كانت المناظرة التي أجريت بين الدبلوماسي المخضرم عمرو موسي والإخواني السابق الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح سبباً كافياً لخروجهما معاً من السباق الرئاسي..! كانت أحداث العباسية سبباً آخر مباشراً في دخول الفريق أحمد شفيق في مقدمة الصراع نحو مقعد الرئيس بعد ان كان خارج الترشيحات..! ففي المناظرة فإن موسي لم يكن مقنعاً إلي حد كبير ولم يترك انطباعاً يتناسب والهالة التي كانت محيطة به. كما أن عامل السن بدا واضحاً. ويمثل عائقاً أمام قبول جيل الثورة لقيادته في المرحلة القادمة. كان أبوالفتوح أيضاً رغم أدائه الجيد نسبياً بعيداً إلي حد ما عن مواصفات رئيس مصر.. وان كان هذا لم يقف حائلاً دون التصويت لصالحه في الانتخابات حيث وجد فيه البعض بديلاً لمرشح الإخوان مرسي. ورئيساً توافقياً إلي حد ما بعيداً عن انتخاب مرشح من "الفلول" قد يفجر ثورة ثانية. وهو الأمر نفسه الذي كان في صالح الحصان الأسود حمدين صباحي الذي حقق انطلاقة مبهرة في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية وكان علي بعد خطوات بسيطة من مقعد الرئاسة في فرصة تاريخية صنعتها الأقدار. أما المرشح الذي تعرض لأكبر قدر من الإهانات والملاحقات القضائية وحشد الجموع لملاحقته في كل مكان بالأحذية وهو الفريق أحمد شفيق فقد استفاد كثيراً من أحداث العباسية التي رأي فيها البعض الحد الأقصي للفوضي والتي ينبغي التعامل معها بالحزم وإلا دخلنا في مواجهات بين المليشيات المتصارعة وسالت الدماء انهاراً في صراعات ومصالح شخصية. وانتهز شفيق الفرصة ليدخل السباق علي أنه الرجل القوي الذي في مقدوره ان يعيد الأمن والاستقرار للوطن الذي يمر باسوأ مراحل الانفلات الأمني والأخلاقي. وكان وجود شفيق "المحارب" في هذه المعركة دافعاً لتجميع العديد من الرافضين للتسيب الواقع في الساحة السياسية والباحثين عن مرحلة هدوء والتقاط أنفاس لمصر. وتجمعت لذلك القوي التقليدية ورجال الأعمال والمتخوفون من سيطرة الإخوان واندمجوا معاً بعد تخليهم عن عمرو موسي الذي هبطت اسهمه في خندق شفيق لتحقيق الانقلاب علي كل قوي الثورة والتيارات الدينية في معركة كان ممكناً حسمها لولا ان هناك جماعة أخري أكثر تنظيماً واستعداداً وقفت تتصدي لهم بكل الثقل الديني والمادي. ولم تتورع عن استخدام كل امكانياتها في سبيل فوز مرشحها الاحتياطي في الانتخابات وهو الرجل الذي لا يملك أي "كاريزما" سياسية. ولكنه يحظي بمساندة جماعة تضم رجالاً ونساء علي استعداد كامل للتضحية من أجل الجماعة وهو في معركته الرئاسية يمثل الجماعة. ولم يكن غريباً ان يتقدم مرسي نتائج التصويت في المرحلة الأولي وأن يكون فرس السباق الذي وصل لخط النهاية قبل الآخرين وانتظر من يصعد معه علي منصة التتويح في معركة البحث عن المركز الثاني الذي يتيح لصاحبه دخول معركة التصفيات. وستكون جولة الإعادة تاريخية نارية بين اثنين كان كل منهما يمثل السيناريو الأخطر في المعركة الانتخابية. فأحدهما يمثل "تكويش" الإخوان علي السلطة والانتقال لمرحلة الدولة المدنية وحكم المرشد. والثاني يمثل عودة أحد وجوه النظام القديم بكل ما قد يعنيه ذلك من سياسات وأفكار قد لا تجد قبولاً أو تعاوناً من جيل الثورة ومفجريها..! وهي معركة ستشهد استخدام كل أنواع الأسلحة. ولن تكون "الأحذية" وحدها وسيلة مواجهة وملاحقة الفريق شفيق في كل مكان. فسيكون هناك حملات التشهير والملاحقات القانونية. وسيكون هناك أيضاً حشد لكل علماء الدين ورموزه لإصدار الفتاوي بكل أنواعها كما حدث في الجولة الأولي. ولكنها لن تكون مواجهة سهلة للإخوان. فالفريق له أنصاره. وحلفاء عمرو موسي قد ينضمون لشفيق. والذين صوتوا لمرسي في الجولة الأولي سيكونون هم من يصوتون له في الجولة الثانية ومعهم أنصار أبوالفتوح. ولكن الأعداد الكبيرة من الناخبين التي لم تذهب للتصويت في الجولة الأولي قد تكون في صالح شفيق وتتقدم للتصويت معه. وقد تمتنع قطاعات كبيرة من الناخبين عن التصويت في الإعادة رفضاً لمرسي وشفيق.. ولكنها علي أية حال ستكون أشرس وأعنف معركة إعادة.. ربما في العالم كله..! ** ملحوظة أخيرة: بعد أن تأكد الإخوان أن مرشحهم محمد مرسي قد عبر إلي بر الأمان. أعلنوا قبولهم بنتائج الانتخابات الرئاسية أياً كان نتيجتها..!!