مازالت مصر تعيش فوق صفيح ساخن ومازالت أحداثها تزداد اشتعالاً وتسير أحوالها من سييء إلي أسوأ.. فما تكاد تنزع احدي قدميها من الطين حتي تغرز الأخري. وباتت تعيش حالة من التوهان والتردي بعد أن فقدت من تستغيث به ويخرجها من كهفها المظلم ويضيء لها الطريق.. وبعد أن تخلي عنها شعبها وصار كل فرد فيها لايفكر إلا في مكاسبه ومصالحه الشخصية.. حتي كاد الأمل في الاصلاح ان ينعدم. فما لبثت أن هدأت معركة البرلمان وتم تكوينه شعباً وشوري حتي دخلنا في معركة أشد سخونة ألا وهي معركة اللجنة التأسيسية للدستور التي غلبت عليها ديكتاتورية نواب مجلسي الشعب والشوري بإصرار المجلسين أن يكون لهما نصف عدد أعضائها وهو ما يخالف الأعراف السائدة في كتابة الدساتير علي مستوي دول العالم أكثرها تقدماً أو تخلفاً التي تؤسس لجانها من خارج البرلمان.. ولكننا نحن المصريين نخرج بتقاليع خاصة بنا ونخالف ما يسير عليه العالم..!! وإذا كان بعض من النواب يري أن من حقهم صياغة الدستور علي اعتبار ان الشعب اختارهم لذلك فنقول لهم لا.. لأن عمل المجالس النيابية هو التشريع والرقابة.. أما الدستور فيختص بوضع القوانين التي تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وقوانين الحريات الفردية والمواطنة وغير ذلك من قوانين.. وحتي القوانين المنظمة لمجلس الشعب يصيغها الدستور وليس هم.. فكيف لهم أن يضعوا مواد علي هواهم تخدم مصالحهم أولا وأخيراً..؟! ورغم تعالي الأصوات من فقهاء الدستور وشيوخ القانون علي بطلان تلك اللجنة لأنهم اعتبروها انحرفاً تشريعياً ودستورياً وعلي البرلمان التراجع فوراً عن تشكيلها.. إلا انها تشكلت بالفعل ضاربة عرض الحائط وكأن ما يهمها نفسها فقط متجاهلة حق الشعب الذي أتي بها إلي البرلمان كما لو كان هذا واجبه ولكن ليس من حقه المشاركة في وضع دستوره.. متناسية أن الدستور عمل توافقي تمثل فيه كل أطياف الشعب ولاتستأثر به جهة دون أخري.. حتي لايكون مفروضاً عليه ويجعله منزوع المصداقية.. لقد كثر عدد القضايا المرفوعة أمام القضاء الإداري ضد اللجنة تطالب ببطلانها خاضة أن هناك بعض الطعون بشأن عدم صحة عضوية العديد من أعضاء البرلمان وفي حالة الحكم بعدم صحة أحدهم يصبح الدستور مهدداً بالبطلان علي اعتبار انه بني علي باطل.. فكيف يؤسس الدستور برلمان مشكوك في صحة عضوية أحد مجلسيه وهو الشعب.. والآخر كان انتخاب اعضائه بمثابة استفتاء بالغائه وعدم جدواه.. فهل يراجع أعضاء اللجنة انفسهم ويتخلون عن عنادهم وتعنتهم واستعلائهم علي الشعب ويعيدون اليه حقوقه..؟! ولكن إذا استمر هذا العناد طويلا.. فنحن نري أنه لاسبيل إلي اعادة الأمور إلي نصابها الصحيح. إلا ما ذهب إليه الفقيه الدستوري كمال ابو المجد بتشكيل لجنة خماسية يضعها الجنزوري وتلتزم كل الأطراف بما تصل اليه من حلول او كما تري المستشارة تهاني الجبالي تدخل المجلس العسكري لإعادة النظر في تلك النسبة او تدخل الدستورية العليا لإلغاء هذا القرار.. آخر الكلام.. *عدم تمثيل فقهاء الدستور أمثال نور الدين فرحات واحمد مكي وابراهيم درويش وغيرهم من القامات الدستورية في اللجنة. هل هو تجاهل من الكتاتني.. أم عزوف منهم لعلمهم أنها باطلة..؟