منذ خروج الأجانب المتهمين في قضية التمويل الأجنبي أو بمعني أصح تهريبهم تحت جنح الظلام ومن وراء ظهر الشعب.. وأنا أتابع ردود الفعل علي هذه الجريمة التي ارتكبها عبقري أذلنا بحق. وأهان قضاءنا الشامخ إهانة لا تغتفر. أغلب من تحدثوا في الفضائيات وصرحوا في الصحف علي مدي ثلاثة أيام.. لعنوا أمريكا لتدخلها السافر في شئوننا الداخلية. وتوج التدخل بهذه المسرحية الهزلية. وأنا أقول لهم جميعاً: لا تلعنوا أمريكا.. فهي في الأول والآخر تدافع عن رعاياها وعن قامتها وهيبتها. وتفرض واقعاً حاولنا رفضه. لكنها في النهاية أجبرتنا علي الانسحاق تحت براثنه.. العيب ليس في أمريكا.. بل فينا نحن.. وهذا هو بيت القصيد. لا تلعنوا أمريكا.. بل العنوا من خلط الأوراق عمداً. وحوَّل قضية سياسية إلي جنائية. ثم سيَّس الحل علي هواه. رغم أنها في يد القضاء. العنوا من ضغط علي "قاضي القضية" وتدخل في عمله مما دفعه للتنحي هو وهيئة المحكمة. ثم نسج تمثيلية هابطة للخروج من مأزق التدخل في عمل القُضاة.. هي بكل المقاييس لعبة بلدي مكشوفة. العنوا من زيَّف الحقائق واختزل الجناية المنصوص عليها في أمر إحالة المتهمين للمحاكمة إلي مجرد جنحة عقوبتها غرامة هايفة. يدفعها "صبي مكوجي" وليس عميلاً لإدارة دولة في حجم أمريكا.. وحتي عندما حاول التغطية علي تدخله السافر والمرفوض في شئون القضاء. تورط في تناقض مشين. حيث تم تشكيل دائرة تظلمات ملاكي وغير مسبوقة علي عجل بعد ساعات من تنحي "قاضي القضية". قضت بأن يدفع كل متهم في "الجنحة" كفالة 2 مليون جنيه. حتي يتم رفع اسمه من قوائم منع السفر!! العنوا من ارتضي علي نفسه أن يكون العوبه في يد أمريكا. وارتضي علي وطنه أن يسجد معنوياً أمام القوة العظمي الوحيدة. وارتضي علي شعبه أن يكون مثل كثير من الأزواج.. آخر مَن يعلم. رغم أن القضية كلها كان في الإمكان أن تنتهي بنفس النتيجة من خلال الشفافية والصدق والمصارحة والمكاشفة والعلانية. وأن يشارك في كل هذا الحكام والنواب والمحكومون حتي يكون الرأي جمعياً وبإرادة وقناعة الجميع. خاصة الشعب. العنوا كل مسئول علم بالجريمة الحقيرة منذ بدايتها مساء الأربعاء قبل أن يصدر قرار السماح بسفر المتهمين وحتي غادروا مطار القاهرة مساء الخميس دون أن يتحرك لوقف المهزلة ولو بالقوة.. فالعنترية الآن لا تجدي.. الكل مُدان. العنوا كل مَن يتبرأ من الكارثة ويلقيها علي أكتاف الآخرين.. هذه مصيبتنا الأزلية. لقد خرج المتهمون رغم أنفنا جميعاً في "زفة انتصار" وعادوا إلي بلادهم معززين مكرمين. وفوق رءوسهم أكاليل الغار. ويخرجون لنا ألسنتهم تاركين لنا الذل. ويبدو أننا في النهاية سنجد أنفسنا أمام "شبح" سمح للمتهمين بالسفر.. "لهو خفي" هو الذي تدخل في عمل هيئة المحكمة. وهو الذي أغلق علي القضاة كل المنافذ حتي تنحوا. وهو الذي شكل دائرة تظلمات علي مقاس المتهمين رغم ان القانون صريح.. لايعطي لأحد مهما كان حرية التصرف في المتهمين فيما عدا "قاضي القضية". ويشترط مثول المتهمين أمام قاضيهم بعد فتح باب المرافعة والواقع يؤكد أن شيئاً من هذا لم يحدث مما يجعل قرار رفع الحظر عن سفر المتهمين غير قانوني بالمرة. وهو الذي اتفق مع أمريكا علي إرسال طائرة عسكرية من قبرص لنقل رعاياهم من قبل أن يصدر القرار حتي أنها هبطت بمطار القاهرة دون إذن مسبق. ودفعت 50 ألف جنيه غرامة. وهو الذي ألف ومثل وأخرج هذه المسرحية الهزلية من أول فصل إلي آخر فصل. ونحن نائمون في العسل منتشون بتحدينا لأمريكا. ولعنها صباح مساء. ياسادة.. لا تلعنوا أمريكا.. بل العنوا مَن أعادنا للخلف سنوات وأوصلنا إلي ما نحن فيه من ذل وخذي وعار. فماذا أنتم فاعلون لمعاقبة من استغفلنا بهذا الشكل الوضيع؟!!