كانت جامعة الدول العربية وكذلك السلطة الفلسطينية قد أعلنت أكثر من مرة في بيانات رسمية أنها ستلجأ رأسا إلي مجلس الأمن الدولي وربما للجمعية العامة للأمم المتحدة طالبة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود 1967 عاصمتها القدسالشرقية إذا فشلت المفاوضات غير المباشرة ثم المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين رفضوا - ولا يزالون - رفضاً باتاً إيقاف أو تجميد الاستيطان ولو لفترة محدودة وكان المفروض أن يتم ذلك بعد مراجعة نتائج هذه المفاوضات في شهر سبتمبر الماضي 2010 ولكن شهر سبتمبر مر مرور الكرام ومر بعده أكتوبر ونوفمبر وها نحن في ديسمبر ولم تحرك أي من الجهتين ساكنا ولم يتوجه أي منهما لا لمجلس الأمن الدولي ولا للجمعية العامة للأمم المتحدة ولا لغيرهما وكأن الأمر لا يعنيهما !! لقد رحبت الجامعة والسلطة بقرار كل من البرازيل والأرجنتين اعترافهما بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود 1967 عاصمتها القدسالشرقية وكأن هذا الاعتراف الذي جاء من دولتين غير عربيتين وغير إسلاميتين وغير شرق أوسطيتين لا يعتبر حافزاً لأصحاب القضية الذين يكتفون بالتصريحات الإنشائية ولا يلتزمون حتي بما يعلنون فيها. وبغض النظر عن هذا الموقف من قبل الجامعة والسلطة والدول العربية والاسلامية والشرق أوسطية فإن هذا الإعلان الشجاع من قبل دولتين في أمريكا اللاتينية - وربما دول أخري من نفس القارة البعيدة تفكر في حذو حذوهما - يعتبر فرصة جديدة علي طبق من ذهب لإعادة دراسة الموقف واتخاذ خطوات مماثلة من قبل الدول العربية والإسلامية والشرق أوسطية لتحريك القضية وإجبار حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة علي الاعتراف بالحقوق الفلسطينية. والسؤال الآن هو لماذا لم تعلن الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة في الشرق الأوسط مثلما أعلنت البرازيل والأرجنتين اعترافهما بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود 1967 عاصمتها القدسالشرقية؟!. ربما لا نبالغ بالمرة إذا سجلنا ها هنا أن إقدام دولتين مثل البرازيل والأرجنتين وتفكير دول لاتينية أخري في مثل هذه الخطوة أحرج الدول العربية والإسلامية والشرق أوسطية وكشف موقفها من القضية الفلسطينية. كما كشفت مواقف أخري عن الموقف الضعيف لهذه الدول من قضايا أخري كثيرة في المنطقة. والآن نتساءل: هل تتحرك الدول العربية والإسلامية والشرق أوسطية لدعم وتوسيع هذه المبادرة التي أطلقتها البرازيل والأرجنتين أم تتحرك أو لا تتحرك لإجهاضها لأنها غير قادرة و ربما غير راغبة أصلا في اتخاذ أي موقف تجاه القضية الفلسطينية ؟! إن استقراء الحال يشير إلي الاحتمال الثاني حيث لم نسمع من أي من العواصم العربية والإسلامية والشرق أوسطية حتي الآن عن دعم هذه المبادرة الشجاعة. اللهم إلا بعض التصريحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع مثل الترحيب وما شابه !! وإذا أخذنا موقف القمة الخليجية الأخيرة من الموضوع كمثال نجد أنها اكتفت بربط استئناف المفاوضات بتجميد الاستيطان وهو نفس الموقف التقليدي لكافة الدول العربية والإسلامية والشرق أوسطية وكأن إسرائيل حريصة علي المفاوضات ومن ثم فربما تستجيب لهذا الوهم الذي تتخيله هذه الدول ضغطا علي إسرائيل بينما الحقيقة التي يعرفها الجميع أن إسرائيل غير مهتمة بالمفاوضات أصلاً وأن اهتمامها الوحيد ينصب علي تهويد ما تبقي من الأراضي العربية المحتلة ولتذهب المفاوضات إلي الجحيم طالما أنه لا يوجد شيء آخر يضغط عليها فعلياً غير هذه التصريحات التي لا تساوي شيئاً علي الإطلاق ولا تمثل ضغطاً أصلاً. وبديهي أن أقل خطوة كان يتعين علي هذه الدول اتخاذها هو الإعلان عن الالتزام بالمبادرة التي جاءت من أمريكا الجنوبية أي إعلان الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود 1967 عاصمتها القدسالشرقية وكأنهم يقولون قول اليهود لموسي: " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون !!" [email protected]