في السنوات الأخيرة من القرن العشرين انتشر الاتجاه إلي استخدام حروف الكتابة العربية في لوحات الفنانين ونظراً لكثرة اتباع هذا الاتجاه وانتشارهم في جميع البلاد العربية وإيران اصطلح النقاد والكتاب علي تسميتهم "بالحروفيين" وقد اتسعت دائرة هذا الاتجاه حتي شمل "الحرف" بمعني "حافة الشيء ونهايته" وليس فقط حروف اللغة وكلماتها. وقد انتهج الفنانون عدة طرق لاستخدام الأبجدية العربية في الأعمال الفنية.. أندرها وأقدرها علي تحقيق البهجة للمشاهدين هي اللوحات التي تظهر فيها الكتابة العربية مرسومة وفق قواعدها المتوارثة "الكتابة القاعدية" بينما الأغلبية تستخدم "الخط الحر" وهو ما يستخدمه الأشخاص العاديون في كتاباتهم ورسائلهم طبقاً لتدريبهم في الصغر علي الكتابة. الكتابة العربية طبقاً للقواعد المتوراثة تتطلب من الرسام أن يدرس أصول الخط العربي وأقلامه قبل الاستغراق في رسم لوحاته أو تشكيلها.. عليه أن يمتلك صناعة الخط قبل أن يستخدمه في أعماله. الفنان علي حسن -المولود في قطر عام 1956- هو من هذه القلة النادرة وهو يمتلك موهبة فياضة مع حرص دائم علي الدراسة والتجويد. الاستخدام التقليدي للخط العربي المتوارث وما يحوطه من زخارف في لوحات "الخطاطين" أو علي جدران المباني التاريخية.. يعتمد علي التكرار والنمطية طبقاً لقواعد الزخرفة علي سطح منبسط وهذا ينطبق علي جميع أقلام الخط العربي "النسخ والرقعة والثلث والديواني والفارسي".. وهذه الأقلام عند استخدامها استخداماً فنياً فإن "الخطاط" يضيف إلي معناها المقروء زخارف وألواناً فهي إضافات شكلية إلي قيمتها الأساسية ككلمات وجمل ذات معني مفهوم ذلك لأن مضمون أو محتوي أو هدف اللوحات الخطية القديمة هو معني كلماتها. والزخرفة ليست الهدف الأصلي في عمل "الخطاط". وأثر الأعمال التقليدية علي المشاهدين يماثل الطرب والإيقاعات البسيطة التركيب ذات التتابع المتكرر في الموسيقي العربية التقليدية كما نستمع إليها في التواشيح والذكر.. وهي تتمشي تماماً مع إيقاعات العصر الذي تبعت منه ثقافة الجمهور الذي تتوجه إليه. لكن الفنانين الحروفيين اليوم -ومن بينهم الفنان علي حسن- يتركز اهتمامهم علي إقامة بناء شكلي وتحقيق نوع من الجمال الفني "الاستاطيقي" يعوض انتزاع المعني المقروء والتخلي عنه. فيحرصون علي تناسق الإيقاع -رغم تشابكه- بدلاً من الرتابة ويبهرون المشاهدين بالمواجهة بين القديم والحديث في تكوين اللوحة الواحدة بالتوازن والانسجام أو الحوار والتفاعل بين أجزائها. أنهم يهدفون إلي تحريك التناقض الدفين عند المشاهدين بين العرب بين حبهم "للقديم" وحاجتهم "للحديث". وفي لوحة الفنان القطري "علي حسن" تبرز بوضوح هذه المواجهة. فالخطوط المكتوبة علي قاعدة "القلم الفارسي" تمثل "الحضارة" والجوانب التجريدية تعبر عن "المدنية".. وهي لهذا تكشف عن إحدي صيغ التفاعل والصراع بين الحضارة العريقة والمدنية الحديثة. لقد نسق الفنان مفرداتها في منهج "تجريدي الشكل" يخلو من الموضوع أو المعني ويحرص فقط علي الجوانب الشكلية الجمالية.