رغم الاعتراضات والنقد وغضب نواب الشعب حول البيان الذي ألقاه الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب في الأسبوع الماضي إلا أن الأمر يتطلب منح رئيس الحكومة الفرصة حتي يتم تنفيذ تلك المطالب التي أشار إليها النواب والخبراء فالمصلحة الوطنية والشعور بالمسئولية يقتضي توفير المناخ الملائم لكي تتم إدارة كافة المجالات دون أن يكون المسئول مكبلاً بقيود تجعله لا يستطيع مواجهة المشاكل بانفتاح وطموح يلبي كل المطالب فإعادة البناء تتطلب صبراً .. وعملاً. بلا شك فإن الانتقادات والاعتراضات موضوعية وصادرة بحسن المقصد والنوايا. والجميع يستهدف صالح المواطن البسيط ورفع المعاناة عن كاهله المثقل بأعباء كثيرة ومتنوعة والدكتور الجنزوري يتفهم طبيعة هذه المشاكل ويدرك مدي تقدير النواب والخبراء لتلك المهام الجسام لكن هذه المرحلة القصيرة التي تولي فيها الرجل المسئولية قد أرهقت الشارع المصري بأثقالها مما يتطلب التريث ومعاونة الجنزوري في عبور هذه الفترة. فالمهمة صعبة والظروف التي نعيشها تثير قلقنا جميعاً وتجعلنا حقيقة في لهفة شديدة من أجل أن نري تحركاً. يعيد للشارع انضباطه ولكافة الأوضاع الاستقرار. إلا أن الواجب يقتضي أن نشد عضد رئيس الحكومة ونقدم له الأفكار والآراء التي تساعده في أداء عمله علي الوجه الذي يرضينا. ونشجعه للمضي قدماً في انجاز المشروعات وعلاج مشاكل البطالة والأجور والمطالب الفئوية والتعليم والسياحة والزراعة وغيرها. الدكتور الجنزوري .. يتفهم المشاكل وهادئ الطبع ويعرف دقائق ودهاليز الوزارات المختلفة فهو قد عاش فترة وزيراً .. ثم رئيساً للحكومة. والفترة قصيرة والتراكمات متعددة والأعباء علي أكتاف الرجل بلا حصر والانفلات الأمني يهدد كافة المشروعات والرجل يعيش همومنا وخبرته بحل المعوقات تدفعنا إلي مؤازرة جهوده. صحيح الانتقاد سهل وهو حق للجميع لكن حينما تتحمل المسئولية تختلف الصورة. خاصة أننا ندرك أن أي مسئول يعرف أن الفترة التي يعمل خلالها قصيرة والمعوقات في الفساد تتغلغل في الروتين الذي عشناه فترات طويلة فإذا طاردناه بالاعتراضات وأنه لم يتناول حلولاً جذرياً للمشاكل أو برامج لعلاج الفقر والبطالة رغم مواصلته العمل ليلاً ونهاراً لن يستطيع انهاء المشاكل والاعتراضات التي سوف تنهال عليه من كل جانب. حقيقة لقد عرض بيان الحكومة الأوضاع الاقتصادية السيئة وكان الجنزوري صريحاً في التعبير عنها وعن كل المؤشرات السلبية خلال الفترة السابقة مع العناية بمحدودي الدخل وتقدير البعد الاجتماعي وكذلك المساكن والعشوائيات كما أشار إلي المشروعات ذات الأجل الطويل. والرجل لم ينس الملف الأمني ويدرك أن العنف موجود بالشارع والسرقات خاصة السيارات قد تجاوزت كل الخطوط والهاربون من السجون يمارسون النشاط ورغم شعورنا بأن البيان مخيب للآمال إلا أن الجانب الآخر يجعلنا ندرك أن مهمة الأمن صعبة وعودته تحتاج استراتيجية وضوابط تكفل منح رجل الأمن الصلاحيات لمواجهة البلطجية وأعمال النهب ولا يستطيع مزاولة مهمته دون صلاحيات تبعد عنه شبح الاحالة للقضاء. في نفس الوقت المعوقات التي تواجهها أي حكومة تجعلها تمضي في وضع حلول لها قد لا ترضي الجميع لكنه اجتهاد فإن أصاب فهذا ما نريده وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد. مشكلة السياحة علي سبيل المثال تحتاج صبراً وجهوداً وعملاً يواكب تأثرها بالأنشطة الاقتصادية والحلول تكاد تخنق أي مسئول. علي جانب آخر لا يجب أن نغفل أن الروتين يعشش في كل المصالح والهيئات ونحن أشبه ببيت تحاصره المشاكل من كل جانب والدكتور الجنزوري يعيش في قلب هذا المنزل منذ فترة جعلته يتعرف علي أدق التفاصيل ومختلف الحقائق مما يجعلنا نمنحه الفرصة الكافية لكي يستطيع وضع البرامج والخطط التي تحقق رغباتنا وتلبي طموحات المواطنين في شتي أنحاء مصر. ولعلنا ندرك أنه لو تم اختيار مسئول جديد فإنه سوف يحتاج لفترات طويلة ولن يكون مثل رجل لديه خبرة عن مشاكلنا ويزاول نشاطه بصورة تحقق آمالنا. صحيح المشاعر الوطنية تجعلنا جميعاً في سباق لإنهاء تراكمات وهموم تلاحق كل مواطن وهذه المشاعر يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا وبسعة صدر نقف بجوار الجنزوري نضع أمامه الأفكار والآراء ونساعده بواسطة الخبراء في شتي المجالات ثم نطالب بعد فترة ليست طويلة بأن يضع أمامنا تصوراً كاملاً لكافة القضايا وبرامجه قصيرة الأجل والتي تسعي لإنهاء حالة الانفلات الأمني وعودة الهيبة لرجل الشرطة وكذلك الخطوط طويلة الأجل بالمشروعات العملاقة مثل توشكي وسيناء واستصلاح الأراضي والخروج من الوادي الضيق. وجذب الاستثمارات وتشجيع السياحة وإزالة كافة المعوقات التي تعترض تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع والمواد الغذائية. كلنا نرحب بالنقد ويشغلنا بنفس الدرجة والاهتمام حل المشاكل الملحة التي يعاني منها المواطن. لكن أعباء المرحلة تتطلب تضافر الجهود والوقوف بجانب رئيس الحكومة الذي يعمل بوطنية ولا يضيق بالنقد ويتقبل كل المقترحات بهدوء وصبر ليتنا نستفيد من خبرة الرجل وكفاحه من أجل عمل وطني وجميعنا لا ينكر أن الحكومة مجتهدة وتسعي بكل جهد لحل المشاكل العاجلة ولا يخفي علينا الظروف الصعبة التي يعمل فيها الجهاز الحكومي وهناك أمور كثيرة نالت الرضا والفترة المتبقية قصيرة حتي انتخابات الرئاسة ولو استبدلنا حكومة الجنزوري فالفترة سوف تكون أطول والتراكمات سوف تتوالي فالتركة ثقيلة والمهمة الوطنية تحتاج للصبر والهدوء حتي نتجاوز المرحلة ونحن أكثر تفاؤلاً.