* هذا أوان الفرح .. فلقد نزع الله عن الطاغية ، ملكه ؛ وأذله بالقدر الذى يستحقه تماماً . * هذا أوان الفرح لأسر للشهداء ، والمعتقلين ، والمعذبين ليس من أبناء ثورة 25 يناير فحسب، بل لكل من عارض نظامه طيلة الثلاثين عاماً الماضية . * هذا أوان الفرح للفلسطينيين الذين استشهدوا بسبب تآمر مبارك ونظامه مع الإسرائيليين عليهم ، فحاصرهم حتى الموت وأغلق دونهم الأبواب ، والمعابر ، والأنفاق ، والمفاوضات التآمرية ، هذا أوان فرح اللبنانيين والعراقيين ، وكل عربى حر ، عانى من تآمر هذا النظام ضده من خلال تحالفه المخابراتى مع واشنطن وتل أبيب ، هذا أوان الفرح لأحرار العالم ، حين يسقط أحد أهم أذرع المخابرات المركزية الأمريكية فى العالم . * ولكى يكون للفرح ، قيمته ورمزيته ، دعونا نقرأ دلالاته ونحذر من الالتفاف عليه أو سرقته من لصوص السياسة فى وطنى وخارجه : أولاً : ينبغى للفرحين أن يفرحوا بالقدر الكافى ، وأن يقرروا هم وحدهم متى يتوقف فرحهم ، وليس هذا النظام الجديد ، فلقد كسر الشعب المحرمات السياسية وزمن الأوامر العسكرية والطغاة، وهو وحده الذى يمتلك قرار الاستمرار من عدمه . ثانياً : نطالب ، الفرحين ، بالنصر فى ميدان التحرير وخارجه بسرعة تشكيل قيادة موحدة للثورة أو للفرح الجديد ، قيادة من عشرة أفراد على الأقل تحتوى على كل ألوان الطيف السياسى من الذين شاركوا فى صناعة الفرح ، وفى المساهمة فى نزع الملك عن طاغية كامب ديفيد ، العميل المخلص لواشنطن وتل أبيب طيلة الثلاثين عاماً الماضية ، ومؤملاً أن يبعدوا عنها الانتهازيين وسارقى الأفراح ، رجال كل عصر ، عديمى المبادىء والقيم ؛ وهذا أمر ليس صعباً إن امتلك إرادة الفرز والتغيير . ثالثاً : نحذر من أن تنطفىء جذوة الثورة ، وأن تضعف آليات ضغطها وأن يضعف تنبهها التاريخى الذى تيقظ ، مما يؤدى تدريجياً إلى عسكرة الثورة ، وطول هذه العسكرة ثم تدريجياً تسرق منهم وبدلاً من أن يكون لدينا حسنى مبارك واحد نكتشف بعد طول انتظار أننا أمام خمسة أو ستة حسنى مبارك من العسكريين ، ومن بعض المدنيين اللاهثين على السلطة والثروة ومن راكبى الثورة !! فلننتبه ولنحذر . رابعاً : نحذر من أمركة الثورة أو أسرلتها (أى أن تتحول إلى ثورة لصالح إسرائيل) وذلك عندما تبقى كامب ديفيد بكل سوءاتها ، وتبقى العلاقات المصرية الأمريكية على حالها رغم الجرائم التى ارتكبتها أمريكا فى مصر ، وفى المنطقة العربية عبر نظام مبارك الذى اتسم بعمالة فريدة مع واشنطن وتل أبيب إلى الحد الذى دفع ذات يوم الدكتور مصطفى الفقى (رجل النظام السابق) لأن يقول فى صحيفة " المصرى اليوم " (أن أى حاكم يأتى ليحكم مصر لابد وأن ترضى عنه واشنطن وتل أبيب) . إن هذا الخوف من أمركة أو أسرلة الثورة ، يتطلب فوراً من قوى الثورة ؛ شباباً وأحزاباً وجماعات وكُتاب وفنانين أن تعيد النظر فى الملفات المصرية الإسرائيلية والمصرية الأمريكية وأن تبادر بمراجعة إن لم يكن بالإلغاء لاتفاقية كامب ديفيد والعلاقات الإسرائيلية – المصرية ، والأمريكية المصرية ، وهذا تحدى كبير ، سوف يمثل فارقاً كبيراً فى شكل ومضمون النظام الجديد الذى ستبنيه ثورة 25 يناير مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، فإذا ما تم مراجعة ونقد العلاقات مع العدو الصهيونى الأمريكى فإن مصر ستعود لدورها العربى ولذاتها العربية التى اختطفها النظام السابق وعمل بدأب على أمركتها وتهديدها ، بكل قوة ، لقد آن أوان قطع هذه العلاقات فوراً أو على الأقل تجميدها لأنها سبب رئيسى من أسباب الخراب الذى أصاب مصر فى عهد مبارك . ودائماً ما يرتبط الفساد والاستبداد بالعمالة لواشنطن وتل أبيب والتجارب فى هذا الصدد عديدة !! خامساً : إن المُلك الذى نزعه الله نزعاً عن آل مبارك ، وباقى نظامه المخابراتى ، يمثل عظة وعبرة لكل مستبد فى عالمنا العربى والإسلامى فلكل طاغية نهاية ، وإن طال الزمن ، ولقد كان مبارك طاغية ، وعميلاً فى الوقت ذاته ، وكان الاستبداد لا يستقم فى بلادنا إلا بأن يكون المستبد عميلاً ، ولقد كان مبارك بأجهزة أمن ومخابرات نموذجاً مثالياً للاستبداد والعمالة فى أنضح صورها ، وكم هى متخمة ملفات نظامه بذلك وبخاصة العلاقات المشبوهة مع تل أبيب وواشنطن ، ونحسب أن هذا درس بليغ لحكام العرب الطغاة والعملاء فى آن ، والذين يأتى فى مقدمتهم حكام الجزيرة العربية الذين سخروا كل إمكانيات بلادهم لصالح تجارة السلاح ولخدمة الاستراتيجية الأمريكية ، وبناء الجسور السرية مع تل أبيب عبر بندر بن سلطان الذى كان سفيراً للسعودية فى واشنطن لمدة 20 عاماً كان يسمى وقتها (بندر بوش) لشدة روابطه المالية والسياسية مع بوش الابن ، وعلاقاته الخطيرة أيضاً باللوبى اليهودى فى واشنطن ، وعلاقاته بالموساد الإسرائيلى ، هذا الأمر وملوك دولته وجنرالات العرب الباقين ، آن لهم أن يأخذوا (العظة) والدرس من الطاغية المصرى الذى خدم واشنطن بعيونه ، وباع لها مصر ودورها الإقليمى والعالمى ، ومع ذلك لم تحترمه واشنطن وتل أبيب واعتبروه عبئاً عليهم ، وساعدوا فى عملية رحيله السريع عن الحكم . إن هذا الدرس آن لملوك وجنرالات العرب المرتعشين الآن ، أن يتعظوا به . * وإلى أن يتم ذلك ، فليفرح المؤمنون ، المنتصرون بإذلال الطاغية بأمر من الله سبحانه وتعالى ، وصدق حين قال : [ قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير ] صدق الله العظيم (آل عمران : آية 25) ، وتلك هى النهاية الطبيعية لمن والى أعداء الله والوطن ، والحمد لله رب العالمين .