يكاد العقل السليم يختل لما يحدث في مصر من متناقضات علي الساحة السياسية وخاصة فيما يتعلق بالسباق المحموم علي الفوز بمنصب رئيس جمهورية مصر القادم. أول هذه التناقضات هو موقف "اللا مبدأ" الذي ارتضته جماعة الاخوان لنفسها وترشيحها للقيادي الاخواني المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لخوض الانتخابات بعد أن كانت قد أكدت أنها لن ترشح "اخوانياً" لهذا المنصب للفترة القادمة حتي لا تحتكر السلطتين التشريعية والتنفيذية. والواضح أن الجماعة قد أغراها المنصب. وندمت علي موقفها السابق الذي أعلنته. ورأت أنه لا بأس من الرجوع عنه عملاً بأن السياسة مصالح وليست مبادئ طبقاً لهذا المفهوم المأخوذ به علي مستوي العالم. من هنا نتساءل : لماذا إذن غضبت جماعة الاخوان المسلمين من الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وأعلنت فصله من صفوفها لأنه خالف موقفها الصريح من عدم ترشيح أحد أعضائها لمنصب الرئيس. وأعلن أبوالفتوح خروجه صراحة وعدم التزامه بذلك وسوف يقدم أوراق ترشيحه خلال الأيام القادمة؟! وثاني هذه التناقضات هو موقف السيد عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق الذي سبق أن أكد أكثر من مرة بوضوح تام أنه لا ينوي ترشيح نفسه لمنصب الرئيس .. لكنه عاد وأعلن أمس كما نشرت الصحف رغبته في الترشيح بناء علي رغبة الجماهير كما ذكرت اللجنة المنظمة لحملته. وثالث هذه التناقضات هو قيام أحد كبار المسئولين بالشهر العقاري بجمع توقيعات المواطنين لتأييد ترشيح السيد أحمد شفيق رئيساً للجمهورية دون أن تتحرك جهة مسئولة وزير العدل مثلاً لمنع هذا المسئول من استغلال موقعه الوظيفي لصالح أحد المرشحين. ورابع هذه التناقضات قيام بعض موظفي الإدارة المحلية في احدي محافظات الصعيد بتزوير توقيعات لترشيح السيد عمرو موسي للرئاسة بالتنسيق مع بعض منظمي حملته. وعدم صدور بيان من السيد عمرو موسي باستنكار وشجب هذه التصرفات! منصب الرئاسة بعد أن أصبح مفتوحاً أمام المواطنين فتح شهيتهم لاعتلائه .. وأصبح هناك أربعة مرشحين إسلاميين هم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد سليم العوا والسيد حازم صلاح أبوإسماعيل والمهندس خيرت الشاطر. وهؤلاء الأربعة يعتمدون علي تأييد الاخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية .. ويعتقد كل واحد منهم أنه سوف يحظي بهذا التأييد حتي ولو لم تؤيده جماعة الاخوان رسمياً. خاصة أن هناك ما يشبه انشقاقات بين شيوخ وشباب الاخوان في الاتفاق علي مرشح معين .. فالشباب مصرون علي تأييد أبوالفتوح بينما الشيوخ يرفضون ذلك. أما المرشحون ذوو الخلفية العسكرية فأبرزهم الآن عمر سليمان وأحمد شفيق ونائب رئيس المخابرات السابق حسام خيرالله. والمرشحون المدنيون يأتي في مقدمتهم السيد عمرو موسي ومنصور حسن وحمدين صباحي وأبوالعز الحريري وخالد علي. بقي أسبوعان من اليوم علي غلق باب الترشيح لمنصب الرئيس لا شك سوف تظهر خلالهما أسماء جديدة تعلن رغبتها في الترشح للمنصب .. لكن لدينا حتي الآن أكثر من عشرة أشخاص من ذوي الأسماء اللامعة كل منهم يمني نفسه بالمنصب. وهو بلا شك لن يكون مجرد منصب للفخر والاعتزاز والابهة بقدر ما هو منصب الأعباء الثقيلة والمهام الجسام في فترة هي من أصعب الفترات التي تمر بها مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.