قال تعالى:-"لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ" سورة الرعد : آية 14: مدنية. يضرب الله تعالى فى هذه الآية الكريمة مثلاً لهؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلهاً آخر لاينتفعون بهم أبداً فى الدنيا ولا فى الآخرة كمن يبسط يده إلى الماء لاينتفع بالماء الذى لم يصل إلى فيه. معنى الآية: أن الله سبحانه وتعالى قد دعانا إلى أن نؤمن بإله واحد وهي دعوة حق والذين من دونه يدعون لإله غير حق، والضمير هنا قد يعود إلى الله فكأن الله قد دعا خلقه إلى كلمة الحق وهي "لا إله إلا الله"، أو أن الضمير "له" يعود للإنسان الذي يدعو إلى الحق وحين يدعو الإنسان فهذا يدل على أن أمراً قد خرج عن نطاق أسبابه لذلك يدعو من يعينه على هذا الأمر. وتوضح الآية أن الدعاء لون من الطلب إلا أن الطلب يختلف باختلاف الطالب والمطلوب منه فإن كان الطالب أدنى من المطلوب منه لا يقال له فعل أمر كقولك "اغفر لي يا رب" بل يقال له دعاء فإن كان فعل الأمر من الأدنى للأعلى لا نسميه فعل أمر بل نسميه دعاء وحين يدعو الإنسان ربه فهذا يعني أن أسباب العبد قد نفدت وهو يلجأ إلى من يعلو الكون ويملك كل الأسباب ولذلك فكل منا يدعو الله لأنه سبحانه القادر على إنفاذ مطلوب العباد ولا يعجزه شيء. وتوضح الآية أن الإنسان إذا دعا من لا يستطيع فهى دعوة لا تنفع العبد وهم كانوا يدعون الأصنام والأصنام لا تضر ولا تنفع لأنها لا تقدر على أي شيء وهكذا يتأكد لنا أن دعوة الحق هي أن تدعو القادر، أما الذين يدعون المعبودات الباطلة فإنها تخيب من يدعوها في مقصده لأنهم لا يملكون شيئاً. وفى قوله تعالى "كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ" يضرب الحق سبحانه المثل بشيء حسى نفعله كلنا فالعطشان ما أن يرى ماء حتى يمد يده إليه ليغترف منه لكن يده لا تصل إلى الماء هذا هو حال من يدعو غير الله فقد سأل غير القادر على إنفاذ مطلبه ، وهكذا يكون دعاء غير الله تعالى من الأوثان والأنداد والأولياء هو دعاء في ضلال. ما يستفاد من هذه الآية أن على المؤمن ألا يدعو غير الله تعالى من الأولياء أو الأنداد فهى دعوة فى غير محلها لأن من يدعى لابد أن يدعى إلى خالق الكون وليس بشر أو أوثان لاتنفع ولا تضر.