما يحسم المعركة لصالحه، لكن الأمر ليس بهذه السهولة أو البساطة.دعونا نقول إن استطلاعات الرأي حول انتخابات الرئاسة التي قامت بها بعض المراكز البحثية لا تعبر بدقة عن حقيقة وحجم الكتل التصويتية بالنسبة للمرشحين..بالتأكيد هذه المراكز قامت بجهد مقدر في ظل ظروف صعبة نعلمها جميعا، ولاشك أنها حاولت قدر الإمكان إحاطة الرأي العام أولا بأول بما يجري علي الأرض..غير أن بعضا من هذه المراكز عمل علي محاولة التأثير في الرأي العام، أو جزء منه، وتوجيهه صوب ناحية معينة بإعطاء إيحاء بأن هذا المرشح أو ذاك يتقدم علي باقي المرشحين..أيضا لا يمكن اعتبار نتائج الانتخابات التي جرت في الخارج مؤشرا لما سوف يحدث في الداخل..هي بالقطع عينة ولاشك، وقد تكون لها دلالتها، لكن يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن أعداد الذين صوتوا في الخارج رغم التباين بينهم لا يتجاوزون مدينة صغيرة أو ضاحية من ضواحي القاهرة..أضف إلي ذلك، اختلاف الثقافات والأجواء والظروف التي يواجهها هؤلاء عن تلك التي نعيشها نحن في الداخل.هناك توقع ألا يتم حسم المعركة الانتخابية من الجولة الأولي، علي اعتبار أن أصوات الناخبين سوف تكون عرضة للتشتت لا محالة..كنا نتمني أن يجتمع المرشحون من ذوي الاتجاه الإسلامي علي مرشح واحد..وفي هذه الحالة كان من الممكن أن تكون هناك جولة واحدة فقط..لكن للأسف بدلا من حدوث ذلك، انطلق هؤلاء المرشحون ومناصروهم يهددون ويتوعدون حال فوز أي مرشح من التابعين لنظام المخلوع، ونسوا أنهم بتفرقهم يدفعون في اتجاه هذا المرشح أو ذاك، بغض النظر عن التزوير أو عدمه!!إن الشعب المصري الذي فاجأ العالم بثورته العبقرية في لحظة فارقة من تاريخه، هو نفسه الذي فاجأ الجميع في الانتخابات التشريعية بإسقاطه للفلول الذين أرادوا استعادة مجدهم القديم..وهو نفسه كذلك الذي سيفاجيء الكافة في انتخابات الرئاسة باختيار الرجل المناسب لتلك المرحلة الصعبة والحرجة في تاريخ مصر..ثقوا في الشعب المصري، واعلموا أنه سيكون عند مستوي التحدي.