حالة من الغليان مازالت تسيطر علي المشهد التركي في مواجهة سياسات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حيث تواصلت المواجهات والاشتباكات في أكثر من مدينة تركية بين رجال الشرطة ومتظاهرين محتجين علي قرار الحكومة بتحويل أرض متنزه في ساحة "تقسيم" بوسط اسطنبول الي منشآت مدنية حكومية . وأشعل محتجون النيران واشتبكوا مع الشرطة في مناطق بمدينتي اسطنبولوأنقرة في اعنف مظاهرات ضد الحكومة في تركيا منذ سنوات. كما أشعل مئات المحتجين نيرانا في منطقة "تونالي" في العاصمة "أنقرة" في حين أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع ومسحوق الفلفل لصد مجموعات من الشباب من رماة الحجارة قرب مكتب رئيس الوزراء باسطنبول وقد دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان المتظاهرين في ساحة تقسيم باسطنبول الي أن يوقفوا "فورا" تحركهم ، مؤكدا ان الشرطة ستبقي في الساحة للحفاظ علي النظام فيها. وقال اردوغان في كلمة القاها في اسطنبول اطلب من المحتجين ان يوقفوا علي الفور تظاهراتهم ، للحول دون الحاق مزيد من الاضرار بالزائرين والمشاة والتجار، مؤكدا انه سيتخذ كل التدابير الضرورية لتأمين سلامة الناس وممتلكاتهم. واكد اردوغان انه لن يسحب مشروع بناء ثكنة عسكرية من العهد العثماني في ساحة تقسيم الذي تسبب في اندلاع التظاهرات، مضيفا : سنبني الثكنة االعسكرية المنصوص عنها في المشروع. من جانبه اعتبر طه كينتش مستشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، أن ما يقال عن "ربيع تركي" أمر غير واقعي. وقال في تصريحات له إنه "لا ديكتاتورية في تركيا، والحكم يتم تداوله عبر انتخابات عامة شفافة وديمقراطية". واتهم كينتش، المعارضة بتحويل "الأمر من محاولة لاقتلاع شجرة إلي محاولة لاقتلاع أردوغان، وهذا أمر لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة". وقال كينتش إن ما جري هو استغلال لمطالب الناس، مشيرا إلي أن ما يقال عن أنها احتجاجات للدفاع عن الطبيعة هو أمر خاطئ تماما، موضحا أن أردوغان وحزب العدالة زرعوا 2.5 مليار شجرة في تركيا منذ وصولهم إلي الحكم، وهم يدركون تماما أهمية الغطاء الأخضر. من جانبه قال عبد الخالق حسين المسؤول بمركز الدراسات الابحاث العلمانية بالعالم العربي ان الرياح دائما تأتي بما لا تشتهي السفن"، فمن يشعل الحرائق في بيت جاره لا بد وأن تصل النيران إلي بيته، وأفضل مثال هو بشار الأسد. وقد شارك أردوغان بنشاط وخبث في إشعال الحرائق في سوريا والعراق، والآن وصل الحريق إلي بيته. وهاهو السلطان أردوغان "حفيد محمد الفاتح" يواجه غضبة الشعب التركي، ولا شك أنها انتفاضة الربيع التركي علي غرار انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الأنظمة العربية الجائرة. وقد وصف أردوغان المحتجين في بلاده قائلا: "كل الطرق ماعدا صناديق الاقتراع تظل غير ديموقراطية"، أي أنه لا يتأثر بالاحتجاجات وإنما الحكم لصناديق الانتخابات. وهذا صحيح بدون أي شك، ولكن أردوغان هذا ينكر حكم الديمقراطية وصناديق الاقتراع في العراق، إذ نراه يقف دائماً مع التظاهرات والاعتصامات الطائفية، وينظم لقادتها المؤتمرات للإطاحة بنظام منتخب من الشعب العراقي ديمقراطياً وهذه هي إزدواجية أردوغان. لم يبق مما تبقي من حكمه إلا فترة قصيرة عن الانتخابات القادمة، وبالتأكيد ستشغله هذه التظاهرات عن تدخلاته السافرة في شؤون دول الجوار، وهي بالتأكيد بداية النهاية لمرحلة أردوغان وحزبه الإسلامي، ومن المرجح أن حزبه سيفشل في الانتخابات القادمة إن لم يطاح به بهذه الانتفاضة.