لحظات إفاقة بين الحياة والموت، لإمرأة منحور عنقها بسكين مطبخ ذبحت به طفلتيها شاهيناز المنتهى عمرها عند حد العامين وشهد ذات الثلاثة سنوات، دفعت مدير نيابة حوادث جنوبالجيزة، أسامة حنفى وسكرتير التحقيق عاطف سالم، للانتقال إلى مستشفى الهرم فى أسرع وقت ممكن، لسماع المجنى عليها والشاهدة الوحيدة فى ذات الوقت على جريمتى قتل مؤكدتين وثالثة فى حالة حرجة تم قطع حبالها الصوتية خلال محاولة ذبحها هى الأخرى بما لا يمكنها من الحديث وهى على فراش الرعاية المركزة بالمستشفى، فى محاولة التعرف منها على الحقيقة التى جاءت مفاجأة للجميع بأن الأم المصابة التى لم يتجاوز عمرها 22 عاماً هى من ذبحت طفلتيها وحاولت الانتحار عن طريق قطع عنقها بذات السكين. خمس ساعات متواصلة بدأت من الثانية عصراً حتى السابعة مساءً، والنيابة تحاول التعرف من ربة المنزل "عبير" 22 عاماً، على المجرم الذى ذبح ابنتيها وحاول قتلها، وذلك عن طريق إشارات يدى السيدة، وحركة شفاهها منعدمة الصوت، وايماءاتها بالموافقة أو النفى بحركة رأسها على ما تسمعه من أسئلة النيابة، ومحاولات هزيلة لاستجماع أعصابها والإمساك بالقلم وكتابة كلمات معدودة لا تصلح لتكوين جملة كاملة بخط مرتعش ويد واهنة، توصلت منها النيابة إلى جملة اعترافات تكشف غموض الجريمة. وبسؤالها عمن ذبحها وبناتها، أشارت إلى نفسها بحسرة ومرار، وبتكرار سؤالها أكدت ذات الإجابة، وتوالت التفاصيل بأن خلافات طاحنة تدور بينها وبين زوجها المقاول إبراهيم رضوان 27 سنة، وأن الأخير يسىء معاملتها هى والطفلتين، ويعاملها كزوجة بطريقة وحشية، ويتعدى عليها بالضرب المبرح، بما جعلها تكره الحياة معه، أو حتى بدونه، خاصة أنها طلبت الطلاق أكثر من مرة، لكن أسرتها رفضت، لكونها وزوجها أقارب من عائلة واحدة بمحافظة سوهاج بالصعيد، وكذلك بحجة الحفاظ على الأولاد واستقرارهم بين أبويهم، بما دفعها جدياً للإقدام على الانتحار مع تزيد الوضع سوءً وتكرار تعدى الزوج عليها بالضرب. وأشارت "عبير" إلى أنها تحب بناتها، فثنت ذراعيها أمامها وقامت بأرجحتها يميناً ويساراً كأنها تحمل طفلاً رضيع، ثم ضمت قبضت يدها نحو صدرها من الناحية اليسرى، شارحة أنها تحب طفلتيها، وخافت عليهما من سوء المعاملة والرعب الذى يفرضه الأب فى المنزل، فاتخذت قراراً بأن تقتل الطفلتين لإراحتهما ثم تنتحر. وشرحت الأم، أنها جلبت سكيناً جديداً من حقيبة سكاكين كانت عندها فى المنزل، مشيرة بكف يدها مبسوطاً جهت النيابة ثم قلبته وحركته يميناً ويساراً دلالة على الذبح، وتطرقت إلى باقى تفاصيل الجريمة، بأنها وجدت الطفلتين تلعبان فى حجرتهما بالشقة، فجاءت من خلفهما، وذبحت الكبرى شهد أولاً، ثم ذبحت الصغرى شاهيناز، وحملت الطفلتين إلى السرير ووضعتهما متجاوتين وكأنهما نائمتين، ثم قطعت عنقها هى الأخرى بذات السكين، واستلقت وهى تحضن الطفلتين وكأنهم جميعاً نيام. واستمر الثلاثة ينزفون والطفلتين تتألمان ويلفظان الأنفاس فى صوت مفزع يدل على العذاب لأكثر من ساعة، مما جعل الأم تفكر فى طريقة أسرع للموت فنهضت لاشعال البوتاجاز ثم قطع خرطوم الغاز لحرق الشقة، إلا أن زجاج البوتاجاز انفجر وتكسر، دون أن تشتعل النيران، فعادت ثانية إلى الطفلتين فوجدتهما لازالتا على قيد الحياة، حتى سمعت صوت خارج باب الشقة، فقررت طلب المساعدة لنجدة الأطفال من ذلك العذاب ونقلهم للمستشفى، ففتحت الباب ووجدت ابنة البواب فأشارت لها تطلب جلب أى شخص إليها، إلا أن الطفلة ارتعبت من المشهد وجرت تهرول على السلم من الطابق الثانى عشر، فخرجت من الشقة وطرقت على باب شقة جارتها، التى خافت هى الأخرى حتى جاءت زوجة البواب وصرخت وتجمع الأهالى، ودخلوا للطفلتين فوجدوهما قد فارقتا الحياة، وقاموا بنقل الأم القاتلة إلى المستشفى. وبعد أخذ تلك الإفادات من الأم المصابة، وجهت لها النيابة العامة تهمتى القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لطفلتيها، ومحاولة الانتحار، وأمرت بحبسها لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات،وتعيين حراسة أمنية مشددة عليها خلال تلقى العلاج داخل الرعاية المركزة بمستشفى الهرم، وتبين من التقرير الطبى للمتهمة أن الجرح الذبحى الذى فى عنقها لم يمتد إلى أياً من الوريدين الرئيسيين فى العنق، بما قلل من تدفق نزفها وأبقاها على قيد الحياة حتى نقلها إلى المستشفى للعلاج، بخلاف الطفلتين "شهد وشاهيناز"؛ حيث تم قتلهما بطعنات ذبحية غائرة امتدت بطول قرابة 10 سنتيمتر بمحيط الرقبة الأمامى، بما انتهى إلى الوفاة. وتسلمت النيابة تحريات رجال البحث الجنائى، التى أشارت إلى أن المتهمة وزوجها المقاول، أبناء عمومة من محافظة سوهاج بصعيد مصر، تزوجا منذ 5 سنوات، وقدما للعيش فى القاهرة الكبرى بسبب طبيعة عمل الزوج فى قطاع المقاولات، واستأجرا الشقة محل الجريمة الكائنة فى العقار رقم 27 بشارع مكة المتفرع من عز الدين عمر بالهرم، منذ قرابة عام فى عيد الأضحى الماضى، وخلال تلك الفترة كانت الخلافات مستمرة بين الرجل وزوجته، بما كان يدفعها إلى ترك المنزل والتوجه للإقامة فى بيت أقاربها لقرابة خمس مرات خلال تلك الفترة، ولم تشر التحريات إلى وجود خلافات أو عداوات بين الأسرة وآخرين من خارجها، بما قد يكون دافع لارتكاب تلك الجريمة، بما يدعم رواية الأم أنها قتلت طفلتيها وحاولت الانتحار بذات الطريقة، هرباً من جحيم زوجها الذى يسىء معاملتهم ويتعدى على زوجته بالضرب.