السفير عبد الرؤوف الريدي جمع خبراء ومحللون على أهمية زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي، ميليس زيناوي، التي تستغرق يومين للقاهرة، والتي تعد الأولى بعد قيام ثورة يناير، وأوضحوا أن مصر يجب أن تستمر في استراتيجيتها الرامية لتحسين علاقات الاقتصادية مع أديس أبابا، ووضع خلافات حوض النيل جانبا في الوقت الحالي، بينما أكدوا على أن زيارة زيناوي لمناقشة سبل التعاون الثنائي بين البلدين بادرة جيدة لاستعادة الثقة بينهما مما يعد مؤشرا جيدا لتحسن الأوضاع في ملف حوض النيل مستقبلا. قال السفير عبد الرؤوف الريدي، رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، وعضو وفد الدبلوماسية الشعبية المصري لأثيوبيا، إن زيارة ميليس زيناوي رئيس الوزراء الأثيوبي للقاهرة أمس تعد أمرا إيجابيا جدا يدل على نجاح الدبلوماسية المصرية بعد الثورة، مشيرا إلى أن زيارة الوفد الشعبي المصري لأديس أبابا وما تبعها من زيارة الدكتور عصام شرف أظهرت مدى التجاوب الرسمي والشعبي الأثيوبي مع مصر وما جرى فيها من تغيير بعد الثورة. وأكد الريدي إن العلاقات المصرية الأثيوبية تسير على النهج الصحيح حاليا، وأكد أنها تحسنت كثيرا عما كانت عليه أيام النظام السابق، قائلا: "أكبر دليل على تحسن هذه العلاقات هو إرسال سفير جديد إلى أديس أبابا وهو السفير محمد إرديس الذي عمل ضمن البعثة الدبلوماسية في الولاياتالمتحدة وعمل سفيرا لمصر لدى تركيا، وهو على قدر كبير من الخبرة والمهارة الدبلوماسية". وأضاف أن مصر بكافة أطيافها السياسية والشعبية تأمل في تحسن أكبر في العلاقات مع أثيوبيا خاصة بعد الانفراجة التي حدثت عقب زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية، مشيرا إلى أن الوقت ليس ملائما للمقارنة بين مستوى زيارة زيناوي وأردوجان، قائلا: "اللجنة المشتركة لمجلس رجال الأعمال المصري الأثيوبي تأتي على رأسها وزيرة التعاون الدولي السفير فايزة أبو النجا وعدد من كبار رجال الأعمال الأثيوبيين ويجب استغلال هذا الحضور لعقد خطة موسعة للتعاون الاقتصادي مما يبشر بالخير لمسار هذه العلاقات". بينما قال الدكتور هانئ رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الاستراتيجية التي وضعتها مصر بعد الثورة تجاه العلاقات الثنائية مع أثيوبيا بنيت على الفصل بين ملف مياه النيل والعلاقات الاقتصادية بين البلدين، مؤكدا على أهمية السير قدما على هذه الاستراتيجية لأن احتمالات وقوع الصراع بين الدولتين سيترتب عليها خسارة لهما . وأضاف رسلان أن الزيارة الحالية لرئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي تتطرق للعلاقات الاقتصادية فقط ولن يتم مناقشة ملف اتفاقية "عنتيبي" ومياه النيل، مشيرا إلى أن استعادة الثقة بين البلدين سيعمل على تضييق الخلافات والفجوة التي نشأت بسبب دخول اتفاقية "عنتيبي" حيز التطبيق بعد تصديق 6 دول من حوض النيل تتصدرها أثيوبيا. وأشار إلى أن ميليس زيناوي ليس رجل سياسة فقط لكنه أثبت أنه رجل استراتيجية يعمل برؤية واسعة لبناء دور إقليمي مؤثر لأثيوبيا، موضحا أن هذا الدور يتعدى القرن الإفريقي ودول حوض النيل، قائلا: "أثيوبيا ممثلة في زيناوي ترى أن مصر هي المنافس الحقيقي لها في جميع الملفات الإفريقية والمعادلة بينهما ليست صفرية بمعنى أنه يمكن لهما التعاون وإقامة مساحات مشتركة ريادية للدولتين في ذات الوقت". وقال الدكتور حلمي الشعراوي، مدير مركز البحوث العربية والافريقية، إنه كان يجب أن ترقى مظاهر الاحتفاء الرسمي بزيارة زيناوي لمصر إلى نفس المستوى الذي ظهر عندما قام رجب طيب أردوجان رئيس الوزراء التركي إلى مصر، مشيرا إلى أن علاقات مصر بأثيوبيا أهم من نظيرتها التركية، موضحا أن أثيوبيا إحدى دول الشرق الأوسط بحسب الاستراتيجية الكبرى الأمريكية. وأضاف شعراوي، أن هناك عشرات الاعتبارات في العلاقات المصرية الأثيوبية تأتي على رأسها 4 ملفات رئيسية تشترك فيها أثيوبيا مع مصر هي ملف السودان بعد الانفصال والدور الذي تلعبه أثيوبيا في جنوب السودان، وكذلك تمويل الاتحاد الإفريقي، وتورط أثيوبيا في ملف الصومال وكذلك علاقة أثيوبيا بالنظام الجديد في ليبيا. وأكد مدير مركز البحوث العربية الإفريقية، أن زيارة زيناوي لا يمكن أن يتم التعامل معها على أنها مجاملة سياسية لمصر الثورة، مشيرا إلى أن يجب ألا تمر بشكل عابر وتخرج تصريحات الطرفين فيها كمجرد حبر على ورق الصحف أو على شاشات التلفزة، قائلا: "يجب لفت الأنظار إلى رؤية الطرف الأثيوبي من مشكلات حوض النيل واتفاقيات المياه بناء على تصريحات الجانب الأثيوبي ولابد أن يكف الاعلام عن ترويج المشاحنات بين الطرفين". وأضاف: "لا أرى أية أزمة حقيقية بين أثيوبيا ومصر ولا داعي لوضع الأمور في هذا الإطار فالعلاقات بينهما على أساس أن الدولتين تسعيان لشغل دور ريادي في منطقة حوض النيل والشرق الأوسط، فلماذا لا يتم التعاون بينهما، ولماذا لا يقوم مصر بمحاولة لرأب الصدع واستعادة ثقة الأثيوبيين، خاصة أن هناك تصريحات أثيوبية رسمية وشعبية تطالب مصر بتمويل مشروعات السدود الأثيوبية التي تعد مزعجة جدا بالنسبة لنا في حين أن الحل موجود ويلزمه إرادة سياسية بعد الثورة".